في 13 يناير من كل عام، تعلو أصوات أمازيغ المغرب لجعل هذا اليوم الذي يحتفلون فيه بالسنة الأمازيغية الجديدة يوم عطلة رسمية.
يحتفل جل المغاربة بهذه المناسبة منذ القِدم ويعدّون فيها أطباقا خاصة حسب ما تجود به أرض كل منطقة، وارتبط الأمر في أذهان أغلبهم بالتقويم الفلاحي وفصول السنة. غير أن عددا من الأمازيغ يعتبرون أيضا أن اليوم مرتبط بأحداث تاريخية انتصر فيها الملك الأمازيغي شيشنق على الملك الفرعوني رمسيس الثالث في العام 950 قبل الميلاد.
أما أمازيغ الجزائر فيحتفلون بالمناسبة في 12 يناير.
ولا توجد إحصائيات دقيقة بعدد الناطقين بالأمازيغية في المغرب، لكن مجموعة من الدراسات غير الرسمية تقول إنهم يشكلون نحو نصف السكان الذين يزيد عددهم عن 36 مليون نسمة حسب إحصائيات 2020.
وبعض البحوث والدراسات تُرجع عدم وجود إحصاء دقيق لعدد الأمازيغ إلى انصهار العنصرين العربي والأمازيغي عبر التاريخ مشكلا الإنسان المغربي المختلطة جذوره أيضا بأعراق أخرى كالأفريقية والأندلسية واليهودية، كما ينص الدستور المغربي المنقح في 2011.
ويطالب أمازيغ المغرب بجعل السنة الأمازيغية التي توافق هذا العام 2971 عطلة رسمية مثلما أقرتها الدولة الجزائرية في أواخر 2017.
ويقول الناشط الأمازيغي منير كجي لرويترز “الحركة الأمازيغية تطالب بإعادة الاعتبار في جدولة الأعياد والعطل المتواجدة في المغرب”.
وأضاف أن الأمازيغ يعتبرون ذلك “مطلبا هويتيا.. هو احتفاء بالأرض وثقافة وحضارة الأمازيغ”.
وأقر المغرب حقوقا للأمازيغ منها تدريس لغتهم والاعتراف بها لغة رسمية في البلاد إلى جانب اللغة العربية في دستور 2011 وتخصيص معهد ملكي للبحث في الثقافة الأمازيغية وكذلك إنشاء قناة تلفزيونية ناطقة بالأمازيغية.
قال كجي “الحركة الأمازيغية لها نفس طويل في النضال السلمي”، وأشار إلى اعتقال ناشط أمازيغي في الراشدية بجنوب المغرب عام 1994 لأنه كان يحمل لافتة كتبت بالأمازيغية في حين أن هذه الحروف “تتصدر الآن واجهات المؤسسات الرسمية للدولة”.
وأضاف “مسألة ترسيم الأمازيغية هي مسألة وقت ليس إلا”.
جدل ديني
لعل ما يزيد من إصرار النشطاء الأمازيغ على مطلب العطلة الرسمية معارضة بعض التيارات الإسلامية ومواقفها التي ذهبت إلى حد تحريم هذه الاحتفالات، نافية عنها صبغة التراث والهوية.
ونشر الشيخ السلفي حسن الكتاني تدوينة مثيرة للجدل على صفحته على فيسبوك جاء فيها “كما نوهت مرارا وتكرارا، فقد نص علماء المسلمين على تحريم الاحتفال بأي عيد جاهلي قبل الإسلام لأي شعب من الشعوب، عربيا كان أو بربريا أو فارسيا أو أوروبيا أو غير ذلك”.
وسبق وأن أدان القضاء المغربي الكتاني فيما يتعلق بتفجيرات الدار البيضاء الانتحارية عام 2003، معتبرا أنه وعددا من رموز التيار السلفي المغربي يتحملون مسؤولية معنوية عن إذكاء الإرهاب.
وأدان عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات الكتاني قائلين إنها مرفوضة وتؤجج الصراعات بين المغاربة.
وخصصت خطبة الجمعة الماضية في بعض مساجد المغرب للاحتفال بالسنة الأمازيغية معتبرين أنها جزء من التقاليد والتراث والهوية المغربية.
وقال لحسن سكنفل في خطبة نقلتها القناة الأولى “ما دام الاحتفال لا يخالف عقيدة ولا حكما كليا شرعيا ولا مبدأ أخلاقيا عاما فهو على الإباحة، ومن ذلك الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، فهو مرتبط بأمر فلاحي، فتقع صلة الرحم ويفرح الناس بذلك الخير ويسألون الله أن يبارك فلاحتهم”.
ويقول الناشط الأمازيغي عادل أداسكو إن السنة الأمازيغية الجديدة “احتفل بها الآباء والأجداد تلقائيا، وهم يعتقدون أنها احتفال بخيرات الأرض ومناسبة للحمد وشكر نعم الله عليهم. هي حماية لهذا التراث العريق وارتباط الإنسان الأمازيغي والمغربي بالأرض”.
وأضاف لرويترز أن هذا الاحتفال “له صبغة تترك الإنسان يرتبط بوطنه وأرضه أكثر”.
وقال أداسكو منسق (شباب تامسنا الأمازيغي) التي تعكف على إقامة احتفالات سنوية بالسنة الأمازيغية في الفضاء العام، وهو ما منعته السلطات هذه السنة بسبب حالة الطوارئ الصحية المتعلقة بجائحة كورونا “إنه احتفال تراثي تاريخي وليس مناسبة عقائدية دينية، ومن يحرّمها فهو يمنع إدخال الفرحة والبهجة على النفوس”.
أما الخبير المغربي في علم الاجتماع السياسي محمد مصباح فقال “هناك شبه إجماع على الاعتراف بالسنة الأمازيغية”.
وأضاف مصباح الذي يرأس المعهد المغربي لتحليل السياسات في حديثه لرويترز “تدوينة رئيس الحكومة التي يهنئ فيها بالسنة الأمازيغية الجديدة هو اعتراف ويدخل في إطار تطور طبيعي للأشياء. الفكرة أصبحت أكثر حضورا وبروزا”.
تعليقات الزوار ( 0 )