Share
  • Link copied

“الكبة الحديدية” تُغضب إسرائيل… وبدارنة يرد على اعتقاله: من لا يعجبه فليشرب بحر غزة

على خلفية تجدّد الملاحقات الإسرائيلية للفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية داخل أراضي 48، أكد رئيس “لجنة المتابعة العليا” محمد بركة أن فلسطينيي الداخل ليسوا في قفص الاتهام، بل إنهم هم من يوجّه إصبع الاتهام.

وكانت الشرطة الإسرائيلية قد اعتقلت الفنان الكوميدي نضال بدارنة من منزله في حيفا، ليلة أمس، لعدة ساعات، بعد سلسلة من الملاحقات الأمنية، حيث منعته من تقديم عروضه الفنية الساخرة خلال الشهر الجاري، متهمةً إياه بالتحريض والسخرية من المختطفين وضحايا هجمات السابع من أكتوبر.

وقدّم بدارنة عروضاً ساخرة مستوحاة من الحرب على غزة، تحت عنوان “الكبة الحديدية” (تلاعباً مع “القبة الحديدية”)، منها الإشارة إلى “شروط عمل الرهائن التايلنديين” ممن اقتيدوا للقطاع في السابع من أكتوبر.

وقبيل اعتقاله، وبعدما هدّدت الشرطةُ الإسرائيلية أصحابَ قاعاتٍ أعلنتْ عن استضافتها لعروضه، قال، في منشور في حسابه: “كجزء من حملة التحريض المسعورة ضدي، في الأيام الأخيرة، من قبل مجموعات عنصرية متطرفة تبثّ سموم التحريض والكراهية ضد كل ما هو عربي، أبلغتنا شرطة حيفا بـأمر إلغاء عرض الليلة في المدينة، وذلك بحجة سلامة الجمهور، وهذا طبعاً بعد تهديد مجموعات يمينية بالتواجد ومهاجمة العرض”.

ويؤكد بدارنة أن إلغاء العرض هو جزء من سياسة كم الأفواه وقمع الحرية في التعبير عن الرأي، ويضاف لسلسلة ملاحقات تعرّضَ لها العديد من الفنانين في الداخل، لمجرد أنهم عبّروا عن رأيهم السياسي”. معتبراً أن إلغاء عرض ساتيرا وكوميديا هو مصادرة حقنا بالضحك والمسرح.

ويضيف: “يحق للإسرائيلي التهكّم والساتيرا والكوميديا في برامجهم التلفزيونية ولا يحق لنا؟”، مشدداً على أن إلغاء العرض هو محاولة لإسكاتنا وإسكات صوتنا في قول ما نريد.

ويتابع: “الأكيد أنني سأواصل كتابة الكوميديا رغم أنف كل العنصريين، وسأكمل التعبير عن رأيي بدون تلعثم وخوف، وعن واقعنا بـالكوميديا والضحك، ومن لا يعجبه فليشرب بحر غزة”.

مصادرة لغتنا وروايتنا

في التزامن أقدمت الشرطة الإسرائيلية على اعتقال فادي أبو يونس، سكرتير اللجنة المركزية لـ “الحزب الشيوعي” بسبب نشاطاته المناهضة للحرب على غزة.

فيما أعلن المكتب الإعلامي الحكومي عن سحب بطاقة الصحافي سعيد حسنين، لمشاركته في مقابلة مع قناة “الأقصى” التابعة لـ”حماس”، التي تعتبر “منظمة إرهابية” وفق القانون الإسرائيلي، قال فيها إن تقبيل رأس الأسير لمقاتل “حماس” جاء طواعية، وتعبيراً عن حسن معاملته في الأسر”.

ويرى محمد بركة أن “اعتقال الفنان الساخر، صاحب الشعبية الواسعة نضال بدارنة ومنعه من تقديم عروضه، إلى جانب الحملة المسعورة ضد الصحافي البارز سعيد حسنين، يؤكد أن مسلسل الإرهاب الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية بواسطة الشرطة وجهاز الشاباك على أبناء شعبنا في الداخل، يدخل مرحلة أخرى من التصعيد الخطير والفاشي”.

وقال بركة إن فادي اعتقل لأنه استعمل المصطلح الصحيح والدقيق “حرب الإبادة”، ونضال اعتقل لأنه يقدم عرضاً ساخراً يتعرّض فيه للقضايا الراهنة، وسعيد يتعرّض لحملة تحريض بسبب مقابلة صحفية”.

كما قال بركة إن هذه الإجراءات التعسفية والعنصرية مرفوضة ومدانة، وتعبّر عن مسعى المؤسسة الإسرائيلية لفرض لغتها القبيحة علينا، ومصادرة مشاعرنا ولغتنا وروايتنا وانتمائنا، وهي استمرار للسياسة العنصرية ضد المواطن العربي الفلسطيني منذ النكبة، والتي أخذت منحى فاشياً واضحاً وخطيراً منذ بداية حرب الإبادة والتهجير العرقي التي تخوضها إسرائيل الرسمية ضد شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة”.

ولفت بركة إلى أنه منذ بداية هذه الحرب خبرنا صنوفاً من الملاحقات، ومن تضييق الخناق علينا، وعلى حقنا في التعبير، حيث وصلت الاعتقالات والملاحقات التعسفية الجائرة إلى الآلاف من أبناء شعبنا، منهم ناشطون وأكاديميون وعاملون في القطاع الصحي والتعليمي والرسمي، ومؤثرون وقيادات سياسية، ومنهم نواب كنيست يمثلون مجتمعنا، ومواطنون عبّروا عن ألم أو غضب بسبب جرائم حكومة إسرائيل، وكل ذلك إلى جانب ملاحقات خانقة لمؤسسات مجتمع مدني عربية خيرية”.

