شارك المقال
  • تم النسخ

المغرب يضغط على “الزر النووي” الإقتصادي ويستعد لقطع علاقاته بإسبانيا

قال المحلل السياسي الإسباني دييغو كريسنت، إنّ قضية إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، قد تطلق العنان لوابل من أوجه “الانتقام” بين بلدين يحتاجان إلى بعضهما البعض اقتصاديًا وسياسيًا، إذ أن 47.3 في المائة من الصادرات الإسبانية في إفريقيا تتجه صوب المملكة المغربية.

هل يمكن لدولتين متجاورتين قطع العلاقات بسبب شخص واحد؟

وفي جوابه على هذا السؤال، قال الخبير السياسي، في مقال نشرته صحيفة “Lainformacion” الإسبانية (الأحد)، أنه يبدو أننا سنرى الإجابة في غضون أيام قليلة، حيث وجهت الصحافة الدولية أنظارها إلى إسبانيا في الأسبوع الماضي، ليس بسبب انتصار الزعيمة إيزابيل دياز أيوسو، ولا الهبوط الهائل للشعب الفرنسي على تراسات مدريد.

وأضاف، أنّ سبب هذه الضجة الإعلامية، يتمثل في وجود زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، الذي يمكن أن يُطلق العنان لوابل حقيقي من الأعمال الانتقامية والعقوبات بين بلدين يحتاجان إلى بعضهما البعض اقتصاديا وسياسيا.

ويرى المصدر ذاته، أنّ بيان الحكومة المغربية الأخير هو نذير لشيء على وشك الحدوث، ومؤشر على انهيار العلاقات بين البلدين، إذ أن لهجة الرسالة تقترب من الازدراء الدبلوماسي. وبحسب البلاغ، فإن “موقف بعض المسؤولين الحكوميين من الحكم المسبق على رد الفعل المغربي والتقليل من التأثير الخطير على العلاقة، لا يمكن أن يحجب هذا الوضع المؤسف”.

وتساءل دييغو كريسنت، هل تُحيل الرباط على وزارة الخارجية عندما تتحدث عن موظفي الخدمة المدنية؟ مردفا بالإجابة” “ربما، ولكن على أي حال، فإنّ هذا البيان ليس أكثر من مقدمة لسلسلة من الإجراءات التي يمكن أنْ تتخذها الحكومة المغربية ضد إسبانيا”.

سيناريو الانتقام

وأوضح المحلل السياسي، أنّ المغرب لمن يلتزم الصمت، ومعنى “يحيط علما”، على النحو المبين في البيان، كان الإجراء الأول الذي اتخذته الرباط باستدعاء السفير الإسباني في البلاد، ريكاردو دييز هوشليتنر، للتشاور وطلب تفسيرات للاستقبال الغريب الذي قدمته الحكومة الإسبانية إلى إبراهيم غالي، حيث أن هذه البادرة عادة ما تكون بداية الفوضى الدبلوماسية.

ولفت دييغو، إلى أنه وبعد طلب المعلومات، أعرب ناصر بوريطة، عن بالغ أسفه لموقف إسبانيا “التي تستضيف زعيم الميليشيا الانفصالية على أراضيها، والمتهم بارتكاب جرائم حرب خطيرة وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.

وأضاف، أنّ كلمات وزير الخارجية المغربي، تشير إلى قلق كبير بشأن التدهور الحتمي للعلاقات بين البلدين، وهو وضع يبدو “مخالفا لروح التعاون وحسن الجوار في قضية أساسية للشعب المغربي”، ولا يستبعد المغرب “اتخاذ إجراءات أكثر صرامة” في حالة انتهاك وحدة أراضيه.

وبهذا المعنى، يضيف دييغو، فإنّ الرباط تعتبر أن الأراضي الصّحراوية هي أراضيها، خاصة وأنّ الولايات المتحدة دعمت السيادة المغربية في المنطقة، ومع تعرض الجزائر للخطر، لا يميل المغرب إلى الخداع، لا سيما “عندما يتعلق الأمر بالقضايا التي تؤثر على المصالح الفضلى للمغرب”.

ومن بين القضايا التي قد تتأثر بهذه الإجراءات الانتقامية؛ الأمن والإرهاب والهجرة، حيث يلعب المغرب دورا أساسيا في إدارة تدفق المهاجرين المغاربة والأفارقة، كما سيتعرض أمن سياج سبتة ومليلية ويؤدي إلى زيادة عبور المهاجرين إلى المياه الأندلسية وجزر الكناري بالتزامن مع طقس الصيف الجيد.

