أضحت جائزة الحسن الثاني للغولف، منذ دورتها الأولى سنة 1971، تقليدا سنويا يستقطب أشهر المحترفين في العالم، الذين يستهويهم اكتشاف خبايا طبيعة المغرب الساحرة والاستمتاع بجودة مسالك أندية الغولف، التي باتت منتشرة عبر مختلف ربوع المملكة.
وقد ساهمت جائزة الحسن الثاني، بفضل ما تحظى به من تغطية إعلامية واسعة من قبل أشهر القنوات التلفزيونية العالمية، في إعطاء نفس جديد للسياحة الوطنية، حيث اختار بعض المستثمرين إقامة مشاريع مرتبطة بسياحة الغولف، عوض الاقتصار على الاستثمار في القطاع السياحي بصفة عامة، كما هو الشأن بالنسبة لمدن الجديدة ومراكش وأكادير والصويرة والسعيدية.
فبالرغم من أن تاريخ رياضة الغولف بالمغرب يرجع إلى أزيد من 100 سنة حيث ظهرت المسالك الأولى، لم تكن توجد بالمملكة غداة الحرب العالمية الثانية سوى ثلاثة مسالك للغولف بمراكش وطنجة والمحمدية، ثم مسلكين جديدين بالدار البيضاء أنفا والقنيطرة أنشأهما مجموعة من الجنود الأمريكيين الذين كانوا متواجدين بالمغرب في عز الحرب.
بيد أن رياضة الغولف لم تعرف نهضتها الحقيقية إلا في عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني. فبعد النجاح الذي شهدته الدورة الأولى لجائزة الحسن الثاني، عرفت مسالك الغولف بالمحمدية ومراكش عدة إصلاحات كما تم توسيع مسالك الغولف بطنجة التي أصبحت تتوفر على 18 حفرة وأحدثت أيضا مسالك جديدة وبالخصوص في المدن العتيقة كفاس ومكناس.
فضلا عن ذلك، عرفت الدار البيضاء وأكادير وسطات وبنسليمان والسعيدية وبوزنيقة والجديدة وغيرها من المدن المغربية ميلاد مسالك استقطبت العديد من ممارسي هذه الرياضة من المغاربة والأجانب.
وللارتقاء برياضة الغولف بالمغرب، تم سنة 2001 إحداث “جمعية جائزة الحسن الثاني للغولف” التي يرأسها صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، حيث ساهمت بشكل كبير في تطوير هذه الرياضة من خلال إحداث الدوري المغربي للمحترفين وكأس العرش وإنشاء الأكاديمية الملكية للغولف بمبادرة من النادي الملكي للغولف دار السلام.
وللغرض ذاته، تم إخلق شعبة “غولف ودراسة” التي تجمع بين التداريب والتمدرس، لفائدة المستفيدين، الذين ينحدرون في غالبيتهم من أوساط معوزة، وتوفير تكوين في جميع المهن المرتبطة برياضة الغولف.
كما تمكنت الجمعية منذ إحداثها من رفع العديد من التحديات، خاصة ما يتعلق بضمان استمرارية تنظيم هذا الموعد الرياضي، الذي يستقطب ممارسين وممارسات من مختلف بقاع العالم، والنهوض برياضة الغولف التي ما فتئت تتبوأ مكانة هامة على الصعيدين الوطني والعالمي.
وتعكس مختلف التظاهرات التي تعرفها مدن المملكة على مدار السنة بالملموس، المكانة التي أصبحت تحتلها رياضة الغولف بالمغرب على الصعيد الدولي، وسمعتها في هذا المجال، خاصة وأن عددا من ممارسي هذه الرياضة المغاربة تمكنوا من إبراز كفاءتهم في هذا النوع الرياضي، كما أن آخرين في طريقهم إلى التألق بفضل جهود هذه الجمعية.
ولم تقتصر جائزة الحسن الثاني منذ إحداثها على مشاركة المحترفين الأجانب، بل شهدت أيضا حضورا لافتا لمحترفين مغاربة أمثال موسى الفاطمي، الذي تألق منذ سنة 1972 من خلال فوزه بعدة ألقاب وطنية، ومحمد مقرون المحترف منذ سنة 1982، وبعدهما الجيل الموالي من اللاعبين أمثال محمد السايح ويونس الحساني وعبد الحق الصابي وفيصل السرغيني وغيرهم.
كما ولجت المرأة المغربية عالم الغولف منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، في شخص اللاعبتين الهاويتين مليكة الدمناتي وزبيدة الهلالي اللتين أحرزتا على التوالي البطولة الوطنية للهواة الدرجة الأولى بفئتيها سنة 1986، ومهدتا بذلك الطريق لبروز لاعبات ينافسن نظيراتهن من الممارسات الأجنبيات، ومن بينهن للا سمية الوزاني ومنية أمالو السايح، ثم بعدهن مها الحديوي وإيناس لقلالش وانتصار الريش، وغيرهن من الجيل الصاعد.
وستقام الدورة الـ49 لجائزة الحسن الثاني في الفترة ما بين 3 و8 فبراير المقبل بالنادي الملكي للغولف دار السلام بالرباط، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وستعرف الدورة الحالية مشاركة 66 لاعبا ينتمون إلى 12 بلدا، من بينهم 11 لاعبا سبق لهم الفوز بلقب إحدى البطولات الكبرى وأحرزوا 16 لقبا من البطولات الأربع الكبرى.
كما تشهد قائمة اللاعبين المشاركين حضور أربعة أعضاء من قاعة مشاهير الغولف العالمية وهم الأسكتلندي، كولن مونتغمري، الفائز بجائزة الحسن الثاني سنة 1997 والإسباني خوسي ماريا أولازابال، الفائز مرتين ببطولة الأساتذة (الماسترز)، وريتيف جوسن، حامل لقب بطولة الولايات المتحدة الأمريكية المفتوحة مرتين، والجنوب إفريقي، إيرني إلس، المتوج في الرباط بلقب دورة 2008، فضلا عن حاملي لقبي الدورتين الأخيرتين، الكندي ،ستيفن أميس (دورة 2023) والأرجنتيني، ريكاردو جونزاليس (دورة 2024).
تعليقات الزوار ( 0 )