استنكر المجلس الأممي لحقوق الإنسان، استمرار النظام الجزائري في تعريض النشطاء والمعارضين، للتعذيب والاعتقال التعسفي.
كشف موقع “مغرب إنتلجنس”، أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أصدر مؤخرا رأيا اعتمده الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي خلال دورته المائية بين 26 و30 غشت 2024، وجه اتهامات خطيرة للنظام الجزائري.
وقال المصدر، إن هذه الوثيقة، تركز على القصة المؤلمة للناشط الجزائري في الحراك الشعبي المدعو محمد الرياحي، والذي تعرض لانتهاكات خطيرة وتعذيب.
وأضاف الموقع، أن قصة ومصير الناشط البالغ من العمر 40 عاما، أثرت في أعضاء مجلس حقوق الإنسان، متابعاً: “لقد تم سحق النظام الجزائري وإدانته من قبل الهيئة الحكومية الدولية التابعة للأمم المتحدة والتي تتكون من 47 دولة”.
وأوضح المصدر نفسه، في سرده لقصة الناشط، أن المعني مواطن جزائري يعمل سائق آلة في شركة، ويقيم عادة في عين تموشنت غرب الجزائر، تحول مصيره إلى كابوس حقيقي في 19 نونبر من سنة 2022.
وأردف الموقع الفرنسي، أن الساعة السادسة مساء من ذلك اليوم، قام أعوان المديرية العامة للأمن الداخلي (المخابرات)، من مدينة وهران، بإلقاء لقبض على الرياحي قرب مقر الشركة التي كان يعمل فيها.
وحسب المصدر نفسه، فإن اعتقاله جاء بدون أي مذكرة صادرة في حقه، كما أنه لم يتم إخباره بأسباب توقيفه، ليتم نقله على الفور إلى منزله، حيث قام أعوان المخابرات، بتفتيشه، ليقتادوا الرياحي بعدها إلى مكان مجهول، دون إبلاغ أي شخص عن مكانه، بما في ذلك المعتقل نفسه.
ووفق “مغرب إنتلجنس”، فإن المخابرات الجزائرية، منعت الرياحي من الاتصال بمحام أو إبلاغه بحقه في التزام الصمت، والطعن في شرعية احتجازه أمام سلطة قضائية، متابعاً أن المعني منع من الاتصال بعائلته، إلى غاية الـ 23 من شهر نوفمبر من سنة 2022، أي بعد 14 يوماً من اختطافه.
وتمكن بعدها بيوم، أحد أفراد عائلته من رؤيته، في زيارة مدتها 15 دقيقة، تمت أمام مرأى ومسمع ثلاثة عملاء، قبل أن يتم احتجازه في الـ 11 يوماً التالية في مقر المديرية العامة للأمن الداخلي بوهران، حيث كان يخضع للاستجواب دون الاستفادة من المساعدة القانونية من محام من اختياره، أو تعينه المحكمة، وتم تعريضه للتعذيب وأجبر على الاعتراف بجرائم لم يرتكبها والتوقيع على محاضر الاعتراف.
واسترسل الموقع، أن الناشط الجزائري، قيّد أثناء استجوابه، من يديه، بينما قام عناصر من المديرية العامة للأمن الداخلي بضربه بالعصي وحزام جلدي في عدة أماكن من جسده، وتعرض لضربات في القفص الصدري مما أدى إلى كسر أحد الأضلاع، متابعاً أن عناصر المخابرات، قامت بضربه على وجهه، ما أدى لكسر أحد أسنانه اليمنى، قبل أن يُترك لعدة ليال في زنزانة قذرة، دون ملابس أو فرشحات أو بطانيات، وأجبر على النوم على الأرض رغم البرد.
والأسوأ من هذا كله، حسب المصدر، أنه أثناء الاستجاب، قام عناصر المخابرات، بشل حركته، ووضع منشفة على رأسه، قبل صب الماء على أنفه وفمه، مما تسبب في اختناقه وقيئه، مردفاً أن الرياحي لم يستفد من أي فحص طبي ولم يحصل على أي مساعدة طبية قبل وأثناء هذا الاستجواب، بالرغم من تعرض جسده لعدة كدمات وعلامات تمزق واحمرار وازرراق، نتيجة لتعذيب والأصفاد.
وندد الرياحي، خلال بدء مثوله أمام القضاء، بعد حوالي شهر من احتجازه، بالانتهاكات العديدة وسوء المعاملة التي تعرض لها، دون أن يكلف أي قاض جزائري نفسه عناء طلب إجراء تحقيق بخصوص الأمر، أو على الأقل طلب توضيحات من الأجهزة الأمنية. وفي 29 ماي 2024، قضى الرياحي عقوبته وتم إطلاق سراحه، بعد وجهت إليه تهمة تكوين عصابة إجرامية بهدف تنفيذ جريمة الهجرة غير الشرعية، وبجرائم تحقير موظف، وازدراء رئيس الجمهورية.
وردت الحكومة الجزائرية على مجلس حقوق الإنسان الأممي، بالقول إنها ترفض مزاعم سوء المعاملة التي تعتبر “لا أساس لها من الصحة، وتتناقض تماماً مع الواقع”، معتبرةً أن “مثل هذه الاتهامات يجب إثباتها لأنها تشكك في الفحص الطبي الذي أجراه طبيب محلف والنتائج التي توصل إليها المدعي العام الذي مثل الرياحي أمامه بصحة جيدة”، مسترسلةً أن النائب العام في النظام القضائي الجزائري، “يتمتع بمركز القاضي”.
ووفق ما أورده موقع “مغرب إنتلجنس”، فإن التوضيحات الصادرة عن الحكومة الجزائرية، لم تقنع على الإطلاق أعضاء مجلس حقوق الإنسان، الذين قرروا إحالة “القضية إلى المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة”، متابعاً أنه من الواضح أن النظام الجزائري يخاطر باللانجرار إلى الوحل في الأشهر المقبلة، بسبب هذه القضية التي أثارت الكثير من الحبر داخل أروقة الأمم المتحدة.
تعليقات الزوار ( 0 )