قالت وسائل إعلام إسبانية إن قطاع السيارات في المغرب يشهد طفرة نوعية، إذ من المتوقع أن يصل إنتاجه إلى مليون سيارة هذا العام، مع طموح لبلوغ حاجز المليوني وحدة في المستقبل القريب.
وأشارت إلى أن هذا التقدم اللافت يضع المغرب في منافسة مباشرة مع إسبانيا، التي تنتج نحو 2.3 مليون سيارة سنويًا، مما يعزز مكانته كمركز رئيسي لصناعة السيارات في القارة الإفريقية وأوروبا.
قطاع السيارات: نهضة صناعية متسارعة
ولم يعد المغرب مجرد سوق ناشئة في صناعة السيارات، بل أصبح لاعبًا رئيسيًا في هذه الصناعة على المستوى العالمي. فبفضل البنية التحتية المتطورة، والتحفيزات الحكومية، والتكاليف التنافسية، استقطب المغرب كبريات الشركات العالمية مثل “رينو” و”ستيلانتيس”، التي تنشط في مصنعي طنجة والقنيطرة.
وتُنتج هذه المصانع طرازات أوروبية بالكامل مثل “بيجو 208” و”سيتروين C4″، التي كان يتم تجميعها سابقًا في إسبانيا، ما يعكس تحول المغرب إلى قاعدة إنتاجية بديلة للشركات الأوروبية الباحثة عن تقليل التكاليف دون الإخلال بالمعايير التصنيعية.
الموانئ المغربية تنافس أوروبا
إضافة إلى صناعة السيارات، يشهد قطاع اللوجستيك تطورًا كبيرًا، حيث تحوّل ميناء طنجة المتوسط إلى واحد من أكبر المراكز اللوجستية في البحر الأبيض المتوسط.
وبفضل موقعه الاستراتيجي وقربه من أوروبا، أصبح نقطة عبور رئيسية للسيارات نحو السوق الأوروبية، متجاوزًا بذلك منافسيه الإسبان، خاصة ميناء الجزيرة الخضراء.
ومما عزز من جاذبية ميناء طنجة، استحواذه مؤخرًا على واحدة من أهم خطوط الشحن التابعة لشركة “مايرسك”، والتي كانت تعتمد في السابق على ميناء الجزيرة الخضراء. ويعكس هذا التحول الأهمية المتزايدة للمغرب في سلاسل التوريد العالمية.
الهيدروجين الأخضر: طموح طاقي غير مسبوق
إلى جانب صناعة السيارات، يسعى المغرب إلى أن يكون رائدًا في مجال الطاقة المتجددة، حيث يمثل الهيدروجين الأخضر أحد المحاور الرئيسية لهذه الاستراتيجية. ويهدف المغرب إلى رفع نسبة الطاقة المتجددة في إجمالي إنتاجه الكهربائي إلى 52% بحلول 2030.
وقد أطلقت الحكومة المغربية خططًا طموحة لجذب الاستثمارات الأجنبية في هذا المجال، حيث تم اختيار خمسة تكتلات عالمية، من بينها شركتا “أكسيونا” و”موفي” الإسبانيتان، للاستثمار في مشاريع الهيدروجين الأخضر بقيمة تصل إلى 30 مليار دولار. وتعتمد هذه المشاريع على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلى جانب منشآت لتحلية المياه.
المغرب وإسبانيا: شراكة أم منافسة؟
رغم التنافس المتزايد بين المغرب وإسبانيا في عدة قطاعات، لا تزال العلاقات الاقتصادية بين البلدين وثيقة. فالمغرب يعدّ الشريك التجاري الأول لإسبانيا في إفريقيا، كما أن العديد من الشركات الإسبانية تستثمر في البنية التحتية المغربية. إلا أن النمو المتسارع للمغرب في مجالات السيارات والطاقة المتجددة قد يدفع بإسبانيا إلى إعادة النظر في استراتيجياتها للحفاظ على تنافسيتها.
ويواصل المغرب رسم ملامح جديدة لاقتصاده من خلال تعزيز دوره كفاعل أساسي في الصناعة والتكنولوجيا الخضراء. فمع استثمارات ضخمة في قطاعي السيارات والطاقة المتجددة، يبدو أن المملكة في طريقها لترسيخ مكانتها كمركز صناعي ولوجستي رئيسي بين إفريقيا وأوروبا، ما يجعلها منافسًا قويًا ليس فقط لإسبانيا، ولكن للعديد من الدول الرائدة في هذه القطاعات.
تعليقات الزوار ( 0 )