Share
  • Link copied

تآكل دور الجزائر في منطقة الساحل: كيف فقد نظام العسكر نفوذه الإقليمي في ظل التحولات الجيوسياسية المتسارعة؟

في أعقاب انسحاب العملية العسكرية الفرنسية “برخان” من منطقة الساحل، تواجه الجزائر تحديات جيوسياسية متزايدة على حدودها الجنوبية، حيث تسعى دول الساحل إلى التحرر من النفوذ الجزائري التقليدي.

ووفقًا لتقرير نشرته جريدة “لوموند” الفرنسية، فإن تصاعد النزاعات في شمال مالي، وخاصة مع تشكيل “جبهة تحرير أزواد” (FLA)، يعكس تحولات إقليمية عميقة تهدد الدور الذي لعبته الجزائر لسنوات كوسيط رئيسي في المنطقة.

صعود حركات التمرد في أزواد

وفي 30 نوفمبر 2024، أعلنت جماعات مسلحة طارقية في شمال مالي عن اندماجها في حركة جديدة تحت اسم “جبهة تحرير أزواد”، وهو الاسم الذي يطلقه سكان المنطقة على شمال مالي.

وهذا الإعلان، الذي تم من بلدة تين زاواتين الحدودية مع الجزائر، يمثل تصعيدًا جديدًا في الصراع الذي يشهده الإقليم منذ سنوات.

وقد ردت الحكومة المالية، المدعومة من مرتزقة مجموعة فاغنر الروسية، بعنف على هذه التحركات، حيث قامت بضربة جوية عبر طائرة مسيرة تركية أسفرت عن مقتل ثمانية قادة من المتمردين الطوارق.

ومع ذلك، تمكنت جبهة تحرير أزواد من إلحاق هزيمة كبيرة بالقوات المالية والمرتزقة الروس في 27 يوليو، مما أدى إلى مقتل 47 جنديًا ماليًا و84 روسيًا وفقًا لتقارير المتمردين.

الجزائر بين الوساطة وتراجع النفوذ

وتشعر الجزائر بقلق بالغ إزاء هذه التطورات، خاصة مع عودة الحرب إلى حدودها الجنوبية. لطالما لعبت الجزائر دورًا محوريًا في النزاعات في منطقة الساحل، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربطها بجيرانها: موريتانيا (460 كم)، مالي (1300 كم)، النيجر (950 كم)، وليبيا (980 كم). ومع ذلك، يبدو أن نفوذها يتآكل في ظل تصاعد التوترات وبروز لاعبين جدد مثل روسيا وتركيا.

وفي الماضي، كانت الجزائر تُعتبر قوة إقليمية رئيسية، مستمدة هيبتها من تاريخها الثوري ودورها في حركة عدم الانحياز خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

لكن اليوم، يبدو أن هذا النفوذ يتضاءل أمام التحديات الجديدة، بما في ذلك صعود الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، بالإضافة إلى تنامي الدور الروسي في المنطقة عبر مجموعات مثل فاغنر.

التحديات الجيوسياسية

وتشير صحيفة “لوموند” إلى أن الجزائر تواجه حاليًا تحديًا مزدوجًا: من ناحية، تراجع قدرتها على التأثير في الأحداث الإقليمية، ومن ناحية أخرى، تزايد عدم الاستقرار على حدودها الجنوبية.

فبينما كانت الجزائر تلعب دور الوسيط في اتفاقية السلام الموقعة في الجزائر عام 2015، فإن صعود المجلس العسكري الحاكم في مالي بقيادة أسيمي غويتا منذ عام 2020 أعاد إشعال الصراع في شمال مالي.

كما أن التدخلات الخارجية، خاصة من روسيا وتركيا، تضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى المشهد الإقليمي. ففي حين توفر روسيا الدعم العسكري للحكومة المالية عبر مرتزقة فاغنر، تقوم تركيا بتزويد مالي بالطائرات المسيرة التي تستخدمها في ضرباتها ضد المتمردين.

مستقبل الدور الجزائري

وفي ظل هذه التحديات، يتساءل المراقبون عن قدرة الجزائر على استعادة دورها كوسيط إقليمي. فبينما لا تزال الجزائر تمتلك أوراقًا قوية، مثل شبكة علاقاتها الدبلوماسية وقدراتها الأمنية، فإنها تحتاج إلى إعادة تقييم استراتيجيتها في منطقة تشهد تحولات سريعة.

وأشار التقرير الفرنسي، إلى أن الجزائر تجد نفسها اليوم في مفترق طرق، حيث تواجه تراجعًا في نفوذها التقليدي في منطقة الساحل في ظل صعود لاعبين جدد وتصاعد النزاعات المحلية.

Share
  • Link copied
المقال التالي