اتهم حزب العدالة والتنمية، الحكومة، برئاسة عزيز أخنوش، بـ”تعميق أزمة الغلاء”، و”استفزاز المجتمع”، بسبب استمرارها في التلويح بـ”الوعود السخية”، بخصوص ارتفاع الأسعار، دون تحقّق أي شيء، محمّلاً إياهاً، في سياق متّصل، مسؤولية “الوضعية المختلة وغير التنافسية” لسوق المحروقات، والشبهات المثارة حوله.
وقالت الأمانة العامة لـ”المصباح”، عقب انعقاد اجتماعها، في فاتح أبريل الجاري، إنها “تنبه الأمانة العامة إلى خطورة حالة الارتباك غير المسبوقة التي رافقت صدور القرار الأخير لمجلس بنك المغرب”، مذكّرةً “رئيس الحكومة بمسؤوليته في الحرص على التنسيق بين مختلف الأطراف في احترام لقراراتها واستقلاليتها”.
وأضافت أن “التعاطي مع السياسة النقدية وآلياتها وعلاقة الحكومة مع بنك المغرب، مؤطرة بمقتضى القانون بما يضمن قيام هذه المؤسسة باستقلالية بأدوارها واختصاصاتها القانونية الحصرية، ويحقق الانسجام والتكامل اللازمين بين السياسة الحكومية في المجال الاقتصادي والاجتماعي والمالي من جانب، والسياسة النقدية من جانب آخر”.
وهو الأمر، الذي من شأنه، حسب “المصباح”، الحفاظ على “صورة ومصداقية مختلف مؤسسات الدولة، وتؤكد في هذا الصدد أن هذه الواقعة كشفت حالة من التخبط المؤسساتي غير المقبول والذي ينبغي أن لا يتكرر بما يحافظ على الصورة المشرقة والإيجابية التي تشكلت لدى مختلف الشركاء والفاعلين والمؤسسات في الداخل والخارج بخصوص مصداقية وصلابة وجدية المنظومة المؤسساتية لبلادنا”.
واعتبر “البيجيدي”، أن “موجة غلاء الأسعار التي تعرفها منذ مدة جل المواد الاستهلاكية ولاسيما الغذائية منها وعدم قدرة الحكومة على القيام بواجبها في معالجة أسبابها وتداعياتها، واستمرارها في التذكير والاحتفاء بإجراءات مالية وقانونية روتينية معتمدة منذ عقود”.
ونبه إلى أن الحكومة، مستمرة في “التلويح بمجموعة من الوعود الحكومية السخية والتي وفضلا عن كونها لم تتحقق إلى الآن فإنها تساهم في تعميق أزمة الغلاء وتستفز المجتمع، وهو ما يتطلب التدخل بشكل مستعجل عبر إجراءات جديدة تتناسب مع هذه الوضعية الاجتماعية والمعيشية الصعبة والاستثنائية”.
واقترحت حزب العدالة والتنمية، في هذا الصدد، “صرف دعم مالي للأسر الفقيرة والهشة، بالاعتماد على اللوائح والبوابة الإلكترونية التي اعتمدت سابقا لصرف الدعم في فترة أزمة كوفيد، واستعمال الفائض المالي المحقق من المحصول الاستثنائي للضرائب والرسوم المفروضة على المحروقات، والأرصدة المتوفرة بالصناديق الخصوصية ذات الصلة بدعم التماسك الاجتماعي، وذلك إلى حين الشروع في صرف الدعم المباشر المخصص في إطار ورش تعميم الحماية الاجتماعية”.
وأوضح أن هذا الأمر “من شأنه أن يخلف حالة ارتياح لدى المواطنين عامة، ويساهم بالخصوص في التخفيف على الفئات الهشة والفقيرة، التي تعاني من موجة غلاء المواد الاستهلاكية والغذائية، والتي تشبه في آثارها إلى حد كبير حالة الحجر الصحي إبان أزمة كوفيد-19”.
وجددت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، تنبيهها “إلى خطورة الإشكالات الكبيرة التي تصاحب تنزيل الحكومة لورش تعميم التغطية الاجتماعية، والتي تجسدت في حرمان فئات واسعة، كانت إلى الأمس القريب تستفيد من برنامج “راميد”، من حقها في الاستفادة من الخدمات الصحية المجانية”.
وتابعت في السياق ذاته: “وكذا حرمان عدد من الفئات الهشة والفقيرة من برنامجي دعم الأرامل وتيسير، واستمرار الحكومة في ربط الاستفادة من هذه البرامج بشكل متعسف بالتوفر على بطاقة “راميد”، في الوقت الذي لم تعد هذه الوثيقة موجودة أصلا، وتدعو في هذا الصدد الحكومة إلى إعادة صرف الدعم المكتسب لمستحقيه من النساء الأرامل في وضعية هشة؛ وللأسر التي لها أطفال في سن التمدرس؛ وتوفير الاستفادة من الخدمات الصحية المجانية لجميع الأسر الفقيرة والهشة”.
وأكد “البيجيدي”، على أن “الوضعية المختلة وغير التنافسية التي يعيشها سوق المحروقات والشبهات التي أثيرت مؤخرا حول استيراد وتصدير الغاز الروسي، وعدم قدرة مجلس المنافسة على الاضطلاع بأدواره الدستورية في هذا الصدد بسبب عدم مبادرته وانتظاريته من جهة، وبسبب تأخر الحكومة في إصدار نصوصه التنظيمية من جهة أخرى، تعد من بين أبرز الأسباب التي أدت وتؤدي إلى استمرار موجة الغلاء واستفحالها، بالرغم من الانخفاض المستمر في أسعار المواد البترولية على المستوى الدولي”.
وقرر الحزب الذي قاد الحكومة المغربية، بين سنتي 2011 و2021، تكليف رئيس المجموعة النيابية، عبد الله بووانو، بـ”التنسيق مع فرق المعارضة قصد تفعيل الآليات الدستورية والمؤسساتية المناسبة مع ما بات يعرف بقضية الغاز الروسي”.
ونبه “المصباح”، مرة أخرى، إلى “خطورة المنطق المستفز الذي استقر عند الحكومة، ورئيسها بالخصوص، في التعامل مع قضايا المواطنين والمواطنات وفي التعاطي السلبي والاستخفاف بالتحذيرات والتنبيهات المتكررة الصادرة عن بعض أحزاب المعارضة وممثليها بالبرلمان”.
وأوضح أن هذا المنطق، “مطبوع باللامبالاة وعدم الاهتمام بالمشاكل والصعوبات الحقيقية التي تواجه المجتمع في معيشه اليومي، وبالإصرار على الترويج لتوقعات اقتصادية ومالية متفائلة وخاطئة وترديد الوعود السخية والتسويق لإنجازات وهمية، وهو المنطق المفضي لاقدر الله إلى تزايد حالة القلق الاجتماعي الذي تتوسع دائرته وتبرز تجلياته بشكل مستمر، وإلى انهيار منسوب ثقة المواطنين والمواطنات في المؤسسات “المنتخبة” وفي قدرتها على القيام بواجباتها في الدفاع عن مصالحهم والاستجابة لانتظاراتهم المشروعة”.
كما جدد “البيجيدي”، دعوته لـ”الحكومة ووزرائها، للتركيز على الأولويات والانتظارات الحقيقية التي تشغل بال المواطنين والمواطنات والوفاء بالتزامات البرنامج الحكومي، والإسراع في تبني سياسات عمومية قائمة على خدمة عموم فئات المجتمع ولاسيما الفئات الهشة والفقيرة، والتخلي عن منطق الاحتكار والجشع واستغلال النفوذ المرتبط بزواج المال بالسلطة، الخادم لفئة قليلة محظوظة على حساب باقي فئات المجتمع، وذلك عوض التمويه وتحويل الانتباه من خلال التسابق إلى إثارة مواضيع هامشية لا تجد أدنى اهتمام بها لدى المواطنين، فضلا عن كونها لا تنسجم مع مرجعية الدولة والمجتمع المغربي”.
هذا، ونبهت الأمانة العامة لـ”المصباح”، إلى “خطورة الوضع الذي يعيشه قطاع التربية والتكوين وتدبيره من خلال فرض خارطة طريق جديدة تتجاهل مقتضيات القانون الإطار للتربية والتكوين وتعيد بالتالي إصلاح المنظومة إلى نقطة البداية، كل ذلك في ظل التعتيم على مشروع النظام الأساسي الجديد والتلكؤ في تنزيل مقتضيات الاتفاق الاجتماعي الأخير”.
ودعت إلى “الحفاظ على الشروط القانونية المعتمدة منذ عقود في الولوج إلى مختلف المباريات العمومية ومباراة الولوج إلى مهنة المحاماة، ولاسيما الشرط المتعلق بالسن، بما يضمن حق المواطنين والمواطنات في الولوج بنفس الشروط القائمة وعلى قدم المساواة إلى الوظائف والمهن ويضمن لهم حقهم في المشاركة والاستفادة من الفرص المتاحة، وتستغرب إمعان الحكومة في التضييق على حاملي الشهادات بحجج غير معقولة”.
واستنكرت “غياب قنوات القطب العمومي عن القضايا الأساسية والراهنة التي تشغل بال المواطنين والمواطنات، وإمعانها في تبديد الأموال العمومية في إنتاج وبث برامج مطبوعة بالتفاهة والسطحية بدل استثمار هذا الشهر الفضيل في إنتاج مواد تربوية وتثقيفية وتوعوية تنفع البلاد والعباد”.
وأعربت الأمانة العامة لـ”المصباح”، عن “إدانتها واستنكارها الشديدين لاقتحام قوات جيش الاحتلال الصهيوني والمستوطنين للمسجد الأقصى المبارك، وهجومهم الوحشي على المصلين والمرابطين خلال هذا الشهر الفضيل، وتجدد دعوتها للمسؤولين على المستوى العربي والإسلامي والدولي للتدخل لوقف العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني ودعم حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، كما تجدد دعمها للمقاومة الوطنية الفلسطينية المشروعة والشعب الفلسطيني البطل والمقدسيين المرابطين في مواجهة الاحتلال والنضال من أجل دولتهم الفلسطينية المستقلة”.
وفي الشأن التنظيمي، قررت الأمانة العامة، حسب بلاغها، “مواصلة تنزيل البرنامج الوطني للتكوين الموجه لعموم أعضاء الحزب كما هو مقرر في أول أحد من كل شهر، من خلال برمجة المواضيع التالية: مدونة الأسرة ورهانات الإصلاح (2 أبريل)، تطور المنظومة التعليمية (7 ماي)، ورش تعميم التغطية الاجتماعية (4 يونيو)، ورش إصلاح المنظومة الصحية (2 يوليوز). كما قررت الأمانة العامة برمجة لقاء دراسي بخصوص تقييم المخطط الأخضر بتنسيق مع المجموعة النيابية للعدالة والتنمية ومنتدى الأطر والخبراء للحزب”.
ومن جهة أخرى، يبرز البلاغ، “ستنظم لجنة الشؤون السياسية والسياسات العمومية بالمجلس الوطني يوم الأحد 9 أبريل المقبل بحول الله لقاءا دراسيا حول الأسباب والتداعيات والحلول المقترحة لإشكالية التضخم وارتفاع الأسعار ببلادنا”، متابعاً: “وعلى مستوى مالية الحزب، تم بتاريخ 30 مارس 2023 إرجاع الشطر الثاني من فائض الدعم الناجم عن النتائج المعلنة برسم انتخابات 8 شتنبر والبالغ 2.893.780,75 درهم إلى خزينة الدولة”.
على أن يتم إرجاع الشطر الثالث والأخير، يقول المصباح، “بنفس المبلغ السنة المقبلة، وذلك وفق الاتفاق الذي تم بين الحزب ووزارة الداخلية، والمتضمن في رسالتها الجوابية بتاريخ 29 أبريل 2022، وهي نفس الصيغة التي يتم العمل بها في هذه الحالة مع باقي الأحزاب. وقد تم إخبار المجلس الأعلى للحسابات رسميا بذلك بمناسبة إيداع الحزب لحسابه السنوي برسم سنة 2022 مشهودا بصحته من طرف خبير محاسب يوم 31 مارس 2023 داخل الأجل القانوني”.
تعليقات الزوار ( 0 )