Share
  • Link copied

جمجمة “الرجل التنين” تربك شجرة العائلة البشرية

أعلن العلماء عن اكتشاف نوع بشري جديد أطلقوا عليه اسم “الرجل التنين” (Dragon Man). ولم تأت هذه التسمية لكونه ينفث النار أو يطير كالتنين الأسطوري، بل نظرا لاكتشاف أحفورية جمجمته في مدينة “هاربين” (Harbin City) الصينية، عاصمة مقاطعة ” هيلونغجيانغ” (Heilongjiang) والتي تعني “نهر التنين”. وقد مُنِح النوع البشري الجديد اسم “هومو لونغي” (Homo longi).

رحلة اختباء مثيرة

رغم أن هذه الجمجمة قد اكتشفت عام 1933، فإنها كانت مخبأة منذ ذلك الحين. إذ خبأها متعهد العمال الصيني عن أعين الغزاة اليابانيين ولم يسلمها إلى رئيسه الياباني حين اكتشفها. ولإخفائها تماما، قام بدفنها في بئر مهجورة بقيت فيها طيلة 85 عاما إلى أن أخبر أسرته بها قبل وفاته مباشرة.

وبالفعل عثرت الأسرة عليها عام 2018 وتبرعت بها لمتحف علوم الأرض التابع لجامعة “هيبي جيو” (Hebei GEO University) الصينية. وقد تُركت هذه الجمجمة دون أن يؤرخ لعمرها الدقيق أو للسلالة التي تنتمي إليها منذ اكتشافها.

وحديثا قام فريق دولي، يضم علماء من بريطانيا وأستراليا والصين، بسبر أغوار هذه الجمجمة. إذ أشارت 3 دراسات بحثية منفصلة عنيت بتلك الجمجمة، ونشرت في دورية “ذا إنوفيشن” (The Innovation) في 25 من يونيو/حزيران الماضي، إلى أن هذه الجمجمة هي الأقرب صلة إلى جنسنا البشري.

الأكثر اكتمالا

وبحسب تقرير نشره موقع “يوريك ألرت” (Eurek Alert)، يقول تشيانغ جي أستاذ علم الحفريات بجامعة “هيبي جيو” والمشارك بالدراسات الثلاث “أحفورة هاربين تعد واحدة من بين أكثر حفريات الجماجم البشرية اكتمالا في العالم”.

ويضيف “هذه الحفرية قد احتفظت بالكثير من التفاصيل الشكلية المهمة لفهم تطور جنس الإنسان ومعرفة أصل الإنسان العاقل (Homo sapiens)”.

ورغم أن هذه الجمجمة امتلكت بعض سمات الجماجم البشرية القديمة، فإنها تختلف عن جمجمة الإنسان العاقل الحديث.

فقد احتوت على تجاويف مربعة للعين وحواف سميكة للحواجب وفم أعرض وأسنان كبيرة. وكانت هذه الجمجمة أكبر كثيرا من جمجمة الإنسان العاقل أو أي نوع بشري آخر. غير أن حجم دماغ هذه الجمجمة يشبه حجم أدمغة جنسنا البشري.

وكان حجم الجمجمة جديرا بالملاحظة، إذ تُظهر -على ضخامتها- قدرة على حمل دماغ مماثل في الحجم لدماغ الإنسان الحديث.

وعن هذه سمات هذه الجمجمة يُعَقب جي قائلا إنها “تمتلك مزيجا من السمات البدائية والأخرى الخاصة بها التي تميزها عن جميع الأنواع البشرية الأخرى” الأمر الذي أدى إلى تصنيفها بأنها نوع جديد.

تحديد شجرة العائلة

وقد كشف التحليل الكيميائي للرواسب الموجودة بالجمجمة أنها تنتمي لرجل يبلغ 50 عاما، ولم يعرف سبب وفاته. ويعتقد العلماء أن هذا الرجل وقبيلته قد عاشوا في بيئة مليئة بالغابات والسهول. إذ يرون أن حياتهم كانت مشابهة لحياة الإنسان العاقل، وكانوا يصطادون الثدييات والطيور ويجمعون الفاكهة والخضراوات، وربما كانوا يصطادون الأسماك كما يذكر الفريق.

كما أظهرت الرواسب التي اكتُشفت فيها العينة إلى أنها ترجع إلى الحقبة البلاستوسينية الوسطى، أي للفترة من 800 ألف إلى 125 ألف سنة مضت. وقد أظهر تأريخ اليورانيوم الإشعاعي أن الجمجمة يرجع عمرها إلى 146 ألف سنة مضت.

وفي هذا الصدد يذكر كريس سترينجر عالم الأنثروبولوجيا القديمة في متحف التاريخ الطبيعي في لندن أنه “قد يكون هناك التقاء قد حدث بين أسلاف جنسنا البشري العاقل وبين إنسان لونغي. خاصة وأننا لا نعرف متى اختفت سلالة إنسان لونغي”.

ولطالما اعتقدت الدراسات المعنية بفهم أصول الجنس البشري أن إنسان نياندرتال (Homo neanderthalensis) هو الأقرب صلة إلى نوعنا البشري الحديث. غير أن هذا الاكتشاف يباعد بيننا وبين إنسان نياندرتال خطوة إضافية.

وبحسب التقرير الصحفي -الذي نشره موقع “ذا كونفرزيشن” (The Conversation)- فإن المقارنات التي عُقدت سابقا بين نوعنا وبين إنسان نياندرتال تصبح أقل أهمية لفهم السبب الذي مكننا من أن نكون على ما نحن عليه الآن كبشر عاقل.

وبالتالي، فإن هذه الجمجمة الجديدة تعيد رسم شجرة العائلة البشرية من جديد. إذ يقترح العلماء أن التمايز بيننا وبين إنسان نياندرتال ربما يكون أقدم بـ 400 ألف عام مما اعتقده العلماء سابقا.

Share
  • Link copied
المقال التالي