كما أن القطيعة المغربية لها مثال صارخ في التأخير المستمر للاجتماع رفيع المستوى المعروف اختصارا بـ (RAN) بين المغرب وإسبانيا، وكان وزير الخارجية المغربي متشائما بشأن التعيين المرتقب، معتبرا أنه أولا “يجب توضيح أشياء كثيرة”.

وقد تؤدي حالة غالي الصحية إلى تفاقم العلاقة المتوترة بين البلدين، خاصة إذا كان القاضي بيدراز غير قادر على أخذ تصريح من زعيم جبهة البوليساريو، وإذا حدث في فاتح يونيو، فلن يكون أي شيء غير سلمي.

الزر النووي الاقتصادي

وفيما يتعلق بالتداعيات الاقتصادية، باتباع البيانات المقدمة من طرف مؤسسة ICEX، فإنّ إسبانيا هي المورد الأول والعميل الأول للمغرب وهي الشريك التجاري الأول لإسبانيا في إفريقيا، ففي عام 2020، كانت 47.3 في المائة من الصادرات الإسبانية في إفريقيا متجهة إلى المغرب، وهي نسبة ارتفعت إلى 50.1 في المائة في يناير 2021.

وبلغت الصادرات الإسبانية 8،454 مليون يورو في 2019، وهو رقم انخفض إلى 7.381 مليون في عام 2020 بسبب الوباء، ومن المنتجات الرئيسية للتصدير، نجد الوقود المعدني والأجهزة الميكانيكية والمركبات والمواد الكهربائية والمواد البلاستيكية.

من جهته، يصدر المغرب إلى إسبانيا بشكل رئيسي الأجهزة الكهربائية والملابس والأسماك والمركبات والفواكه بقيمة 6،363 مليون، ويمكن أن يتأثر هذا التوازن الصعب بين الميزان التجاري الإسباني إذا اختارت السلطات المغربية زيادة التعريفات أو إعادة تصميم سياستها التجارية من أجل “معاقبة” أي منتج من إسبانيا.

ويرى المحلل السياسي الإسباني، أنّ التحدي الكبير بين البلدين ليس الماضي أو الحاضر بقدر ما يتمثل في المستقبل، حيث ستؤثر قضية الصّحراء بشكل مباشر على ترسيم حدود المياه الإقليمية، وأنّ الولاية القضائية المغربية على الجرف القاري ستفتح المجال لاستكشاف المواد الخام والمعادن في المنطقة.

ويمكن أن يكون هذا بالفعل نقطة احتكاك مباشر بين إسبانيا والمغرب حيث يوجد تداخل في اختصاص المياه وتحديداً في أهم رواسب التيلوريوم في العالم، وهو عنصر أساسي في تصنيع الألواح الشمسية والبطاريات للسيارات الكهربائية.

مجرم داخل الأراضي الإسبانية يحدد مصير شعبين

وأكد المصدر ذاته، أنّ حضور غالي، وهو أحد المعارف القدامى لنظام العدالة الإسباني، لن يمر مرور الكرام، حيث استدعى قاضي المحكمة الإسبانيا، سانتياغو بيدراز، غالي للإدلاء بشهادته على أنه متهم بارتكاب جريمة إبادة جماعية وتعذيب يُزعم ارتكابها في مخيمات اللاجئين في تندوف ضد السكان الصحراويين الذين ما زالوا يتلقون الجنسية الإسبانية.

وقبل ذلل، يُردف المصدر ذاته، أنه سيتعين على الوكلاء القضائيين التحقق من أنّ هوية “محمد بن بطوش” تتوافق حقًا مع هوية إبراهيم غالي، وفي هذه الحالة، يشرعوا في الإدلاء بأقواله في فاتح يونيو.

وخلص المحلل السياسي، إلى أنه في هذا السيناريو المستقبلي، سيتعين على إسبانيا الاختيار بين خيارين للتفاوض، إما الجلوس على طاولة المفاوضات مع المملكة المغربية أو مع شخص يشتبه في أنه وراء مقتل مئات الإسبان.

وأضاف دييغو كريسنت، أن مستشفى لوغرونيو ووزارة العدل الإسبانية، هما من سيقرران مصير قضية الصّحراء وربما مصير جارتين محكوم عليهما بفهم بعضهما البعض.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي