شارك المقال
  • تم النسخ

بعد الضجّة الأخيرة.. هل بالفعل هناك مناطق “أصلية” لزراعة نبتة الكيف في المغرب؟

بالموازاة مع النقاش المفتوح في المغرب بخصوص مقترح مشروع القانون الذي ينص على تقنين زراعة القنب الهندي، والذي صادق عليه المجلس الحكومي في انتظار مروره من غرفتي البرلمان، أسس مجموعة من الفاعلين الجمعويين والمدنيين والسياسيية تنسيقية من أجل الدفاع عما أسمه مصالح “المناطق الأصلية للكيف”.

وقالت تنسيقية المناطق الأصلية للكيف، إن قرار تأسيس الأخيرة، يأتي بغيةَ “مواكبة مقترح مشروع قانون 13.21 بالمجلس التشريعي، والترافع عليه من أجل مصلحة المزارعين البسطاء الذين يعنيهم هذا القانون بالمناطق التاريخية”، مضيفةً أنها طرحت مشروع القانون للنقاش مع المزارعين وأبناء المزارعين والفاعلين الجمعويين والمدنيين بهذه المناطق.

ورحبت التنسيقية، في بيانها الأول، بالقانون، شريطة أن “يحصر في المناطق التاريخية بإقليمي الحسيمة وشفشاون وأن يصاحب بتدابير في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والحقوقية مع ساطنة المناطق التاريخية”، داعيةً إلى “العفو الشامل عن المزارعين ورد الاعتبار بقوة القانون لمزارعي الكيف المتابعين بعقوبات زجرية، ومحو السجل العدلي من هذه العقوبات ومنح هذه الفئة حسن السيرة”.

وطالب المصدر بـ”تصفية مشاكل الوعاء العقاري مع المياه والغابات والتحفيظ الجماعي والمجاني للأملاك القروية الواقعة في المناطق الأصلية لزراعة الكيف وخلق محميات طبيعية ومنتزهات للسياحة الجبلية والقروية”، منبهةً إلى ضرورة “توطين مراكز الإنتاج والتحويل بالمناطق التاريخية وتأهيل للبيئة التحتية بمراكز الجماعات الترابية لهذه المناطق”.

ودعت إلى “إحداث مقر الوكالة بجهة الشمال بدل الرباط وفتح مكاتب تمثيلية في مقر الجماعات بالمناطق التاريخية”، و”تعزيز دور التعاونيات لتصبح شريك فعلي ومحوري في الورش عبر إعطائها اختصاصات المشاركة في التحويل والتثمين”، إلى جانب “المصادقة على نموذج تنموي محلي طموح في إطار تعاقد مع الدولة لمدة عشرة سنوات وتأهيل المراكز الحضرية بالمناطق التاريخية”.

وحثت التنسيقية على “إحداث مراكز التكوين والإرشاد المهني للفلاحين والشباب ودعم التشغيل بفتح مراكز للمباريات الوظيفية بالمنطقة”، و”إنشاء مراكز معالجة المدمنين على المخدرات الصلبة وغيرها، وكذا مواكبة وتأهيل المدمنين من أجل إنقاذ أسر وابناء وزوجات تضيع بدون معيل”، حسب ما جاء في البيان.

وشددت على ضرورة “تحسين صورة المنطقة وساكنتها ورفع الحيف والتمييز عنها عبر برامج ثقافية، لرفع الوصم الاجتماعي الذي لحق سكان هذه المناطق، سواء في العلاقة مع سكان المناطق الأخرى أو مع موظفي الأمن ورجال الدرك الملكي”، مع “إعطاء تحفيزات ضريبية لتسهيل عملية الاستثمار في المنطقة في الفلاحة والسياحة والتفكير جديا في الترخيص للاستعمالات الترفيهية على غرار الدول الأخرى”.

واختتمت “تنسيقية المناطق الأصلية للكيف” بيانها، بالتأكيد على هذه الخطوة، تأتي بهدف “فتح نقاش حقيقي وحضاري حول هذا الملف، مع كل المؤسسات الحكومية المعنية وتأكيداً لرغبة الساكنة في الانخراط في هذا الورش الذي يهمهم بشكل مباشر”.

وأثارت خطوة تأسيس تنسيقية لما يسمى بـ”المناطق الأصلية للكيف”، الكثير من الجدل خصوصا في الأوساط المهتمة بنبتة القنب الهندي وتاريخها الطويل في المغرب، منذ دخولها إليه وإلى غاية اليوم، بشأن مدى صحة هذه الادعاءات التي تربط “الكيف” بمناطق محددة في البلاد دون غيرها، وعلى رأسها “كتامة”.

وفي هذا السياق، قال شريف أدرداك، رئيس جمعية أمازيغ صنهاجة الريف، والمهتم بملف الكيف، إن “الحقيقة العلمية المدعومة بالوثائق التاريخية تؤكد على أن القنب الهندي جاءنا عبر ثلاث طرق، عبر البحر الأبيض المتوسط عن طريق الفينيقيين، من المشرق بفضل الطرق الصوفية، ومن إفريقيا جنوب الصحراء عن طريق القوافل التجارية”.

وأضاف أدرداك، في تصريح لجريدة “بناصا”، أنه “قبل استعمار الجزائر كان منطقة قسنطينة معروفة بهذه الزراعة، لكن مع دخول الفرنسيين للجزائر تم منع زراعة القنب فبقي المغرب يتعاطى لهذه الزراعة التي كانت تقليدية ولا تحظى بأي قيمة اقتصادية”، مسترسلاً: “كان الكيف موجودا في مناطق مختلفة من الريف وجبالة والأطلس وسوس حيث كانت تنتشر أنواع مختلفة من الكيف”.

وأوضح أن أشهر هذه الأنواع، هي “العيسي (نسبة لدوار أيث عاكسي بكتامة) والكناوي والزروالي”، متابعاً: “غير أن الأهمية الاقتصادية والتجارية لهذه النبتة جعلت القوتين الاستعماريتين الفرنسية والإسبانية تخضعها للتقنين، فكان أول ظهير سلطاني (الحماية الفرنسية) سنة 1915، فيما استصدرت الحماية الإسبانية أول ظهير بهذا الخصوص سنة 1917”.

وأردف الفاعل الجمعوي نفسه، أنه “مباشرة بعد توقيع فرنسا لاتفاقية جنيف التي تحظر استعمال القنب سنة 1925، بدأت سلطات الحماية في التضييق على هذه الزراعة ومنعها في المنطقة السلطانية حيث أضحت منطقتي القنيطرة ومراكش الوحيدتين المسموح لهما بهذه الزراعة، فيما استصدرت الحماية الإسبانية ظهيرا سنة 1935، تحدد فيه مجال هذه الزراعة داخل تراب ثلاث قبائل هي كتامة، أيت سداث وبني خالد”.

واسترسل أدرداك أنه “بالرغم من هذه القوانين، استمرت عدة مناطق في زراعة الكيف للاستهلاك التقليدي المحلي، مما حذا بالسلطات الفرنسية لتجريم هذه الزراعة سنة 1954، عبر ظهير، لتسير حكومات مغرب الاستقلال في نفس التوجه حيث قررت تعميم هذا التجريم سنة 1960، لتعززه بظهير 1974”.

وأشار إلى أن “شهرة كتامة راجعة بالأساس إلى الحقبة الإسبانية التي كان خلالها مركز إساكن الحالي (وهو مركز قبيلة أيت سداث) يطلق عليه اسم كتامة، حيث تم إنشاء وحدة فندقية فخمة هناك كان يحج إليها السياح الإسبان، ثم الأوروبيون بعد الاستقلال”، منبهاً إلى أنه “حاليا، أضحت باب برد هي دينامو زراعة الكيف وشفشاون هي أمستردام المغرب”.

واختتم أدرداك تصريحه للجريدة، بالقول، إن “الكيف أضحى زراعة معيشية لمليون نسمة يتوزعون بين قبائل صنهاجة، وغمارا وجبالة، بل أضحت قبائل خارج هذا المجال تزرعه وهو ما يؤكد لنا بالملموس أن التحولات المجالية ضرورة تاريخية”.

جدير بالذكر أن مقترح مشروع قانون تقنين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، الذي تقدم به وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، والذي يهدف وفق تصريحات المسؤول الأخير، إلى “تحسين دخل المزارعين وحمايتهم من شبكات التهريب الدولي للمخدرات، وخلق فرص واعدة وقارة للشغل ومدرة للدخل”، لم يحدد إلى غاية الآن، الأقاليم المسموح لها بممارسة هذا النوع من الزراعة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي