Share
  • Link copied

“اليمين المغربي”.. مستقبل حزب سياسيّ أم تيار حبيس في العالم الافتراضي؟

برز بقوة، في الفترة الأخيرة، اسم اليمين المغربي، الذي غزا مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، ودافع عن مواقف الدولة الخارجية، سيما تلك المتعلقة بالأزمات التي تمسّ الوحدة الترابية للبلاد، وآخرها مع ألمانيا وإسبانيا، حيث يواصل نشطاؤه القيام بحملات في العالم الافتراضي لدعم المملكة، وسط تساؤلات مستمرّة عن ماهية التيار الجديد وطبيعته، ومدى إمكانية تحوله إلى حزب سياسي في المستقبل القريب.

يعرّف محمد سليم، أحد نشطاء اليمين القومي المغربي، التيار بأنه “حركة فكرية، لها بعد سياسي واجتماعي واقتصادي وهوياتي، ولديها تصور ينطلق من تاريخ المغرب، لأنه نقطة قوة لنا”، مضيفاً: “في السابق كانت يطلق علينا المورو، وهو لفظ استعمل قدحاً، ولكنه جاء لأنهم كانوا يخافون منا، لأن المغاربة كانوا أقوياء وقتها، ونحن نسعى حاليا لإحياء الحس الموري الذي يميزنا”.

وقال سليم، في تصريحه لجريدة “بناصا”، “إن بروز الأخير أصبح حقيقة، ومواقف اليمين وأهدافه، ومعالمه، تعبر عن هذا الأمر”، مضيفاً: “الفكر اليميني لا يختلف عن الفكر الوطني القومي، ولا يختلف المواطن الذي يملك فكرا يمينياً، عن المواطن الذي يحمل فكرا وطنيا يدين بالولاء للوطن والأمة قبل كل شيء”.

وتابع أن “مسألة اليمين بات حقيقة واقعة، أما بخصوص مدى إمكانية تحوله لحزب سياسي، فإن هذا الأمر غير مطروح حاليا، وما يزال بعيداً، ونشطاء اليمين القومي المغربي منكبون في الوقت الراهن على إيجاد صيغة عملية لكي ينشر الفكر بشكل أكبر، ومن أجل توطينه، لأن اليمين موجود منذ الثورة الفرنسية”.

وأوضح أن اليمين المغربي، يتخذ من “تامغربيت” شعاراً له، والتي تعني وفق المتحدث: “المغرب والهوية المغربية، وفي نفس الوقت جملة لا غالب إلا الله، وهي جملة عمرها أكثر من 1000 سنة، ورفعت كشعار لدولة المرابطين، ويوم رفع هذا الشعار انتصرنا في حرب الزلاقة ضد جيش مكون من عدة دول أوروبية”.

ونبه إلى أن “تخليد هذا الشعار، يوضح بأننا نسعى لاستعادة تاريخ المغرب وقوته، وسمعته، وهنا نستحضر التاريخ والكثير من الأمور من تاريخ المغرب، ومنها أيضا الشعار المريني النجمة الثمانية التي تعبر عن تاريخ المملكة”، مستدركاً: “قوة اليمين حاليا ليست في القيادة، بل في الحاملين للفكر والناشرين له، ونسعى لنشره على قدر الإمكان، لأن انتشاره كفكر في نفوس المغاربة، ينمي الوطنيين ويقوي اليمين”.

وأشار المتحدث إلى أن نشطاء اليمين، يتريثون حاليا، لكي لا “يقال إنهم راكبوا أمواج، أو تنشر شبهات بخصوص أننا نسعى لتحقيق مكاسب سياسية، لهذا فعملنا الفعلي والحقيقي، الذي سيخرج عبر ندوات ومؤتمرات، وحملات تحسيسية، سيتأجل إلى ما بعد الاستحقاقات الانتخابية، لأننا غير معنيين بها، وليس لدينا حسابات انتخابية”.

وبشأن مدى تطابق أفكار اليمين مع بعض الأحزاب المغربية، شدد سليم على أن الحركة لا ترى نهائياً، أن أي حزب في الوقت الراهن “يملك وجهات نظر متماثلة معها، بل نراها بعيدةً عن الفكر اليميني سواء اقتصاديا أو وطنيا أو سياسيا، ونرى بأنها لم تقم بدورها، وليس لنا حاليا أية علاقة مع أي حزب، بشكل مطلق، وأيضا ليس لنا خلفية سياسية تتحكم بنا، وولاؤنا المطلق للوطن والأمة ومقدسات الدولة”.

أما الاتهامات المتعلقة بالعنصرية، فيقول سليم، إن اليمين المغربي ليس عنصريا ضد المهاجرين القاطنين بالمملكة، بل “يعارض الهجرة السرية القاطنة بالمغرب، لأن الوعاء المجتمعي للبلاد ليس مستعداً لها، وأوروبا مرت بسنوات طويلة قبل أن تتمكن من بناء وعاء مجتمعي قادر على استقبال الهجرة السرية، ومع ذلك تعاني من مشاكل عويصة”.

وأردف أن التيار لا مشكلة لديه نهائيا مع المهاجرين المتواجدين بشكل قانوني في المغرب، إما للعمل أو الدراسة أو السياحة، غير أنه ضد “الهجرة السرية القاطنة، ومن يقول إن اليمين عنصري، يسعى لتقزيم التيار وحصره في هذه الخانة فقط، أو تشبيهه باليمين المتطرف في أوروبا، وهو أمر لا يمت للواقع بصلة، إذ إننا يمين مغربي صرف”.

واسترسل بأن اليمين، لا يعارض مواقف الدولة الخارجية، لكن يختلف مع العديد من سياساتها، مشدداً على أن نشطاء اليمين “ضد الريع، وضد منهجية التعليم والصحة، وننادي بإصلاح القضاء، والتسريع من وتيرة الإجراءات الإدارية، خصوصاً في الشق التجاري”، منكراً بأن يكونوا إقصائيين ضد المواطنين أو الجهات التي تعارض سياسات الدولة.

ونفى سليم، بشكل مطلق، أن يكون اليمين المغربي ذراعاً للدولة، تضرب بها معارضيها، لكن، يتابع المتحدث: “نحن نعبر عن وطنيتنا بكل وضوح، لأنها انتماء للوطن، ولا أحد يمكنه نزعها منا، وهذه إن اعتبرها بعض الأشخاص جريمة، فهم من يجب التشكيك في وطنيتهم، أما الاتهامات التي تقول إننا ذراع للدولة فقط لأننا وطنيين، فهي غير منطقية، لأن الوطنية تقتضي التعبير عنها بوضوح وبدون خجل”.

وانتقد سليم، بشدة، مقاربة المغرب لملف الهجرة، معتبراً بأنها “عشوائية”، حيث تجعل من المهاجرين غير مساهمين بتاتاً في “الاقتصاد الوطني، ولالا يدفعون الضرائب، بل بالعكس، على الدولة أن توفر لهم التطبيب والتعليم”، مردفاً: “المغرب لا يتوفر على أي سياسة لإدماجهم في سوق الشغل، وفوق كل هذا يتم إعادة المهاجرين العابرين من البلاد صوب أوروبا إلينا”.

وعن هذا التيار الجديد، وشعار “تامغربيت” الذي ترفعه، يقول إسماعيل حمودي، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بجامعية سيدي محمد بن عبد الله بفاس، إن “التمغربيت شعار سياسي لحد الآن، لم يؤسس له معرفيا، هو شعار سياسي يستعمل من قبل أفراد ومجموعات تضع نفسها في خدمة السلطة، ضد من تعتبرهم هذه الأخيرة خصوماً لها”.

وواصل حمودي في تصريح لجريدة “بناصا”، أن شعار “تمغربيت استعمل مرة ضد الحركة الأمازيغية، ثم استعل من قبل آخرين ضد الحركة الإسلامية، واليوم تريد مجموعات أخرى أن تستعمله ضد معارضين من إديولوجيات شتى، لبعض تدابير السلطة وقراراتها سواء تعلقت بالشأن الداخلي أو الخارجي”.

وأكمل المتخصص في العلوم السياسية، أن “هناك بعض الباحثين ممن يسعون إلى ملء هذا الشعار السياسي في جوهره، بمضمون معرفي”، مضيفاً أنهم “ينطلقون من فرضية مفادها وجود نوع من التشظي الهوياتي كرسه دستور 2011، ويحاولون صياغة خطاب معرفي يجمع ما يعتقدونه تشظياً هوياتيا”.

ومضى يقول إن هذه المحاولات “تستحق التتبع والدراسة، سوى أن من يقومون بذلك عليهم أن يدركوا أن التمغربيت استعملت أول مرة ضد خصوم السلطة أو من تعتبرهم كذلك، بمعنى آخر فخطاب التمغربيت استعمل في البداية للتفريق لا التجميع، للتمييز لا المساواة، وأظن أن المهمة الأولى التي تقع على هؤلاء الباحثين، هي تخليص المفهوم من حمولاته السياسية الضيقة”.

واستطرد حمودي، المتخصص في العلوم السياسية، في تصريحه للجريدة، أن عدم القيام بمهمة تخليص “تمغربيت” من حمولاتها الضيقة، سيجعل “ما يفعلونه يضفي الشرعية فقط على الحمولات السياسية المذكورة، أي استعمال شعار التمغربيت للتفرقة والتمييز من قبل الموالين للسلطة في وجه معارضيها”.

أما بخصوص اعتبار أن تيار اليمين القومي المغربي، هو مشروع لحزب سياسي جديد في ظل غياب أحزاب يمينية، اعتبر حمودي، أن الأحزاب اليمينية موجودة بالفعل، “أما دور المجموعات فهو ملء المساحات التي تجد السلطة والأحزاب القريبة منها صعوبات في ملئها، خصوصا الفضاء الافتراضي، لذلك أتصور أن تظل حبيسة ذلك الفضاء في الوقت الراهن على الأقل”، على حد تعبيره.

Share
  • Link copied
المقال التالي