Share
  • Link copied

بعد شهرين من حملة “سهام الشمال”… ارتفاع ألسنة النار بين إسرائيل و”حزب الله” مع تزايد احتمالات وقفها

في مثل هذا اليوم من سبتمبر الماضي، شنّت إسرائيل حملتها العسكرية على لبنان “سهام الشمال”، فهل يكون اليوم الثلاثاء حاسماً من ناحية وقف النار؟

تبدو كل الأطراف المتداخلة معنية بوقف النار كلٌّ لأسبابه وحساباته، وهذا يفسّر الأجواء المتفائلة بقرب وقف الحرب على الجبهة اللبنانية في الولايات المتحدة وإسرائيل ولبنان.

وذهبت الإذاعة العبرية العامة، صباح اليوم، للبحث عن سبب آخر للتفاؤل بوقف الحرب في استذكار حقيقة الزيارة التاريخية للسادات للقدس المحتلة، في 19 نوفمبر 1977، فهل تنجح مساعي عاموس هوكشتاين، الذي وصل لبنان اليوم.

في سياق الحديث عن التوقيت، يتصاعد تبادل التراشق بالنار بين إسرائيل و”حزب الله”، مع تصاعد التقارير الإعلامية عن تقلّص الفجوات في المواقف، وعن قرب إحراز اتفاق يوقف الحرب على الجبهة اللبنانية.

للوهلة الأولى تبدو الصورة متناقضة، لكن من المرجح أن هناك علاقة سببية بين التصعيد في الميدان وارتفاع منسوب التفاؤل بوقف النار، فهذه محاولات تقليدية ومتكرّرة، حيث يسعى كلٌّ من طرفي النزاع لتحسين فحوى الاتفاق من ناحية مصالحه، إلى جانب الصراع على الصورة النهائية لهذه المواجهة، فالطرفان يريدان صورة انتصار: إسرائيل تواصل هدم أبراج في الضاحية وبيروت (أكثر من 200 برج، مقابل 20 برجاً في حرب لبنان الثانية)، و”حزب الله” يواصل إدخال ملايين الإسرائيليين للملاجئ، واستهداف حيفا، وتل أبيب الكبرى، وربما تكفي مشاهد ألسنة اللهب داخل أحد أحياء ومدينة رمات غان، شرق تل أبيب، ليلة البارحة.
هكذا حصل في نهايات حرب لبنان الثانية، حيث أمر وزير الأمن الإسرائيلي، وقتذاك عمير بيرتس، برفع راية إسرائيلية على أحد أسقف بيوت بلدة بنت جبيل في الجنوب اللبناني، وتفانى “حزب الله” في إفشال العملية، ونجح بقتل وإصابة الجنود ومنعهم من مبتغاهم.

هكذا عادة يحصل في الحروب، خاصة في عصر الثورة المعلوماتية الرقمية، وفي ظل الاهتمام بالمعركة على الوعي نتيجة عدم وجود حسم في الميدان تزداد قيمة المشهدية، ومفاعيل الصورة الأخيرة.

زيارة حاسمة

ووصل هوكشتاين بيروت اليوم، بعد ترددّ وتقارير عن تأجيل زيارته، لرغبته بالتثبّت من نجاح مهمته، تحاشياً للمزيد من الحرج، بعد سلسلة إخفاقات منيت بها الإدارة الأمريكية في إحراز تهدئة أو وقف للنار أو صفقة تبادل.

وطبقاً لمصادر إسرائيلية أيضاً، فإن اتصالات متتالية بين مسؤولين لبنانين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وبين طاقم ترامب، سبقت زيارة هوكشتاين اليوم للتثبّت من مدى جدية ونوايا المساعي، منوهة لوجود مخاوف لبنانية من مناورات تقوم بها إدارة بايدن تهدف إلى تكريس الأزمة، ودحرجة كرة النار لملعب الإدارة الجديدة.

تمتد مسودة الاتفاق على خمس صفحات، تشمل 12 بنداً، في صلبها “حق الدفاع عن النفس”، الذي تهدف إسرائيل فيه للحصول على شرعية لكل عملية مستقبلية ضد “حزب الله” ولبنان.

طبقاً لمصادر إسرائيلية أيضاً، تقضي مسودة الاتفاق، الذي يستند على القرار 1701، بفترة اختبار لـ 60 يوماً، يتم خلالها تطبيق بنوده، ومنها انسحاب قوات “حزب الله” لشمال الليطاني، منع تهريب السلاح، وانسحاب قوات الاحتلال من جنوب لبنان، حيث يفترض أن تدخل قوات أممية وجيش لبنان.

كما يقضي الاتفاق المتداول ببناء جهاز رقابة وتطبيق للاتفاق، بمشاركة قوات بريطانية وألمانية وفرنسية، علاوة على قوات الأمم المتحدة وجيش لبنان.

في جعبة هوكشتاين، هذه المرة، وسيلة للتغلّب على البند الخلافي الجوهري الذي تحتفظ به إسرائيل بـ “حرية الحركة” والتدخّل العسكري، في حال انتهك “حزب الله” الاتفاق من ناحية انتشار قواته جنوب الليطاني، ومواصلة تسليح نفسه. إسرائيل تعلّل البند الأخير، الذي ينتهك سيادة لبنان، وينطوي على نوع من الإصبع الإسرائيلي في العين اللبنانية، بالقول إنه دفاع عن النفس.

