شن أعضاء بحزب الأصالة والمعاصرة، من بينهم قياديون، هجوما على الأمين العام للحزب عبد اللطيف وهبي، محملينه مسؤولية ما سموه “الانحرافات السياسية التي يوقع عليها”، معلنين رفض أي تطبيع سياسي مع حزب العدالة والتنمية. وفي بيان وقع عليه 45 شخصا من أعضاء وقياديي الحزب بمناسبة الذكرى الـ12 لتأسيسه، توصلت “بناصا” بنسخة منه، صرحوا بأنهم متبرؤون من بيان أمينهم العام الذي قدم فيه الاعتذار عن أخطاء الحزب الماضية.
ووصف الأعضاء الموقعون على البيان، خطوة وهبي بأنها “تفتقد لأي أساس سياسي أو مشروعية مؤسساتية، وتترجم نزوعات ذاتية لا تحترم مقررات وتوجهات الحزب، طالما أن المؤتمر الوطني الرابع لم يسفر عن أي مقررات سياسية تشرعن مبادرات من هذا النوع”.
وحفز البيان أيضا كافة الأعضاء إلى الالتفاف حول المشروع السياسي للحزب، والتعبئة المستمرة من أجل التصدي لهذه الانحرافات التي “تسيء للخيارات السياسية للحزب ولموقعه في المشهد السياسي الوطني” حسب قوله وأفاد ذات المصدر أن البيان “لم يكن عبثا”، مضيفين بالقول إنه “ليس من قبيل الصدفة العابرة أو النوستالجيا الحالمة أن نعيد التذكير بالرهانات التأسيسية لنواة المشروع السياسي الذي أطلقته حركة لكل الديمقراطيين”.
وأضاف الأعضاء المحتجون أن المشروع المنتقد من الأمين العام أحدث حسب قولهم حينها “دينامية حقيقية في المشهد السياسي ببلادنا”.
وأردفوا قائلين “إننا اليوم بقدر ما نستحضر كل هذه الرهانات التاريخية ، بقدر ما نتوقف عند مجمل الأعطاب التي واكبت هذه التجربة، وما صاحبها من اختلالات أفضت عمليا إلى تعطيل جزء كبير من رهانات الحزب ووظائفه، وتكريس مسلكيات غير نزيهة أعادت إنتاج ممارسات حزبية عتيقة أثرت بشكل سيء على صورة الحزب وأدائه السياسي ، وتموقعه في المشهد السياسي الوطني، ناهيك عما لحقه من تحريفية شوهت هويته التأسيسية والنضالية”.
وزاد البيان ذاته معتبرا أن المرحلة الراهنة التي يجتازها الحزب بعد مؤتمره الوطني الرابع “تجر معها جزءا كبيرا من هذه الاختلالات، وتشهد على وقائع وممارسات غير ديمقراطية تضر بمستقبل الحزب، وتعطل عمليا كل إمكانات النهوض بأدواره المفترضة في المشهد السياسي، مع ما يستتبع ذلك من نزيف داخلي وإشعاع جماهيري”.
وأشار الموقعون إلى أنه “من باب المسؤولية الملقاة على عاتقنا بسط مواقفنا بشكل واضح، وفي مقدمة ذلك، الإقرار الصريح بأن الخلاف اليوم داخل الحزب، في جزء كبير من تفاصيله، يرتبط في الجوهر بهوية المشروع السياسي الذي ننتمي إليه، وبطبيعة الأدوار التي ينبغي أن يضطلع بها في سياق وطني يؤشر على تحولات جوهرية في طبيعة الحركيات الاجتماعية والأنساق الثقافية ومنظومات القيم”.
وقال الموقعون في بيانهم إن تصريح وهبي جاء في ظل ما سموه “ميزان سياسي يشهد على تراجع القوى الديمقراطية، ونزوع قوى الإسلام السياسي إلى الاستفراد بالمجتمع، وتسللها الممنهج إلى دواليب الدولة والإدارة، مما يعمق لدينا المخاوف المشروعة بعدم الثقة في مسارات العملية السياسية، وعدم الاطمئنان على مستقبل الاختيار الديمقراطي ببلادنا”.
وأكد على أن أي مصالحة حقيقية ينبغي أن تنطلق من إعادة الاعتبار للمشروع السياسي للحزب بوصفه تنظيما سياسيا أعلن تخندقه ضمن قوى الصف الحداثي الديمقراطي، ومشروعيته قائمة على مجموع التراكمات المنجزة والمكتسبات المتحققة بفضل نضالات الجيل المؤسس وكل الفاعلين الحزبيين أيا كان موقعهم ومسؤولياتهم”.
البيان تابع مضيفا أن “التطبيع الحقيقي ينبغي أن يكون بين مناضلات ومناضلي الحزب لا سترجاع مكانته الاعتبارية في الحقل السياسي المغربي، أما الترويج لما يسميه البعض بـ”أخطاء الماضي” أو التطبيع مع خصم سياسي فهو تبرير واهم، و”تكتيك” لا يخدم في النهاية إلا الحزب الأغلبي الذي لم يتردد في الماضي إلى الدعوة لحل الأصالة والمعاصرة، كما لا يتردد اليوم بنعته بأبشع وأحط النعوت أمام صمت من يوجد اليوم في قيادة الحزب.
واسترسل البيان في القول إنه “إذا كان من اعتذار ينبغي أن تقدمه “قيادة” الحزب فهو الاعتذار عن تعطيل مؤسسات الحزب وتحويلها إلى وكالات خاصة في يد بعض الأشخاص، والمس بقواعد الشرعية الديمقراطية، وتحريف النظامين الأساسي والداخلي، والتلاعب بتشكيلة وتركيبة المجلس الوطني، والاعتذار أيضا عن التحريفية التي لحقت مشروعه السياسي، ومست بنضالاته و أدبياته، وتضحيات كل الأجيال التي ساهمت في انتزاع مشروعية تواجده في الحقل السياسي”.
واعتبر الموقعون على البيان أن “من ينسى اليوم دروس الماضي، عليه ألا يصاب بعمي الحاضر بحثا عن تموقعات فجة أو ذيلية مصلحية، كما أنه من غير المقبول المس برموز الحزب، أو التشكيك في مشروعه لكي يؤسس البعض لنفسه “مشروعية خاصة” على حساب تاريخ الحزب”، وفق تعبيرهم.
وكان الأمين العام للبام عبد اللطيف وهبي قال أمس السبت، إن حزبه يملك كامل الشجاعة في الاعتراف بأخطائه، وإن كانت هناك أخطاء، معتبرا أن هذا “خلق اجتماعي وسياسي من شيم الأقوياء، وسلوك حضاري وفضيلة لا يلتقط فلسفتها إلا الكبار، أما الأقزام ذوو النفوس الصغيرة، فسيظل الحقد والضغينة من سماتها”، وفق قوله. وأوضح وهبي في نداء وجهه إلى أعضاء حزبه، بمناسبة الذكرى الثانية عشر لتأسيس حزب “الجرار”، أن علاقة البام اتسمت في السابق مع باقي الأحزاب الوطنية بالكثير من التوتر والتشنج.
تعليقات الزوار ( 0 )