اعتبر محمد المرابطي، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، بكيلة الحقوق بجامعة سيدي محمد بنعبد الله بفاس، أن وقف الانتهاكات الحقوقية في مخيمات تندوف يتطلب ضغطاً من المجتمع الدولي على السلطة الجزائرية، التي توفر الغطاء لما يقع في المنطقة، مؤكدأً أن هناك إمكانية لرفع دعوى ضد الجارة الشرقية للمغرب في المحكمة الجنائية الدولية بروما.
وأضاف المرابطي في مداخلته خلال مشاركته في الندوة التي تنظمها جريدة “بناصا”، ويسيرها الصحافي عزيز سدري، أنه لم يسبق له أن رأى دولة في العالم، تستضيف لاجئين كما تسميهم، وتسلحهم وتجند حتى الأطفال، متابعاً أن: “اللاجئون إن كانوا لاجئين، واستقبلتهم لظروف إنسانية، فيجب أن تقدم لهم الغذاء والدواء وليس السلاح، وتجنيد الأطفال وانتهاك القواعد الدولية، والقانون الدولي الإنساني”.
وأردف المرابطي أنه بالرغم من أن الجزائر، صادقت منذ 25 سنة، على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وبروتوكولها الاختياري، الذي يحظر استغلال أو توظيف الأطفال القاصرين في النزاعات المسلحة، ورغم ملاءمتها لقوانينها الداخلية مع هذه الاتفاقيات، وتنصيصها في دستور 2016 على حقوق الطفولة، إلا أن المصادقة داخل الأنظمة الشمولية شبه العسكرية، عبارة عن واجهات للتسويق.
وزاد أن هذه الخطوات، مجرد واجهات لإبراء الذمة أمام الرأي العام الدولي فقط، مشدداً على أن هذا الأمر يحتاج إلى ضغط من المجتمع الدولي، ومنبهاً في السياق نفسه إلى أن هناك تعتيماً كبيراً على الخروقات والانتهاكات الحقوقية التي تقع داخل مخيمات تندوف، بسبب الصعوبات الكبيرة التي تواجه التبليغ عنها وتوثيق هذه الجرائم، من أجل عرضها للنقاش لتكييفها مع القواعد القانونية الدولية.
واسترسل المرابطي، المتخصص في القانون الدولي، في مداخلته، أنه، حتى وإن كانت الجزائر دولة غير عضو في اتفاقية روما، إلا أن هناك إمكانية لمجلس الأمن، أو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، أن يثير دعوى ضد الدولة الجزائرية على هذه الانتهاكات التي تحدث فوق أراضيها، وتوفر لها الغطاء والدعم والتبرير.
وأوضح أن مسؤولية الجزائر فيما يقع ثابتة، والدولة عجزت عن تفسير هذا النوع الجديد من اللجوء، وعليها أن تثبت لنا الطابع الإنساني لهذه العملية التي تدعيها وتزعمها على أراضيها، لأنها ترتكز في إطلاق هذا التوصيف، على القانون الدولي للاجئين، مؤكداً على أن هذا الأخير، لا ينطبق نهائياً على سكان مخيمات تندوف.
وواصل المرابطي، أن المراقبين يرون عكس ما تدعيه الجزائر، وبأن هؤلاء لا ينطبق عليهم توصيف لاجئين، لأن الجزائر من ورائهم كطرف توجه وتقود وتؤثر وتتحكم في مسارات النزاع ومسارات الحوارات والمفاوضات، مردفاً أن لا خلاف في توصيف الجرائم التي تقع في تندوف، غير أن السؤال هو ما العمل، لأن القوانين الدولية عبارة عن قواعد صماء لا تتحرك إن لم يحركها أصحاب المصلحة.
وأشار المتدخل إلى أن الأمم المتحدة، ومنذ توليها إدارة النزاع لم تتخذ أي قرار ملموس على أرض الواقع، مضيفاً أن “ما أعتبره إنجازاً على الأرض، هو حكم محكمة لاهاي سنة 1975، وقد كان أرضية لكل المرافعات التي قام بها المغرب ومن يدعم حقه في استكمال وحدته الترابية لاحقاً”، مشدداً على أن المدخل هو “حشد الدعم وفضح هذه الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”.
وأكد المرابطي على ضرورة التركيز على سلطة الصورة، وفضح الانتهاكات التي تقع في المخيمات، ضارباً مثالاً بصورة محمد الدرة خلال انتفاضة الأقصى، التي أغنت، وفق تعبيره، عن كثير من البيانات والبلاغات والكلام، متابعاً أن “الرصد والتوثيق وبذل المجهوذ في هذا الاتجاه، والرهان على أبناء الصحراء في التواصل مع إخوانهم وأبناء عمومتهم في تندوف”.
وواصل أن سكان مخيمات تندوف، يحتاجون إلى تأسيس جبهة تحرير من داخل الجبهة التي تدعي التحرير، لكي تستقبل برأيها أولاً، وبعد ذلك، فهناك أكثر من طريقة للتواصل والتفاعل، منبهاً إلى أن المحتجزين، مواطنون في آخر المطاف، ومهما احتجوا على سلطة بلادهم المغرب، فمن حقهم، الأمر غير المقبول هو أن يظلوا رهينة في أيادي أطراف خارجة المعادلة.
تعليقات الزوار ( 0 )