Share
  • Link copied

بعد سنة من اعتماد “استبدال الواردات”.. ما الذي حققه برنامج “صنع في المغرب”؟

بمدينة الدار البيضاء، يرأس سعد بناني (47 سنة) شركة “سكايتيس” الخاصة المتخصصة في قطاع النسيج منذ سنة 2005، وحين بلغ إلى علمه إطلاق الحكومة المغربية لبنك مشاريع في إطار خطة وطنية لاستبدال الواردات بالصناعات المحلية في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، فكر في توسيع نشاط شركته والانفتاح على مجال تطريز نسيج المفروشات بآلات متخصصة، وبعد قبول ملفه أطلق وحدة صناعية هي الأولى من نوعها في المجال، بعد أن كان معظم نسيج المفروشات المطرز يستورد من الصين وتركيا.

وبعد سنة من إطلاق خطة إحلال الواردات، ماذا تحقق منها؟ وكيف تواصل الحكومة الجديدة برنامج “صنع في المغرب” لتعزيز الصناعة المحلية المغربية وتحقيق الأمن في قطاعات أساسية؟ وما مدى قدرة النسيج الصناعي المغربي على تحقيق أهداف خطة إحلال الواردات؟

استمرارية و دعم

دعمت خطة استبدال الواردات مشروع سعد بناني بنحو 30% من قيمة استثماره، تمت الموافقة عليها منذ انطلاق بنك المشاريع السنة الماضية عبر الإنترنت، وهو اليوم واحد من نحو 700 مشروع لتعويض الواردات عبر الصناعة المحلية بوسم “صنع في المغرب”.

وتواصل الحكومة الجديدة دعم برنامج “صنع في المغرب” لتعزيز الصناعات المحلية، وتعويض الواردات، ويرمي البرنامج، حسب الوزير الجديد، إلى استبدال 45 مليار درهم من قيمة الواردات، وتصدير ما قيمته 50 مليارا.

وأعلن وزير الصناعة والتجارة رياض مزور أن رقم معاملات المشاريع في إطار الخطة يبلغ نحو 80 مليار درهم، ويتوقع أن تمكن المشاريع الموافق عليها من إحداث أزيد من 130 ألف منصب شغل.

وكانت الوزارة في وقت سابق قد قامت بتحليل للواردات وجرد لائحة أولية ببعض المواد والمنتجات التي يمكن تصنيعها محليا في ضوء المهن الصناعية الوطنية والقدرة والكفاءات الوطنية، وحددت مجموعة من الفرص الاستثمارية التي يمكن للمصنّعين ورواد الأعمال الاستثمار فيها من أصل 183 مليار درهم (نحو 20 مليار دولار) تستورد سنويا، تم تحديد 34 مليار درهم (3.7 مليارات دولار) قابلة للاستبدال.

في الطريق

باشر 70% من حاملي المشاريع إنجاز مشاريعهم، حسب وزير الصناعة. وفي حديث مع الجزيرة نت، يؤكد سعد بناني أن توقيع اتفاقية من أجل المواكبة مع وزارة الصناعة منح فرصة لتطوير المنتوج المغربي، وقال “أنجزنا 95% من المشروع، وشغلنا عمالا جددا، نحن في الطريق”.

ويقول الخبير الاقتصادي لحسن حداد -في حديث مع الجزيرة نت- إن خطة استبدال الواردات عبر دعم الصناعة المحلية قرار سياسي مهم يستحق الاستثمار فيه.

ويرى المستشار الاقتصادي الدولي أن استبدال الواردات عملية معقدة جدا، يستلزمها كثير من العمل، وتتطلب التحكم في جزء كبير من سلاسل القيمة.

بدوره، يرى المحلل الاقتصادي إدريس الفينة -في حديث مع الجزيرة نت- أن استبدال الواردات بصناعة محلية ليس سهلا، وليس كلاما للتسويق الإعلامي وحسب، وقال إن استبدال الواردات ممكن في المستوى الذي يمكن أن يتحمله مستوى التكنولوجيا التي يتوفر عليها البلد، واستشهد الفينة بنجاح تركيا كمثال لبلد تمكنت الصناعة المحلية فيه من تحمل بعض الواردات.

صناعة وطنية منافسة

يقترح لحسن حداد دعم جميع سلاسل الإنتاج، عبر اعتماد صندوق خاص لدعم المواد الأولية، ودعم الآلة الصناعية المستعملة، وأدوات الإنتاج، ودعم التسويق والتصدير من أجل تقليل الكلفة التي تعدّ محددا أساسيا في التنافسية.

ويقول لحسن حداد “في حالة اعتماد دعم سلاسل الإنتاج كاملة يمكن أن نضع أسس صناعة وطنية منافسة”.

من جانبه، يرى الفينة أن المغرب لديه إمكانات كبيرة للتصنيع، لكن تلزمه إستراتيجية واضحة المعالم وخطة متكاملة تستوجب حماية الصناعة المحلية ونقل التكنولوجيا وضمان السوق الداخلية، عبر دعم مباشر وغير مباشر.

وخلص الفينة إلى أن التحدي اليوم هو إيجاد مقاولة منافسة تمكن من رفع مستوى الصادرات، في ظل عجز بنيوي للميزان التجاري.

يذكر أنه رغم تحقيق قيمة صادرات المغرب في الأشهر الثمانية من السنة الجارية ما يناهز 201 مليار درهم، شاملة نمو صادرات قطاع الفوسفات ومشتقاته وقطاعي السيارات والنسيج والجلد، فإن العجز التجاري للمغرب بلغ نحو 136 مليار درهم، بسبب تسجيل الواردات 337 مليار درهم في نهاية أغسطس/آب المنصرم (الدولار يساوي 8.9 دراهم مغربية).

في السياق ذاته، يرى لحسن حداد أن سياسة استبدال الواردات ما زالت في بدايتها وتتطلب وقتا حتى تظهر نتائجها على الميزان التجاري، معتبرا أن المغرب لديه خبرة تتجاوز 90 سنة، ولنسيجه الإنتاجي والصناعي من القدرة ما يؤهله لإنجاح هذه الورش.

المصدر: الجزيرة

Share
  • Link copied
المقال التالي