تصاعدت حدة النقاش الدائر بالمغرب حول التعديل المرتقب لقانون الأسرة، بين المحافظين والحداثيين بسبب مواضيع خلافية تركز عليها المنظمات الحقوقية في مطالبها للسلطات التشريعية للبلاد.
وأقر وزير العدل المغربي، الاثنين، بصعوبة تحقيق “إصلاحات” يسعى لها حزبه “الأصالة والمعاصرة” والمشارك في حكومة يقودها حزب ليبرالي “التجمع الوطني للأحرار”.
وقال وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في جلسة للبرلمان، الاثنين، إن “الوزير لا يحمل قلم رصاص ويشرع. وهناك مجالات يجب أن يكون فيها توافق وطني”.
وهاجم المسؤول المغربي فريق حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، واتهمه بممارسة “الديكتاتورية الدينية”.
وكثف الوزير المغربي من تصريحاته الإعلامية في الأسابيع الأخيرة، وتحدث عن الخبرة الجينية لتحديد الأطفال والعلاقات الجنسية الرضائية والحريات الفردية، وهو ما رأى فيه البعض “جس نبض” للإسلاميين قبل الإعلان عن التعديلات.
ودعا في خطاب بمؤسسة الفقيه التطواني، الثلاثاء، “أهل الفكر الإسلامي إلى ضرورة مواكبة تشريعاتنا الدينية لتطورات العالم اليوم”.
وتعقيبا على تصريحات وزير العدل، يقول، عبد الله بوانو، رئيس فريق العدالة والتنمية في البرلمان، “أتساءل بصدق، عن المقصود من خرجات الوزير وهبي، خاصة أنه لا أثر للمواضيع التي يثيرها، في التصريح الحكومي”.
وتابع: “هل هو مكلف بتنزيل أجندات جهات معينة؟ وهل يعد شيئا ما بمناسبة قرب تخليد 20 سنة على مدونة الأسرة؟ هل يسعى لصناعة مجد وهمي على حساب دين المغاربة؟”.
وقال بوانو في حديث لموقع “الحرة” إن وهبي، بحديثه عن “الديكتاتورية الدينية، تطاول على الملك في موضوع إمارة المؤمنين، وأظهر الفهم القاصر والمضلل للحلال والحرام”.
ويسعى حقوقيون إلى إقناع البرلمان بإلغاء القوانين المجرمة للحريات الفردية، وتعديل قانون الأسرة المعروف بالمملكة بمدونة الأسرة.
وتطالب المنظمات الحقوقية منذ سنوات بإباحة الإيقاف الطوعي للحمل ضمانا لحق المرأة التصرف في جسدها، إضافة إلى مطالب أخرى.
لكن هذه المطالب بتغيير بعض القوانين لتلائم التشريعات والمواثيق الدولية تلقى معارضة في الداخل من حزب العدالة والتنمية، أكبر حزب إسلامي بالبلاد، والتيارات المحافظة الأخرى.
ونوفمبر الماضي، قال عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية في مؤتمر لنساء حزبه “هناك أفكارا جاهلية تهدد الأسر، ويجب أن ندافع عن أبنائنا، وانتبهوا قبل فوات الأوان، يجب التمسك بالمرجعية”.
ورفض بنكيران مطالب الحقوقيين بتعديل قانون الإرث، مشيرا إلى “أن الإرث به حكم شرعي وإذا تنازلنا عن الشرع، سيتحطم الأساس الذي نحن عليه، فالديمقراطية تقول بناء على إحصائيات بأن المغاربة يرفضون المساواة في الإرث”.
ورغم حدة الاختلافات، تتوقع الناشطة المغربية، بشرى عبدو، أن تستجيب المدونة القادمة لمطالب المنظمات النسائية لأن ” الاختلالات في المدونة الحالية هي واضحة والكل يجمع على ضرورة تعديلها” بحسب تعبيرها.
وتقول عبدو، في حديثها لموقع “الحرة” إن قضية الإرث ربما لن تشهد تعديلات لأنها “قضية خلافية”.
ومدونة الأسرة هي محط خلاف كبير بين المحافظين الذين يدافعون عن ضرورة ارتباطها بالشريعة الإسلامية، والحداثيين الذي يشددون على ضرورة استجابتها للاتفاقيات الدولية التي وقعها عليها المغرب.
وبالنسبة لمطالب المنظمات بحسب عبدو، مديرة جمعية التحدي للمساواة والمواطنة، فهي تتعلق بضرورة مراجعة لغة المدونة وحذف المصطلحات والعبارات التي من شأنها أن تكرس الصور النمطية لمهام وأدوار الرجال والنساء.
وترى عبدو أن من بين المطالب الكثيرة هناك مطلب المنع النهائي لتعدد الزوجات، والأملاك المتراكمة أثناء الزواج وزواج القاصرات، إضافة إلى قضية إثبات النسب.
وكان الملك المغربي، محمد السادس، دعا في خطابه بمناسبة عيد العرش، أغسطس الماضي، إلى تعديل مدونة الأسرة، وقال “بصفتي أمير المؤمنين فإنني لن أحل ما حرم الله، ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية”.
(الحرة)
تعليقات الزوار ( 0 )