تعيش العلاقات المغربية الجزائرية، خلال الآونة الأخيرة على وقع ‘’ساخن’’ بفعل الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، من خلال التصريحات والبلاغات الرسمية التي تطلقها وسائل إعلام البلدين، خاصة في ظل الأحداث الأخيرة التي جعلت ‘’الصراع’’ يحتدم ورفعت مستوى اللغة الديبلوماسية، والتلويح بالحرب من طرف الجزائر في مقابل ‘’ترقب’’ مغربي، وتصريحات مؤكدة على عدم الرغبة في الدخول إلى حرب مباشرة مع الجارة الشرقية.
وتعد الأحداث التي شهدتها الصحراء المغربية، خلال الأشهر القليلة الماضية، وحرائق تيزي وزو(…)، من بين الأسباب التي اعتمدتها ‘’الجزائر’’ من أجل إتهام المغرب بشحن المنطقة، من خلال التأكيد على أن الأخير يساند حركة ‘’الماك’’ و’’رشاد’’ بالإضافة إلى تصريحات عمر هلال الممثل الدائم للمغرب بالأمم المتحدة، بخصوص منطقة ‘’القبايل’’، ومن جهته أكد المغرب على أنه بعيد كل البعد عن ما يتم الترويج له، من أخبار بهذا الخصوص، وذلك من خلال خطابات رسمية، دعا فيها الملك حكام الجزائر إلى إيجاد حلول لما تعيشه المنطقة من توثر.
القطيعة بين البلدين أزمة الأوضاع المغاربية
وأمام هذا الوضع، قال أحمد ولد انداري، الباحث الموريتاني في الدراسات القانونية والعلوم السياسية ‘’فيما يتعلق بهذه الأزمة التي تعرفها المنطقة حاليا، بسبب القطيعة الحاصلة بين قطبي الرحى فيها والأخوين اللدودين على المستوى السياسي المغرب والجزائر أريد أن أقول إنني كمواطن مغاربي حزين جدا لما آلت إليه أوضاع العلاقات بين البلدين من قطيعة تامة وتأزم على كافة المستويات’’.
مضيفا ‘’كيف لا والبلدان يجمع بينهما كل شيء تقريبا، من الجغرافيا إلى التاريخ مرورا بالدين وروابط الدم والقربى والجوار، وباقي المشتركات الاجتماعية والثقافية وصولا إلى المصالح الاقتصادية والاستراتيجية، كما أنهما البلدان الوحيدان المؤهلان لانتشال الاتحاد المغاربي من وهدة الجمود والتخلف والسير به على ميادين التقدم والنماء والازدهار’’.
الأزمة.. انعكاس طبيعي لحالة القطيعة التامة
وأوضح الباحث الموريتاني في حديثه لبناصا أن ‘’تفسير وتوصيف ما يحصل حاليا من اتهامات متبادلة بين الطرفين فأعتقد أنه انعكاس طبيعي لحالة القطيعة التامة التي تعرفها العلاقات بين البلدين حاليا، ففي العلاقات الدولية عندما تحصل قطيعة كاملة بين بلدين ولاسيما بلدان تجمع بينهما كل هذه الروابط فإن الوضع الطبيعي في هذه الحالة هو أن يكثر سوء الفهم بينهما وبالتالي تحصل حالة من التصعيد والاتهامات المتبادلة بين الطرفين الذين حصلت بينهما القطيعة’’.
وقال ولد أنداري إن ‘’ما يحصل في العلاقات الجزائرية المغربية حاليا هو لا يخرج عن هذا الإطار خاصة أن النظام الإقليمي المغاربي الذي تشكل الدولتان أهم لاعبيه هو نظام يطبعه التوجس والشك المتبادل والريبة بين أطرافه، وإذا ما حللنا ما يحصل من منظور الواقعية الهجومية سنجد أنه وضع طبيعي جدا بعد القطيعة التي حصلت بين الطرفين، ففي ظل حالة عدم اليقين التي تجعل المغرب غير قادر على التعرف على النوايا الحقيقية للجزائر والعكس’’.
مشيرا إلى أن ‘كل طرف سيسعى من جهة لامتلاك أكبر قدر من القوة التي تمكنه من البقاء والصمود فيما لو لا قدر الله وحصلت حرب بينهما، كما أن كلا منهما سيسعى إلى التصعيد مع الآخر والرد عليه بالأسلوب ذاته، من أجل إثبات أنه جاهز لأي مواجهة محتملة فيما لو حصلت، وذلك من أجل ردع نوايا الطرف الآخر، إذا أعتقد أننا أمام حرب باردة مغربية جزائرية هي في الواقع حرب قديمة متجددة، ولكننا نعيش واحدة من أكثر مراحلها حرجا وأخطرها’’.
الحل بعيد والحرب لن تقع
وللخروج من الأزمة يؤكد الباحث الموريتاني، أنه ‘’ما من حل يلوح في الأفق حاليا، فالوساطة مثلا التي كان من الممكن أن تنزع فتيل الأزمة لا يوجد طرف حاليا يمكنه أن يقوم بها نظرا لعدم وجود وسيط يحظى بثقة الطرفين، فالوسيط الذي قد يقبله أحد الطرفين سيرفضه الطرف الآخر، كما أن احد طرفي الأزمة وهو الطرف الجزائري تحدث صراحة عن أنه لن يقبل اي وساطة بخصوص الأزمة’’.
مردفا:’’هذه الأزمة على الأرجح ستطول بين البلدين، والقطيعة بينهما أيضا ستستمر، إلا إذا طرأت ظرفية تشكل تحديا لكليهما تحتم عليهما التعاون، ومع ذلك أنا شخصيا متفائل بأن الحرب لن تحصل لأن أيا من الطرفين في النهاية لا يرغب فيها، كما أن اللاعبين الدوليين الكبار في المنطقة لن يقبلوا باندلاعها، كما أن تعادل الكبير بين الطرفين وتساويهما من حيث القوة يجعل أيا منهما غير راغب في أن يقدم على مغامرة أن يكون الطرف البادئ بالحرب’’.
تعليقات الزوار ( 0 )