بيد أنه من غير المستبعد أن تبدي إسرائيل ليونةً وقبولاً لصياغة جديدة لهذا البند، والتنازل عن هذا النصّ الفظّ، والرهان على القوة العسكرية، وشن الهجمات على لبنان كلما رغبت ذلك فعلياً، وهي تستند في ذلك على مذكّرة ضمانات أمريكية تمنحها الضوء الأخضر بالتدخل العسكري لـ “منع الانتهاكات”، دون الرجوع لجهة لبنانية رسمية أو جهات دولية.

وقد أشار لذلك رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو في الكنيست، بقوله إنه مع الاحترام للورق نحن نتحرّك ونقوم بما يجب حفاظاً على أمننا”.

وعلى ما يبدو، تعتمد حكومة الاحتلال على هذا الضوء الأخضر من قبل الإدارة الأمريكية الحالية والإدارة الجديدة، ما يرفع من احتمالات تقدمها نحو وقف الحرب على لبنان لاعتبارات وضغوط داخلية وخارجية أيضاً دون التعنّت على بند في اتفاق من المرجح جداً ألا يحترم مستقبلاً، كما حصل في القرار 1701.

أربع نقاط اختبار للاتفاق

وفي سياق الحديث عن الاهتمام الإسرائيلي بما يجري في الميدان، وعمّا ستقوم به عسكرياً على الأرض أكثر بكثير مما سيتضمنه الاتفاق، يرى رئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، القائد السابق للاستخبارات العسكرية الجنرال في الاحتياط تامير هايمان، أن المشكلة ليست في اتفاق 1701، بل في تطبيقه.

في حديث للقناة 12 العبرية، قال هايمان، أمس، إنه لم يُنجَز اتفاق بعد، وربما تكون أزمات في الطريق له حول النقطتين الخلافيتين، ومن جهة أخرى جيّد التوصل قريباً، لأن ما يقوم به الجيش الآن مهم جداً واستثنائي، وتوسيعات الجيش في الجنوب حيوية جداً لضمان أمن وعودة الإسرائيليين النازحين، وفي ذات الوقت نحن نصل للحظة نكون فيها قد استنفدنا أنفسنا، ولذا نحن ملزمون بدفع الاتفاق في هذا التزامن مع المكاسب الميدانية.

وقال هايمان إن الامتحان هو ما سنفعله على الأرض، وما هي النقاط التي نصمّم عليها، لافتاً لوجود أربع نقاط اختبار مركزية الاتفاق:

“كل تواجد عسكري لـ “حزب الله” على الحدود، من دوريات، وأبراج مراقبة، وثكنات عسكرية، وغيرها من الأمور في جنوب الليطاني، التي أصابت الإسرائيليين بالجنون، وزرعت الخوف فيهم. والسؤال من سيقوم بمنع كل ذلك؟ الجيش؟

النقطة الثانية: هي تعاظم “حزب الله”، فإيران لن تتنازل عنه، وستسعى لتسليحه وترميمه، وبالأساس من خلال تهريب السلاح له عبر سوريا، والسؤال كيف نتصرّف نحن هناك؟

النقطة الثالثة: في شمال الليطاني، هل يقيم “حزب الله” هناك مستودعات عسكرية، ومصانع سلاح، ومقرّات قيادة؟ والسؤال؛ ماذا نفعل نحن بذلك؟

والنقطة الرابعة والأهم: كيف نطبق الاتفاق، فالاتفاق الأسبق المبني على 1701 هو اتفاق ممتاز، لكن المشكلة أنه لم يطبّق، ومن أجل تطبيقه علينا الاعتماد على أنفسنا بالرقابة، وعلى سبيل المثال؛ هل نحتفظ بحق إرسال طائرات تصوير لسماء لبنان؟ هذا سؤال، لأنه للوهلة الأولى هذا انتهاك لسادة لبنان.

والأمر الأهم هو سياسات تفعيل القوة، فالنازحون الإسرائيليون يعودون لبيوتهم فقط عندما يكون الجيش الإسرائيلي هو في نهاية المطاف من يقوم بالتطبيق وليس جهاز رقابة وتطبيق يعمل بطريقة معقّدة، وربما يمكن الاعتماد عليه وربما لا.

وربما يؤثّر ذلك على بقية المحور، خاصة القوات الشيعية في العراق، التي رجعت تهدد باستئناف إطلاق النار علينا”.

وفي ظل المداولات تحت النار، وبالنار، وتزامناً مع التقارير المتفائلة، تنقل الإذاعة العبرية عن مصادر أمريكية في البيت الأبيض قولها إن احتمالات نجاح مهمة هوكشتاين متوسطة، وهي، في لهجتها، ترش الماء البارد على الحماسة المنبعثة من تقييمات تتحدث عن قرب نهاية الحرب.

حالياً تتواصل عملية التراشق بين “حزب الله” وإسرائيل. وفي الأمس، أصابت صواريخه منطقة شرقي حيفا، وتسبّبت بمقتل سيدة، وإصابة عشرة في شفاعمرو العربية، فيما أصاب صاروخ آخر مدينة رمات غان اليهودية، وأصاب خمسة إسرائيليين، منهم سيدة بجراح صعبة، وسط دمار كبير في الموقعين.

Share
  • Link copied
المقال التالي