Share
  • Link copied

“ثورة عمّال” ضد الشّركات.. بلدة بني تجيت تعيش على صفيح ساخن بسبب أعمال تخريب ونهب واستيلاء على المناجم

تعيش بلدة بني تجيت على صفيح ساخن، بسبب ما أسمته مصادر محلية بـ”ثورة العمال” ضد الشركات، والتي انطلقت باحتجاجات قبل أن تتحول إلى أعمال عنف وتخريب للممتلكات الخاصة.

وشهدت البلدة الواقعة في أقصى جنوب الجهة الشرقية، بإقليم فجيج، مؤخرا، قيام العشرات من الأشخاص المُلثّمين، بمهاجمة المنجم الرئيسي في جبل “بوضهر”، وتخريب الممتلكات التابعة للشركة المُستغلة.

“كرة الثّلج”.. تقليص عدد العمّال يتحول إلى “انفلات أمنيّ”

وكشفت مصادر محلية لجريدة “بناصا”، أن تفاصيل القضية بدأت قبل حوالي 4 أشهر، بعد تقليص عدد عمال الشركة المسؤولة عن المناجم، بسبب إجبارها على تسجيل كافة المشتغلين في “CNSS”.

وحسب مصادر الجريدة، فإن الشركة، قامت بمنح تعويضات هزيلة للعمال الذين طردتهم (ومنهم من اشتغل في الشركة لحوالي 20 سنة)، لا تتجاوز في أفضل الأحوال، 10 آلاف درهم.

هذا الأمر، لم يعجب العمال المطرودين، الأمر الذي دفعهم لتشكيل تكتل، من أجل الاحتجاج، قبل أن تتطور الأحداث لاحقا، بسبب وفاة عامل منجمي، دون الحصول على أي تعويض، بذريعة أنه كان يشتغل في منجم عشوائي.

عائلة المتوفى رفضت السكوت عن ما تسميه بـ”حق” الراحل، وقامت بالالتحاق بتكتل العمال المطرودين، الذي واصل استقطاب الأشخاص المتضررين، ليصل عدد المنضوين تحت لوائه في ظرف وجيز، إلى أكثر من 150 شخصا.

ووفق مصادر الجريدة، فإن “التكتل العمالي”، توجه بعدها إلى المنجم العشوائي الذي توفي فيه الشخص، واستولى عليه، ليبدأ العمال في الاشتغال فيه، واستمر الوضع على حاله في الشهور الموالية.

وأفادت مصادر “بناصا”، أن الأمور ظلت على هذا الحال، حيث كان يشتغل العمال المعنيون في المنجم، إضافة إلى العشرات من العمال الآخرين الذين قدموا من القرى المجاورة لبني تجيت.

وصل عدد العمال في المنجم المذكور، وفق مصادر الجريدة، إلى حوالي 700 شخص، ليقوموا بعدها بالاستيلاء على مناجم جديدة في المنطقة، كانت تستغلها الشركة، بسبب عدم توفر الأخيرة على أي رخصة استغلال.

وليلة أمس، قام العمال بالاستيلاء على منجم جديد تابع لأحد الشخصيات النافذة في المنطقة، فيما لجأوا إلى تخريب المنجم الرئيسي في جبل “بوضهر”، وتكسير وتهشيم الممتلكات الخاصة به.

وبناء على المعطيات نفسها التي كشفتها مصادر محلية لـ”بناصا”، فإن السلطات حاولت التدخل لتهدئة الأوضاع، حيث طلبت إجراء حوار مع العمال الغاضبين، لتدعوهم إلى الانسحاب من المناجم التي تستغلها الشركة.

62 سنة من الفوضى..

ووعد العمال السلطات، بالانسحاب في حال إظهار رخص استغلال المناجم من قبل الشركة، وهو ما لم تستطع السلطات تنفيذه، بسبب غياب الرخص، حسب مصادر “بناصا”، ليقول العمال، إن “الشركة ظلت تشتغل في “الفوضى” لـ 62 سنة، وبالتالي فإنهم سيشتغلون هم أيضا بشكل عشوائي وبدون رخص”.

وفي سياق ذي صلة، أكد شهود عيان لـ”بناصا”، أن مجموعة من الأشخاص، هاجموا شاحنة كبيرة محملة بالمعدن المستخرج من أحد المناجم، كانت تتجه إلى الدار البيضاء، لبيع البضاعة، وقاموا بمنعها من خروج البلدة، والاعتدء بعنف على السائق، الذي نُقل إلى المستشفى الإقليمي بالرشيدية في حالة خطيرة.

وتطورات الأحداث خلال الأسبوع الأخير، حسب مصادر الجريدة من بلدة بني تجيت، لتشمل استيلاء العمال على منجم آخر، وهذه المرة مُرخّص، وكانت تستغله إحدى الشركات، بسبب توقيف تعاملاتها معهم، ما منعهم من بيع معدني الزنك والرصاص المستخرجين من المناجم التي يستغلونها.

احتجاج الصناع المنجميين المتضرّرين.. ومطالب حقوقية بتدخل السلطات

ودفعت أعمال النهب والسرقة والتخريب، الصناع المنجميين المتضررين، بالمنجم الرئيسي بجبل “بوضهر”، (منجم الوسط)، إلى الاحتجاج أمام دائرة بني تجيت، لمطالبة السلطات المحلية، وعبرها الإقليمية والجهوية والوطنية، بالتدخل من أجل منع استمرار ما يوصف في المنطقة بـ”الانفلات الأمني”.

ومن جانبه، قال الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، إنه يتابع منذ أيام، بـ”قلق واستغراب شديدين، ما وصلت إليه البلدة من انفلات أمني بمناجم جبل بوضهر “الوسط””، مضيفةً أنه “تم الاعتداء على الممتلكات الخاصة، وسرقة منتوج الرصاص والزنك وتخريب المعدات والآليات وسرقتها”.

وتابعت، أن هذا العمل العدواني، أصبح “يتزايد يوما بعد يوم أمام مرئ ومسمع السلطات؛ لم تسلم منه حتى الحيوانات”، مستهجناً هذه الفوضى، ومحملاً المسؤولية الكاملة، لـ”السلطة المحلية والإقليمية والوطنية على هذا الانفلات الأمني الذي تعرفه بعض مناجم جبل بوضهر، والذي يلحق أضرارا بممتلكات الأفراد”.

وأعرب الفرع المحلي للجمعية الحقوقية نفسها، عن “استغرابه الشديد للحياد وإعطاء الظهر لكل ما يقع في البلدة، عكس حصار وقمع احتجاجات القوى الحية المدافعة عن حقو الإنسان”، متسائلاً عن “ماهية الطرف الذي تخدمه الفوضى؟”، ومطالباً السلطات الإقليمية، بـ”التدخل العاجل من أجل إرجاع الأمور إلى نصابها”.

ودعت الهيئة الحقوقية نفسها، “المسؤولين الوطنيين والجهويين والإقليميين والمحليين إلى إطلاق سياسية تنموية حقيقية من أجل ضمان الحقوق الساسية لساكنة البلدة والمواطنين المهجرين من المناطق المجاورة (تالسينت، بوعنان، كرامة…)، هروبا من الفقر والهشاشة والأوبئة”.

واستهجنت “كل الأصوات الهدامة التي تعيد البلدة وساكنتها إلى عصور السيبة وضرب تاريخ النضال السلمي بالمنطقة”، منبهةً إلى خطورة التطورات الأخيرة، و”انعكاساتها المقبلة على مستقبل المنطقة وساكنتها”، قبل أن تؤكد على “ضرورة إخراج المنطقة من حالة التهميش والركود المقصود والقيام بإجراءات من أجل ضمان العيش الكريم لساكنتها المتزايدة يوم بعد آخر”.

نقابة العمّال تُرجع “السلوك غير المقبول” إلى انتشار البطالة وغياب التنمية

من جهته، أرجع الاتحاد المغربي للشغل، نقابة الصناع والعمال المنجميين منطقة كاديطاف – بني تجيت -، هذا السلوك الذي وصفه بـ”غير المقبول”، إلى “الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها المنطقة نتيجة انتشار البطالة في صفوف شبابها وغياب أي استراتيجية تنموية حقيقية من طرف المسؤولين محليا وإقليميا ووطنيا”.

وقالت نقابة الصناع والعمال المنجميين منطقة كاديطاف بني تجيت، في بلاغ لها، إنها تتابع بـ”قلق شديد”، ما يقع بإحدى المناجم المعدنية بجبل بوضهر (منجم الوسط)، من سرقة للمنتوج المعدني وتخريب المعدات الخاصة من طرف مجموعة من الأفراد”.

وبالرغم من استعراض النقابة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، لأسباب هذا السلوك، حسبها، إلا أنها شددت على أن ما حدث “غير مبرر بأي حال من الأحوال، ولا يمكن قبوله”، مبرزةً أن سرقة الممتلكات العامة أو الخاصة، تعد جريمة يعاقب عليها القانون وتضر بالمجتمع ككل”.

وناشدت النقابة نفسها، “الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وفتح تحقيق في هذا الحادث لضمان محاسبة المسؤولين عن هذا السلوك المرفوض”، مطالبةً بـ”تعزيز الجهود المبذولة لدعم الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة والعمل على تحسين ظروفهم المعيشية لصون كرامتهم ولتجنب مثل هذه الأحداث المشينة”، وداعية السلطات إلى “التدخل الفوري واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان حماية ممتلكات أصحاب المنجم، وحقوق العمال والعاملات”.

Share
  • Link copied
المقال التالي