بتعليق لا أخلاقي على نتيجة المباراة الأخيرة بين المنتخبين الشقيقين، والذي وصفت فيه إحدى الصحف الجزائرية المغرب ب”جار السوء”، يُكمل الخطاب الإعلامي الجزائري ما بدأه نظيره السياسي في حملته الشرسة ضد المملكة، ويلتحق به في الحضيض.
وعلى عكس الأماني التي كانت تطمح في أن يتحلى إعلام الجزائر ببعض من الفطنة والشجاعة، ويعكس من خلال منابره إرادة الشعب الجزائري الذي كان وما يزال يرى المغرب بلدا شقيقا والمغاربة إخوة لا أعداء، ركب سفينة النظام حتى صار من النادر جدا، أن يمر يوم ولا يتطرق بالسوء للمغرب وأخباره.
ووصول الخطاب الإعلامي الجزائري للحضيض لم يأت مرة واحدة ولا بدون سوابق، بل تراكمت سقطاته وهفواته المقصودتان، والتي اتخذت منحى متوازيا لما كان يمشي على أثره نظام عبد المجيد تبون، فما أن يصدُر بلاغ من الرئاسة الجزائرية حتى تستتبعه بلاغات أخرى مصدرها الإعلام.
وتأكيدا لهذا، أوضح المحلل السياسي محمد الشرقاوي، أن تردّي الخطاب الجزائري إعلاميا قد زاد إزاء المغرب منذ قرار المجلس الأعلى للأمن في الجزائر العاصمة القاضي بفرض قطيعة دبلوماسية على الفور مع المغرب، وأن قاموس الصحافة الجزائرية قد تغير، حيث بدأ باستخدام عبارة “جار السوء” بشكل متواتر، كما جاء في منشورات صحيفة “النهار”، أو من قبيل “الخطايا التسع لجار السوء” في صحيفة “الجزائر الجديدة”، ومجلة “الجيش”، وذلك في غياب أي رقيب لغوي أو حسيب سياسي.
وتابع المحلل السياسي نفسه عبر تدوينة نشرها على حسابه الشخصي” لا يجد المرء في بلاد مثل الجزائر مسافة تفصل بين سرديات الخطاب الإعلامي وتوجيهات الخطاب السياسي، وثمة تواز ملحوظ في تدهور هذين الخطابين منذ بداية العام ليس في شيطنة المغرب فحسب، بل وأيضا في الاستخفاف والتحقير لعدد من مؤسساته ورموزه الوطنية، وأخيرا في تلويث السرديات حول منافسات كأس العرب”.
وفي السياق ذاته، أشار الشرقاوي إلى أن الخطاب المغربي في بعديه السياسي والإعلامي لم ينجرف نحو تركيب عدائية مضادة، أو إلى رد الصاع صاعين، ومثاله تصريح رئيس الحكومة المغربية السابق سعد الدين العثماني بأن “المغرب ينظر إلى المصالح العليا للشعوب المغاربية عموما وللشعبين المغربي والجزائري على وجه الخصوص، وآسَفُ كثيرا لهذا التطور الأخير ونتمنى أن نتجاوزه في القريب إن شاء الله”.
كما اعتبر المحلل السياسي ذاته أنه لا يستوي منطق المقارنة بين خطاب المسؤولين الجزائريين عند وصف المغرب بأنه “العدو الكلاسيكي”، و”البلد المحتل”، و”الدولة الراعية للإرهاب” في الخطاب الرسمي الجزائري مقابل توخي نظيره المغربي العفة السياسية وتلجيم لغة المرحلة بوصف الجزائر بأنها “البلد الجار والشقيق الذي لن يأتيه من المغرب سوى الخير.
يُشار فقط إلى أنه وبالرغم من الروح الرياضية العالية التي طبعت مباراة المنتخبين المغربي والجزائري، سواء من قبل اللاعبين أو من قبل المشجعين، إلا أن عددا من المنابر الإعلامية الجزائرية استغلت المناسبة وضمنت صفحاتها عناوينا عدائية لا تعكس الأخوة الكائنة بين شعبي البلدين.
ادا نطق الجاهل فتجهاله واترك الكلاب تنبح والمغرب الحبيب في القلب