تتميز إفريقيا بتنوع ثقافي وتاريخي غني ينعكس بوضوح على فن العمارة فيها، حيث تقدم القارة للزائرين رحلة معمارية فريدة، بدءًا من الأهرامات القديمة في مصر وصولاً إلى المساجد الملونة في المغرب.
وتستحق العمارة الإفريقية التقييم لأسباب عديدة، أهمها التأثير المميز للمناخ والثقافة على تصميم المباني، ومن الأمثلة الرئيسية على ذلك استخدام الحجر في المنشآت القديمة والحديثة على حد سواء، وذلك لقوته ومتانته، وتاريخيًا، تراعي العمارة الإفريقية التقليدية الاحتياجات الخاصة لسكان المنطقة.
في أحدث تقرير نشره موقع “إنسايدر مونكي” (Insider Monkey) الأمريكي المتخصص في إعداد التصنيفات والتحليلات المالية، تصدر المغرب قائمة تضم 10 بلدان تتميز بعمارة ساحرة في أفريقيا، متبوعا بكل من تونس وجنوب أفريقيا وتانزانيا والجزائر وموريتانيا وغيرها من الدول الأفريقية.
وأُجريت دراسة حول هذا الموضوع في عام 2021 من قبل باربرا فيديرا، أستاذة العمارة بجامعة فروتسواف للتكنولوجيا في بولندا، وأشارت الدراسة إلى أن 60-70% من سكان المنازل التقليدية شعروا بالراحة الحرارية خلال فصل الصيف، بينما لم يتجاوز عدد من شعر بالراحة في “المنازل العصرية” 20%.
أما في المواسم الباردة، بحسب الخبيرة ذاتها، فقد أفاد 90% من سكان المنازل التقليدية بالراحة مقابل 50% فقط ممن يعيشون في المساكن الحديثة.
وحددت الدراسة أربعة أنماط للبيوت التقليدية تشترك في ميزات متشابهة عبر العديد من البلدان الأفريقية. ومن بين الاستراتيجيات التي ساعدت في تنظيم درجة الحرارة داخل هذه المساكن نجد: جدران سميكة من الطوب اللبن لتجميع الحرارة، وأبواب صغيرة وندرة النوافذ لمنع دخول الحرارة إلى المنزل، وأسقف من القش المستدام توفر حماية كافية من المطر.
وتصدر المغرب قائمة الدول التي تتميز بأفضل عمارة في إفريقيا، حيث بلغ عدد السياح الوافدين إليها عام 2022 حوالي 10.87 مليون سائح.
وتستلهم العمارة المغربية بشكل كبير من التصاميم الإسلامية، لذلك نجد المباني مليئة بالنقوش الهندسية المزخرفة والأقواس المنحنية والتشكيلات الخشبية الرائعة، وهو ما يفسر هذا الإقبال السياحي الكبير.
المباني المعمارية الهامة في إفريقيا
وتضم إفريقيا العديد من البلدان التي تحتضن أفضل نماذج العمارة في العالم، يتجلى ذلك من خلال المباني الشهيرة على نطاق واسع.
وفي عام 2021، أوردت شبكة BBC تقريرًا عن أمثلة للعمارة الإفريقية المميزة، وذلك ضمن سلسلة من سبعة مجلدات بعنوان “عمارة إفريقيا جنوب الصحراء: دليل معماري”.
ومن بين الأمثلة المذكورة ضريح قصر المبيمبي في أوغندا، والذي بني عام 1882، ويُعد الضريح مقبرة لأفراد العائلة المالكة لب ganda، ما يجعله موقعًا مهمًا للسكان المحليين. ويشير الدليل إلى أن الجزء الداخلي صُمم ليُشبه غابة مقدسة، ويعلوه 52 حلقة دائرية، تمثل كل حلقة واحدة من بين 52 عشيرة بغنا في المنطقة.
وبما أن البناء يسبق استخدام المواد الحديثة، فقد اعتمدت المقابر بشكل كبير على مواد تقليدية مثل حشيش الرمح وأعمدة خشبية وقصب. وفي عام 2001، أعلنت اليونسكو عن إدراج المقابر ضمن مواقع التراث العالمي التابعة لها.
وفي عام 2010، تسبب حريق في تدمير كبير للموقع، وبعد ذلك أضافته اليونسكو إلى قائمة مواقع التراث العالمي المهددة بالخطر. وأُزيلت ضريح قصر المبيمبي من قائمة الخطر في عام 2023. وفقًا لتقرير صادر عن TRT أفريقيا، يستقبل الضريح حوالي 30 ألف زائر سنويًا.
وسلط تقرير BBC الضوء أيضًا على مسجد جين الكبير في مالي، والذي بني في القرن الثالث عشر. وفقًا للدليل، يعتبر هذا المسجد، الذي يبلغ ارتفاعه 52 قدمًا، أكبر مبنى مبني من الطين في العالم.
وأُنجز البناء باستخدام الطوب المصنوع من التراب المجفف بالشمس مع طبقة من الجص إلى جانب الرمال وقذائف الهاون الترابية. وفي عام 1988، اعترفت اليونسكو بالمنطقة بأكملها التي تضم مدن جين القديمة كموقع من مواقع التراث العالمي لديها.
وأُضيف الموقع إلى قائمة مواقع التراث العالمي المهددة بالخطر في عام 2016، ولا يزال مدرجًا فيها حتى اليوم. وكانت عوامل مثل الاضطرابات المدنية وقضايا الإسكان وإدارة الأراضي تؤثر على الموقع في عام 2016.
تعليقات الزوار ( 0 )