شارك المقال
  • تم النسخ

بعد التأكيد على صلابة العلاقات مع المغرب.. هل تسحب موريتانيا الاعتراف بالبوليساريو؟

بعد أسابيع من التأجيل، حلّ إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وزير الخارجية الموريتاني، أخيراً، بالرباط، للقاء نظيره المغربي ناصر بوريطة، بغية تباحث عدد من القضايا المشتركة على المستوى الإقلييم، وتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، خصوصاً المتعلقة بالمجال الاقتصادي، وتشجيع الفاعلين في الميدان لتطويرها.

وقال ولد الشيخ أحمد، في تصريح لوسائل الإعلام على هامش زيارته للمغرب، إن العلاقات بين نواكشوط والرباط، “صلبة”، وعرفت “قفزة مهمة إلى الأمام خلال السنوات الأخيرة”، منبهاً إلى الطموح المتبادل من أجل تعزيزها “في مجال التبادلات التجارية والثقافية”، وهو نفس الموقف الذي أكده وزير الخارجية المغربي، حين وصف العلاقات الثنائية بـ”الممتازة”.

وعقب الزيارة التي قام بها وزير خارجية موريتانيا إلى المغرب، عاد، من جديد، موضوع إمكانية سحب الجارة الجنوبية لاعترافها بجبهة البوليساريو الانفصالية إلى الواجهة من جديد، سيما مع بروز مجموعة من الأصوات داخل موريتانيا، تطالب الرئاسة الحالية بضرورة مراجعة موقفها من النزاع المفتعل في الصحراء المغربية.

وفي قراءته للزيارة التي قام بها ولد الشيخ أحمد، إلى المغرب، قال أحمد محمد الأمين انداري، أستاذ العلوم السياسية ورئيس قسم القانون العام بجامعة العلوم الإسلامية بموريتانيا، إنها “جاءت في وقت يمكن القول إنه مثالي تماماً، لمجموعة من الأسباب، أهمها أن هذه العلاقات عرفت في الآونة الأخيرة، الكثير من اللغط والأخذ والرد بشأنها، خاصة بعد تأجيل هذه الزيارة في وقت سابق”.

وأضاف أحمد انداري، في تصريح أدلى به لجريدة “بناصا”، أنها هذه الزيارة جاءت في وقتها أيضا، نظرا لما أشيع في وقت سابق، من أن التأجيل الذي طرأ عليها سابقا تم “بطلب من المغرب، كنوع من الاحتجاج وعدم الرضا عن الموقف الموريتاني من قضية الصحراء، وما تلا ذلك من جدل أيضا تسببت فيه مستجدات موضوع لكويرة”.

وأوضح أن “الزيارة جاءت لتؤكد مدى متانة العلاقة بين البلدين، وأنها علاقة من نوع خاص، قد تمر بحالات من سوء الفهم أوالتوتر العابر ولكنها على المستوى السياسي تظل قوية ومتينة، كما أن هذه الزيارة يعول عليها كثيرا في تقريب وجهات النظر بين الطرفين بشأن مجموعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل القضية الفلسطينية، وقضية الهجرة غير النظامية، والإرهاب في منطقة الساحل وغيرها من المواضع”.

ومن جهة أخرى، يتابع انداري: “أعتقد أن هذه الزيارة ترتبط بها رهانات مختلفة بحسب حسابات كل من الطرفين وتوجهاته في الوقت الراهن، فبالنسبة لموريتانيا فإنها تهدف من خلال هذه الزيارة إلى تأكيد أهمية العلاقات مع المغرب بالنسبة لها، لاسيما وأنها علاقات تاريخية ترتبط بعمق موريتانيا الاستراتيجي”.

وأردف انداري، أن موريتانيا، تهدف من خلال الزيارة “إلى التنسيق مع المغرب بشأن موقف مغاربي موحد حول القضية الفلسطينية”، مشيراً ‘إلى أن نواكشوط سعت “في الآونة الأخيرة إلى التمهيد له، وهو الموقف الذي إن حصل فقد يكون سببا مباشرا في عودة الروح إلى الاتحاد المغاربي، وإحيائه من جديد كإطار مهم للتعاون بين البلدان المغاربية، والتنسيق فيما بينها على كافة الأصعدة”.

أما بالنسبة للمغرب، يقول انداري: “فإن هذه الزيارة تأتي في وقت تعيش فيه علاقاته مع إسبانيا جارته الشمالية واحدة من أسوء مراحلها، وبالتالي فإن المغرب الذي له علاقات متوترة من سنوات مع الجزائر، بسبب تداعيات قضية الصحراء، يريد تطوير علاقاته مع موريتانيا باعتبارها تشكل عمقه الاستراتيجي نحو الجنوب”.

وواصل المتخصص في العلاقات الدولية: “لاسيما وان المغرب سعى منذ سنوات إلى إحداث تغيير في سياسته الخارجية، باتجاه إعادة الاعتبار لإفريقيا باعتبارها تشكل أفقا مهماً لسياسته الخارجية ومختلف تحركاته الدولية، وغني عن البيان أن التوجه الإفريقي يتطلب بالضرورة إيلاء اعتبار أكبر للعلاقات مع موريتانيا نظرا لكونها تشكل بوابة المغرب إلى إفريقيا جنوب الصحراء”.

وبخصوص موقف نواكشوط من قضية الصحراء المغربية، استبعد انداري، أن تسحب موريتانيا اعترافها بجبهة البوليساريو على المدى القريب، وذلك لعدة عوامل، من بينها، يقول المتحدث: “أن النظام السياسي الموريتاني عندما يتعلق الأمر بسياسته المغاربية فإنه يميل إلى المحافظة أكثر من ما يميل إلى إحداث تغييرات جذرية”.

واختتم انداري، تصريحه للجريدة، بالتأكيد على أنه يعتقد أن “النظام الحالي لن يحاول سحب الاعتراف بقدر ما سيحاول الحفاظ على نفس هذا الموقف، موقف الحياد الإيجابي الذي ورثه عن الأنظمة السابقة، لاسيما وأن هذا الموقف من جهة أخرى يعد انعكاسا لتوازنات اجتماعية داخلية”، على حدّ تعبيره.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي