الجزائر لم تحترم أدبيات العلاقات الدبلوماسية
كما نعلم أن العلاقات المغربية الجزائرية تميزت منذ عقود بالتوتر والتصعيد، فالتصعيد الأحادي الأخير للجزائر الذي نتج عنه قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب ،يبقى سلوكا ملوثا بالحقد المرسخ في عقيدة النظام العسكري الجزائري.
فقطع العلاقات الدبلوماسية من طرف الجزائر التي أعلن عنها وزير الخارجية لعمامرة ،بدون أسباب مقنعة ،أبان أن هذا السلوك الأحادي غير أخلاقي في منطق العلاقات الدولية ولم تحترم أدبيات العلاقات الدبلوماسية . فهذه المشاكسة في الدبلوماسية الجزائرية هي عقدة سياسية مريرة يصعب فكها.
وفور قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب من قبل الجزائر ، خرجت الوزارة الخارجية المغربية ببيان تتأسف فيه على هذا القرار الذي اتخذته الجزائر معتبرة إياه “الغير المبرر” ورفضها القاطع لما وصفته بـ”الذرائع المغلوطة الكامنة وراء قرار الجزائر”.
تصدير الأزمة ودعم البوليساريو من طرف المنظمات الارهابية بمباركة الجزائر
فالاتهامات التي وجهتها الجزائر للمغرب في الآونة التي وصفتها على حد قولها بالأعمال العدائية بسبب الحرائق التي اندلعت بالجزائر خلال الأيام الماضية ،وكذلك اتهامها للمغرب بالتآمر مع إسرائيل على الجزائر ، في الحقيقة تبقى هذه الاتهامات باطلة وغير مقنعة ولا أساس لها من الصحة ،فالنظام العسكري الجزائري عندما يفشل داخليا في تدبير أزماته يحاول أن يخلق خلافات وهمية مع المغرب ،لكي يشتت أنظار الرأي المحلي بالجزائر وتصدير أزمته الداخلية من أجل استمراره في قبضة حكم البلاد، إضافة إلى ذلك يعتبر قطع العلاقات الدبلوماسية مع المغرب لعبة جديدة لكي ترسخ الجزائر في أذهان الشعب الجزائري وإقناعه أن المغرب عدوها.
دون أن ننسى أن الجزائر دائما تدعم ماديا ومعنويا البوليساريو وتتدخل في الشؤون الداخلية للمغرب والمساس بسيادته ،وتحاول كبح مسيرة المغرب التي حقق من خلالها عدة انجازات على المستوى الإفريقي والدولي. وفي هذا الخضم إن الجزائر صنعت البوليساريو من أجل زعزعة أمن و استقرار منطقة شمال إفريقيا ،حيث أن الكيان المزعوم(البوليساريو) له صلات وطيدة مع المنظمات الإرهابية والكيانات التي تدعم الإرهاب خاصة مع حزب الله وإيران ،فهذا التقارب يكون بمباركة الجزائر.
والخطير جدا هنا أن التقارب الأخير بين الجزائر وإيران أضحى يشكل تهديدا لأمن المنطقة المغاربية والخوف من خلق خلايا إرهابية جديدة فيها إلى جانب الكيان الوهمي المزعوم.
الأخلاق والإنسانية في الدبلوماسية المغربية
رغم كل ما يصدر من طرف الجزائر ،فالمغرب كان دائما يمد يده للعون مع الجزائر من أجل تحقيق التعاون وتجاوز الخلافات وتغليب المصلحة الوطنية بين البلدين،إلا أن الجزائر لم تأخذ المبادرات المغربية بجدية ،ولم ترد عليها بشكل إيجابي .فعندما اجتاحت الحرائق بالجزائر أعطى الملك محمد السادس تعليماته السامية لوزيري الداخلية والشؤون الخارجية، من أجل التعبير لنظيريهما الجزائريين، عن استعداد المغرب لمساعدة الجزائر في مكافحة حرائق الغابات، ولكن للأسف لم يتم الرد على هذه المبادرة الإنسانية.
و خلال مناسبة الذكرى الثانية والعشرين لعيد العرش المجيد، وجه جلالة الملك محمد السادس عدة رسائل التي ينتصر فيها لقيم نبذ الكراهية وزرع المحبة تجاه أشقائنا الجزائريين ، حيث دعا في هذا الخطاب الجزائر أن يتم فتح الحدود وتجاوز الخلافات القائمة بين الجانبين وبناء الاتحاد المغاربي ، ومواجهة كل التحديات التي تعرقل مسيرة التنمية بهذا الاتحاد بغية تحقيق الوحدة المغاربية والتكامل في سياق إقليمي ودولي متحول يفرض الاندماج والتكتل.
فالنسبة هل يمكن أن تكون الوساطة الدولية بين الجانبين ؟
نعم كما نعلم أن المغرب دائما يحترم قواعد القانون الدولي وتتماشى دبلوماسيته مع روح القوانين الدولية ،بمعنى أن المغرب يمكن أن يقبل الوساطة المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة (المادة 33) شريطة أن لا تمس مصالحه العليا ،وخصوصا قضية الوحدة الترابية المغربية. والملاحظ من خلال الردود الفعلية التي صدرت من طرف العديد من الدول، يتبين أن معظمها في طريق واحد ،ألا وهو دعوتها إلى فتح الحوار وفق الخطاب الذي وجهه صاحب الجلالة محمد السادس بمناسبة عيد العرش.
فالمملكة المغربية حريصة على أن تظل شريكا صادقا ومخلصا للشعب الجزائري وستواصل العمل بحكمة ومسؤولية من أجل تنمية علاقات مغاربية صحية ومثمرة، بمعنى أن المغرب متشبث بالقيم الأخلاقية والإنسانية في دبلوماسيته ،عكس النظام الجزائري الذي أصبحت الكراهية تجري في عروقه الدبلوماسية صوب المغرب.
باحث بسلك الدكتوراه في العلاقات الدولية
تعليقات الزوار ( 0 )