شارك المقال
  • تم النسخ

تسريبات تورّط الإمارات مع روسيا في مؤامرة ضد الاستخبارات الأمريكية والبريطانية

كشف تقرير نشرته وكالة “أسوسيتدبرس” لنعمان ميرتشانت وإلين كينكماير وجون غرامبل أن الوثائق السرية المسربة كشفت عن مزاعم عملاء روس سريين بإقامة علاقات جديدة مع الإمارات العربية المتحدة.

وجاء في التقرير أن الجواسيس الأمريكيين سجلوا كلاما لضباط استخبارات روس وهم يتفاخرون بأنهم أقنعوا دولة الإمارات “بالعمل معا ضد وكالات الاستخبارات الأمريكية والبريطانية”، وذلك حسب الوثائق السرية المزعومة التي نشرت كجزء من الاختراق التجسسي الأمريكي الكبير. ورفض المسؤولون الأمريكيون التعليق على الوثيقة التي حملت وسم “سري للغاية” واطلعت عليها الوكالة الإخبارية. ورفضت الحكومة الإماراتية يوم الإثنين أي اتهام بأن الإمارات وطدت علاقاتها مع الاستخبارات الروسية وقالت إنه “عار عن الصحة تماما”.

إلا أن الولايات المتحدة لديها مخاوف متزايدة من سماح الإمارات لروسيا والروس لكي يتحايلوا على العقوبات التي فرضتها وحلفاؤها عليهم بسبب غزو أوكرانيا.

وتحتوي الوثيقة التي اطلعت عليها وكالة “أسوسيتدبرس” على معلومة بنيت على بحث من 9 مارس وبعنوان “روسيا/ الإمارات علاقات استخباراتية تتعمق”، ولكن المسؤولين الأمريكيين امتنعوا عن تأكيد صحة الوثيقة والتي لم تكن الوكالة قادرة على التثبت من صحتها، مع أنها تشبه بقية الوثائق التي نشرت كجزء من التسريب الأخير. وأعلنت وزارة العدل عن تحقيق في التسريبات لوثائق من البنتاغون ظهرت في الأيام الماضية على عدة منصات للتواصل الاجتماعي.

وتحتوي في معظمها على خطط وتفاصيل المساعدة الأمريكية والناتو لأوكرانيا وتقييمات المخابرات الأمريكية لمواقف حلفائها بشكل قد يؤدي إلى توتير العلاقات مع هذه الدول.

ويرى المسؤولون الأمريكيون أن بعض الوثائق عدلت لكي توائم حملات التضليل الروسية، فيما حذر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جوني كيربي يوم الإثنين قائلا “نظرا لمعرفتنا، على الأقل في بعض الحالات تمت فبركة المعلومات”. وحسب الوثيقة التي اطلعت عليها الوكالة فإنها تشير لفدرالية الخدمات السرية (أف أس بي) والتي خلفت وكالة كي جي بي من العهد السوفييتي “في منتصف يناير زعم مسؤولون في أف أس بي أن مسؤولي المخابرات الإماراتية وافقوا على العمل معا ضد الاستخبارات الأمريكية والبريطانية وبناء على استخبارات الإشارة الجديدة التي تم اكتسابها”. وتعني هنا الاتصالات التي تم التنصت عليها من خلال المكالمات الهاتفية أو الرسائل الإلكترونية.

واستنتج التقييم الاستخباراتي الأمريكي الوارد في الوثيقة أن “الإمارات ربما نظرت للتعاون مع المخابرات الروسية كفرصة لتقوية العلاقات بين أبو ظبي وموسكو وتنويع الشراكات الاستخباراتية وسط القلق من فك الولايات المتحدة ارتباطها بالمنطقة”.

