Share
  • Link copied

تقرير: تدهور العلاقات مع المغرب قد يكون بداية لعزلة دولة الإمارات

يجب الانتباه إلى أن الأمر يتعلق في العلاقات المغربية الإماراتية، بسحب للسفير المغربي من أبوظبي مادام أن كل الطاقم الكبير في السفارة قد عاد للمغرب، ولا يمكن الوقوف في تحليل هذا الحدث عند التفسير البسيط الذي يقول بأن الأمر ناتج عن عدم وجود سفير إماراتي في الرباط، فالمغرب لا يتعامل بردود الأفعال كما هو معهود في الدبلوماسية المغربية، لأن هناك حالات كثيرة ظلت فيها سفارات دول تدار في المغرب من طرف قائمين بالأعمال ولم يعمد المغرب فيها إلى هذا النوع من الإجراءات، الشيء الذي يعني  وجود خلافات سياسية كبيرة بين المغرب وابوظبي.

المغرب يرفض حصار قطر ووساطة جديدة بين السعودية وقطر في الطريق

أولها، موقف المغرب من الأزمة الخليجية وحصار قطر، فالمغرب مد يده لقطر لخلق نوع من التوزان حفاظا على منظومة الخليج الذي تجمعه بها علاقات تاريخية، فلا يمكن للمغرب الذي ألقى ملكه خطاب الرياض في أبريل 2016 يحذر فيه من مخاطر قادمة للمنطقة أن يأتي في سنة 2017 ويصطف وراء الإمارات في قرارها بحصار قطر، فأبوظبي كانت تعتقد  أن المغرب يقبل الاصطفاف الذي تريده الإمارات ضد قطر، وظل المغرب يحافظ على علاقاته بقطر، بل إنه أعلن مساندتها ودعمها مؤخرا أمنيا في إدارة مجريات كأس العالم، لذلك يبدو أن هذا التقارب المغربي القطري ظل يُزعج دولة الإمارات، وهذا ما يفسر في مرات متعددة  استعمال دولة الإمارات العربية المتحدة قناة العربية الموجودة في ابوظبي ضد السيادة المغربية في أقاليمه الجنوبية ،وأحيانا أخرى استعمال قناة أبوظبي الرسمية نفسها.

  ويبدو أيضا أن  مؤشر عمق الخلاف واضح من خلال  زيارة المستشار الملكي فؤاد علي الهمة الأخيرة  للسعودية وقطر دون الوصول الى الإمارات، وهي مسألة فيها إشارات كبيرة ،لأن المغرب بدأ يحاول القيام بوساطة جديدة ثنائية بين السعودية وقطر ،الدولتان اللتان من الممكن أن  يحدث بينهما التقارب من جديد في اية لحظة، وهو ما يزعج سلطات أبوظبي، وتنظر بنوع من الانزعاج للدور المغربي في هذا التقارب. 

آبوظبي دفعت حفتر للتمرد على اتفاق الصخيرات والسعودية تحل محل الإمارات في ليبيا

  ثاني هذه الخلافات يتمثل في الأزمة الليبية، فالإمارات هي من وقف ضد اتفاق الصخيرات الذي بات الليبيون يطلبونه اليوم مجددا، ذلك أن اللواء المتقاعد خليفة حفتر تمرد على الاتفاق بدعم من أبوظبي، الشيء أوصل ليبيا إلى وضعية حرب أهلية اليوم، ويبدو أن المغرب بات يجمع من جديد الفرقاء الليبيين وينسق مع مجموعة أطراف عربية مختلفة حول الأزمة الليبية منها قطر ومصر والسعودية، فالرياض بدأ دورها يتزايد في ليبيا بعد دخول الاتراك، وقد تكون في طور الحلول محل الإمارات.

دولة الإمارات لا تستوعب قواعد اللعبة الانتخابية في المغرب وتونس

 وثالث هذه الخلافات، حول الإسلاميين في شمال إفريقيا، فالمغرب يقود حكومته حزب إسلامي الذي هو العدالة والتنمية، إسلامي مغربي جاء عن طريق صناديق الاقتراع، وهي المسألة التي لا يستوعبها الإماراتيون والمتمثلة في أن المغرب وتونس تدار فيهما قواعد اللعبة الانتخابية بطريقة ديمقراطية ، ولايمكن للمغرب أن يسمح لأية دولة بالتدخل أو التأثير في مساره الانتخابي أو السياسي، ولعل أحد مظاهر الخلاف برزت مع الحديث عن وجود شبكة إعلامية يقودها إماراتيون لهم علاقة بسفارة بلادهم في الرباط  كانوا يحاولون التأثير في المشهد الإعلامي السياسي بالمغرب.

“مغاربة القدافي“ يدفعون بالإمارات نحو غرب إفريقيا: المجال الروحي للمغرب

   رابع هذه الخلافات حول ما تقوم به مؤسسات محسوبة عن الإمارات بحجة الإسلام مكافحة التطرف العنيف في غرب أفريقيا، فالإمارات تريد الوصول إلى مجال أمني روحي  مغربي بامتياز نظرا لعمق العلاقات التاريخية والروحية مع هذه الدول، والخطير أن هذه المنظمات الإماراتية يقودها مغاربة كانوا مستشارين عند القذافي، أو ما يطلق عليهم بـ”مغاربة القذافي “ الذين يورطون الإمارات في غرب إفريقيا.

  ووسط هذه الخلافات، تُثار استفهامات كبيرة حول القاعدة العسكرية التي أنشأتها دولة الإمارات العربية المتحدة شمال موريتانيا وحول طلب سلطات أبوظبي على تدبير الموانئ والمطارات في موريتانيا التي بدأت في نهاية ولاية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، فليس طبيعيا أن تنتقل دولة الإمارات العربية المتحدة من أقصى منطقة الخليج إلى تحت أرجل شمال إفريقيا، فالقراءات الجيوسياسية والجيوـأمنية تُشير إلى أن شيئا ما يرتب في هذه المنطقة.

  وإذا كانت هذه الخلافات كبيرة، فإن المغرب  الذي ظل متمسكا بعلاقاته مع دول الخليج كافة، توجد أمامه خيارات كبيرة وهو في طور إعادة بناء تحالفاته، وستكون دولة الإمارات العربية هي الخاسر من تدهور العلاقات وتعميق الخلافات، لأن الإمارات العربية المتحدة قد تكون قد دخلت مرحلة بداية عزلة لازالت لم تستشعرها بعد.

*مدير المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني

Share
  • Link copied
المقال التالي