وينبه بركة لازدواجية المعايير، بقوله: “في هذا الواقع، لم تتخلّف المؤسسة القضائية الإسرائيلية عن الانصياع للسياسة “الأمنية” الرسمية، في كل ما يتعلق بمنح ختم “قضائي” للملاحقات والتضييقات، وكبت حرية التعبير والتظاهر. في موازاة ما يسمى بالعبرية “ماكنة السمّ” التي تعمل ليل نهار ضد معارضي الحكومة الفاشية في الشارع اليهودي، نلمس انتشاراً رهيباً لما يسمى الذباب الإلكتروني، الذي يعمل ليل نهار في وسائل التواصل الناشطة في المجتمع الفلسطيني داخل إسرائيل”.

ويضيف: “هذا الذباب له أب وله أم (عندنا كل الأسباب للظن أنهما ليسا من أبناء شعبنا)، وهو ينشر التضليل والتخويف والدونية بأسماء مستعارة وغير مستعارة، ويعمل على التطاول على القيادات الوطنية الملتزمة، وينشر قاذوراته على صفحات مؤثرين من أجل تثبيط العزائم وتسفيه أدوات النضالات الشعبية و”إقناعنا” بأن المشكلة فينا، وليس في سياسات السلطة الإسرائيلية”.

العمل الجماعي

منوهاً أن هناك نوعاً آخر من أدوات الحرب التي تشنّها المؤسسة علينا، وهي إعطاء “نصائح” وتهديدات مبطنة لأشخاص ولشخصيات تعتقد المؤسسة أنها تستطيع ابتزازها، ولم يفلت من هذه “النصائح” حتى رؤساء سلطات محلية عربية منتخبين، والتلميح لهم بأن عملهم البلدي قد يتضرر بسبب هذا النشاط أو ذاك وهذه المسيرة أو تلك. أما النوع الأكثر خطورة، وفق تنبيه بركة، فهو فتح كل الأبواب وكل التسهيلات أمام عصابات الإجرام وتدفيق السلاح دون حسيب أو رقيب على هذه العصابات لتقتل ليس فقط ضحاياها، إنما لقتل فكرة الجماعة وقتل حاجة الأمن والأمان في مجتمعنا، ولصرف هذا المجتمع عن قضاياه وحاجاته الأساسية المدنية والوطنية.

ويضيف: “في هذا السياق كشفت المؤسسة بالمطلق عن مسؤوليتها وعن رعايتها للجريمة وعصاباتها، ليس فقط من خلال عدم ملاحقة ومعاقبة عصابات الإجرام، إنما وصل العبث والمجاهرة بهذه الرعاية الرسمية إلى حظر لجنة إفشاء السلام المنبثقة عن “لجنة المتابعة العليا”، التي عملت على إرساء الصلح الأهلي في مجتمعنا، وعلى إصلاح ذات البين، ونشر مُثُل الألفة والمحبة والسلم”.

كما يوضح بركة أنه ليس أقل من ذلك إجراء الأبحاث البرلمانية ونشر تسريبات “صحافية وبحثية” عن الدعوة إلى التعرض مباشرة إلى لجنة المتابعة كقيادة وطنية جامعة لجماهير شعبنا في الداخل.

ويخلص بركة للقول، في بيان، إن مجموع هذه السياسات الرسمية يتطلب منّا تعزيز الوحدة الوطنية والاجتماعية والعمل المشترك والبنّاء في كل مجالات حياتنا، والمراهنة أولاً على فكرة الجماعة، ويتطلب اليقظة في مواجهة التحريض المباشر وعدم الوقوع في أحابيل “نصائح السمّ”، كما يتطلب العمل في الشارع الإسرائيلي السياسي والإعلامي والشعبي لتجنيد أوسع الأوساط الممكنة (في واقع صعب للغاية)، كما يتطلب التحرك على المستوى الدولي لمنع الاستفراد بنا من خلال حكومة ترى في مجرد وجودنا مشكلة.

جمعيات الثقافة

ويستنكر منتدى جمعيات الثقافة العربية الملاحقة السياسية للفنان نضال بدارنة، ويدين اعتقاله واستمرار محاولات الشرطة بالتضييق عليه ومنعه من تقديم عرض “الكبة الحديدية”، واستعمال أساليب الترهيب مع إدارات قاعات العرض، والتي كان من المفروض أن تستضيف العروض المخططة.

 ويقول المنتدى إن حرية التعبير عن الرأي هي حق أساسي، والفنان يبدع من خلال الأدوات المتاحة له، ويعبر عن رأيه، وسياسة كم الأفواه للفنانين والمبدعين مرفوضة ومجحفة ومنافية للقانون وحقوق الإنسان الأساسية.

كما أبرقت المحامية هديل أبو صالح، من مركز “عدالة”، رسالة عاجلة إلى مكتب المستشارة القضائية للحكومة، طالبت فيها بالتدخل الفوري لوقف الملاحقة السياسية التي تمارسها الشرطة الإسرائيلية ضد الفنان نضال بدارنة، والتي أدّت إلى إلغاء عروضه.

Share
  • Link copied
المقال التالي