ولا تشير وثيقة الإمارات- روسيا إلى اتفاق أو إن كان يقصد من مزاعم المخبرين في أف أس بي هو التضليل قصدا أو عن غير قصد. ولكن المسؤولين الأمريكيين يتحدثون عن زيادة في تعاملات الإمارات وروسيا. وتحدثت مساعدة وزيرة الخزانة، إليزابيث روزنبيرغ في مارس أن الإمارات هي “بلد تحت النظر”، وقالت إن الشركات هناك تساعد روسيا على تجنب العقوبات الدولية والحصول على أشباه الموصلات بقيمة 5 ملايين دولار وتصدير قطع غيار خاضعة للرقابة، بما فيها مكونات تستخدم في ميدان المعركة.

وربطت المخابرات الأمريكية في الفترة الأخيرة وجود علاقة محتملة بين الإمارات ومجموعة المرتزقة فاغنر المرتبطة بالكرملين ولها دور فاعل في أوكرانيا ودول أفريقية. وفي عام 2020، قيمت وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية أن “الإمارات العربية المتحدة ربما قدمت بعض الدعم لعمليات الجماعة”.

وبحسب أندرياس كريغ، الأستاذ المشارك في كينغز كوليج لندن فالإمارات هي “أهم شريك استراتيجي لروسيا في الشرق الأوسط وأفريقيا”. وعقد مدير الاستخبارات الخارجية الروسي سيرغي ناريشكين محادثات مكثفة مع الإماراتيين في دبي عام 2020. وتشترك روسيا والإمارات في النظرة لعدد من النزاعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في وقت تقوت العلاقات بين البلدين بتدفق الروس إلى الإمارات بعد الغزو، كما يقول كريستيان أورلشيسن، الخبير بالشرق الأوسط بجامعة رايس، مشيرا إلى وثيقة العلاقات الاستخباراتية والتعاون ضد المخابرات الأمريكية والبريطانية بأنها “مثيرة للدهشة”. ونقلت الوكالة عن مسؤول أمريكي قوله إن الولايات المتحدة قلقة من تدفق المال في سوق العقارات بدبي.

وفي تشرين أكتوبر أعلن مدعون فدراليون في نيويورك عن اتهامات ضد رجلين من روسيا يقيمان في دبي إلى جانب آخرين بتهمة سرقة التكنولوجيا العسكرية من شركات أمريكية وتهريب ملايين البراميل من النفط وغسل عشرات الملايين من الدولارات لأوليغارش من النخبة المقربة لفلاديمير بوتين. وأشار أحد المدعين إلى واحد من الروس المقيمين في دبي والذي أكد لشركائه “لا تقلقوا” من استخدام مؤسسة مالية في الإمارات لإتمام العقود “هذا أسوأ بنك في الإمارات” و”يدفعون لكل شيء”.

ورفضت الإمارات المزاعم الواردة في الوثيقة وأنها عارية عن الصحة تماما و”نرفض التهم المتعلقة باتفاق لتعميق العمليات بين الإمارات العربية المتحدة ووكالات أمنية لدول أخرى”. وأكد البيان انفتاح الإمارات وعلاقاتها المتميزة وشركاتها وبناء الجسور مع كل الدول والعمل على خدمة المصالح المشتركة للدول والشعوب لتحقيق الأمن والسلام العالمي.

ويأتي التسريب وسط تحولات في السياسة الخارجية الإماراتية حيث أعاد المسؤولون الإماراتيون معايرتها بعد سلسلة من الهجمات التي نسبت لإيران وقام بها حلفاؤها الحوثيون عام 2022. وبعد الخروج الفوضوي من أفغانستان توصلت الإمارات لتقارب مع إيران، في وقت لا تزال القوات الأمريكية في الإمارات بقاعدة الظفرة، فيما يظل ميناء جبل علي من أهم الموانئ لرسو البحرية الأمريكية خارج المياه القارية للولايات المتحدة. ولا تزال الإمارات واحدة من القلة التي تسير رحلات يومية ومباشرة إلى روسيا بعد الغزو لأوكرانيا.

(القدس العربي)

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي