شارك المقال
  • تم النسخ

الشيعة والسنة … أوجه التشابه

لا نكاد نحن أهل السنة نعرف أدبيات الشيعة أو المعتزلة إلا من خلال تراث أئمتنا وعلمائنا، وبالتالي، فإننا نعرف أدبياتهم بالواسطة، أو بعبارة أدق، فإننا نعرف أدبياتهم من خلال أدبيات وتراث خصومهم، وشخصيا، لم أعرف مقولات الشيعة والمعتزلة إلا من المستصفى للإمام الغزالي أولا، ومن غيره من أدبيات الأشاعرة ثانيا، ومعلوم أن الأشاعرة خصوم فكرانيون للطائفتين معا، كما أن كثيرا من أهل السنة المعاصرين لم يطلعوا على تراث هذين الفريقين إلا من خلال تراث الوهابية أو متقدمي الحشوية، وهم أشد خصومة مع المذكورين، وهذا خلل منهجي كبير، لأن الخصوم قد ينسبون إلى خصومهم ما لا يقولون، أو قد يحَمّلون كلامهم ما لا يحتمل، أما إذا دخل التعصب إلى هذا الاختلاف والتباين، فلن ترى إلا الإقذاع والتبديع.

ومن أوضح الأمثلة على ذلك، نجد إماما كبيرا من أئمة أهل السنة، وهو إمام الحرمين الجويني، نسب إلى الإمام مالك القول بجواز قتل الثلث للإبقاء على الثلثين، مع أن الإمام مالكا بريء من هذه المقولة السيفية.

فإذا كان الشافعي السني غير دقيق في النقل عن المالكي السني، فكيف سيكون في نقوله عن الشيعة أو المعتزلة؟

لذا، كان النقل عن الفرق من خلال أدبيات خصومهم أدعى إلى توسيع شقة الخلاف وتعميق الهوة بين أبناء الدين الواحد.

واليوم، وبعد حركة الطباعة وتحقيق تراث المعتزلة، تبين لنا أن بعض ما نقلناه عنهم لم يكن كما يقولون. كما أن الانفتاح على الآخر من خلال الوسائل الحديثة جعلتنا نطلع على تراث الشيعة الذي لم يكن بوسع آبائنا ــ بله من قبلهم ــ التعرف عليه، لعدم وصوله إلى أقطارنا القصية عن بلدانهم، وبالتالي، تبين لنا زيف كثير من المقولات التي كنا ننسبها إليهم على أساس أنها مسلمة من مسلماتهم، وثابتا من ثوابتهم، مثل ما كنا نردده وننسبه إليهم، مثل ثلب عرض أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها، والقول بتحريف القرآن، وعدم الاعتماد على السنة، أو أن السنة عندهم هي مقولات أئمتهم المعصومين، وأن كتاب الكليني عندهم مثل كتاب البخاري عندنا، إلخ.

وقد تبين لنا بعد شيء من البحث، أن ما كنا نقوله إما تضخيم لشواذ أقوالهم، أو مجرد افتراء على أئمتهم ومراجعهم، ولا يمكن الوصول إلى هذه النتائج وتقريرها إلا بعد التسلح بالموضوعية والتجرد عن الأحكام المسبقة قبل الانخراط في عملية البحث والدراسة، وقد آلينا على أنفسنا ذلك كما التزمناه في دراسات وأبحاث سابقة.

وإضافة إلى ما سبق، فقد هالنا ما صرنا نسمعه ونشاهده ــ في سياق الحرب بين حزب الله اللبناني والكيان الصهيوني ــ من حملة التكفير التي يقودها بعض دهماء الشيوخ، الذين لم يقصروا في تكفير الشيعة وإخراجهم من الملة، خلافا لما كان عليه شيوخ السنة ومراجعها، ومنهم من تقلد مشيخة الأزهر، وهذه الخرجات الرعناء لهؤلاء الوعاظ ــ الذين ينظر إليهم العوام على أساس أنهم علماء، اغترارا بزيهم ولحاهم ــ تعمل على تأطير الرأي العام وتشكيل وعيهم، وبلورة مسلَّماتهم، ومنها ــ مع الأسف ــ إبعاد فرقة من المسلمين والقول بكفرها، وتقريب الصهاينة وتليين الموقف منهم واعتبارهم من أهل الكتاب، وقد سمعنا من يقول بأن اليهود أقرب إلينا من الشيعة، لأن الأوائل أهل كتاب تؤكل ذبائحهم وتنكح نساؤهم، والآخرون لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم، بل طالعنا في إحدى الصحف السعودية رسما كاريكاتوريا يصور رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يستأصل في عملية جراحية طبية سرطانا اسمه حزب الله من جسد لبنان.

لذا، وخلافا للتيار الجارف، ارتأينا أن نتجرد عن الإيديولوجيا، وأن نسلط الضوء على اثنين من أوجه التشابه بين أبناء الطائفتين المسلمتين الكريمتين: السنة والشيعة، متسلحين بالعلم والموضوعية دون سواهما.

أولا: تحريف القرآن

لا يكاد أحد من أهل السنة يذكر الشيعة الإمامية ويميل إلى تكفيرهم إلا ويردد مقولة تحريفهم للقرآن، ويذكر ذلك على أنه مسلّمة من مسلماتهم، وثابت من ثوابت مذهبهم، ويزيد في الطنبور نغمة ويقول بأن إمامهم النوري الطبرسي ألف كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، ثم يزيد ليقنع مخاطَبيه بأنه من الكتب المعتمدة عندهم. إلخ السردية المحفوظة.

وبعد تبين الأمر ومراجعة مواقف أئمة الشيعة ومراجعهم من تحريف القرآن، نجد العكس هو الواقع، قال الطبرسي: “أما الزيادة في القرآن فمجمع على بطلانها، وأما النقصان فقد روي عن قوم من أصحابنا وقوم من الحشوية، والصحيح خلافه، وهو الذي نصره المرتضى واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء”، وقال أيضا: “الزيادة في القرآن مجمع على بطلانها، وأما النقصان فهو أشد استحالة”. هذه نصوص الطبرسي، وله نصوص أخرى في الموضوع، وهو من أئمتهم المعتمدين، وهو هنا يحكم باستحالة التحريف، ويحيل على إمام آخر من أئمتهم، وهو المرتضى.

ويقول الخوئي في تفسيره “البيان”: “إن حديث تحريف القرآن حديث خرافة لا يقول به إلا من ضعف عقله، أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل، أو من لجأ إليه يحب القول به، والحب يعمي ويصم، وأما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه أو خرافته”.

وللإمامية نصوص أخرى تنفي التحريف وتنص على أن كلام الله المعجز هو هو لم ينقص منه ولم يُلحق به شيء، وقد نص كثير من منصفي علماء السنة على أن مصحف الشيعة هو نفسه مصحف السنة، منهم الشيخ محمد الغزالي والدكتور علي عبد الواحد وافي والشيخ محمد أبو زهرة وآخرون.

لكن، لا يمكن لهذه الأقوال الحاسمة أن تنسينا بأقوال بعض الإخباريين منهم الذين يقولون بتحريف القرآن ونقص بعض آياته التي تنص على إمامة سيدنا علي أو تنص على فضائل الأئمة أو الآل الأطهار، وهذه الروايات الشاذة والشاردة هي التي تبناها صاحب كتاب “فصل الخطاب” المذكور، وهو الكتاب الذي لم يُلتفت إليه ولا إلى صاحبه إبان صدوره، بل عورض وهُجر، وألف في نقضه إمامية آخرون، مثل المعرب الطهراني (ت:1313هـ) الذي ألف كتابا بعنوان [كشف الارتياب عن عدم تحريف الكتاب]، ومحمد حسين الشهرستاني (ت:1315هـ) الذي ألف كتابه المعنون بـ[حفظ الكتاب الشريف عن شبهة القول بالتحريف].

ولو كان القول بتحريف القرآن ثابتا من ثوابت الإمامية وأساسا من أسسهم، لما عارض كتاب “فصل الخطاب” إمامية آخرون، بل لاحتفوا به وبصاحبه، وهذا ما لم يقع، فتبين أن القول بعدم التحريف هو القول المعتمد عند الإمامية، وأن القول بالتحريف هو قول شاذ يتبناه قليل من إخبارييهم لا غير.

وبالمقابل، فإن أهل السنة يكاد يحصل الإجماع بين علمائهم ــ أصوليين وإخباريين ــ أن القرآن الموجود بين أيدينا اليوم ناقصُ الآيات، ومروياتهم في ذلك صحيحة معتمدة.

ففي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري أنه قال: “إنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة، فأنسيتها، غير أني قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدى المسبحات، فأنسيتها، غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، فتُكتب شهادة في أعناقكم فتُسألون عنها يوم القيامة”.

هذه الرواية الصحيحة سندا، المقبولة عند علماء أهل السنة، تنص على الآتي:

  • كان القرآن يتضمن سورتين، إحداهما تعادل سورة التوبة (130 آية)، والأخرى تشبه سور المسبحات.
  • هاتان السورتان أُنسيهما أبو موسى الأشعري، ولم يثبت عن أحد من الصحابة أنه كان يحفظهما أو أنه اطلع عليهما.
  • رغم الإنساء ــ وليس النسيان ــ الذي تعرض له أبو موسى الأشعري، فإنه تذكر جملتين/آيتين منهما.

وروى البخاري في صحيحه أن عمر بن الخطاب قال: “إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله: آية الرجم، فقرأناها وعقلناها ووعيناها، رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، … ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله: أن لا ترغبوا عن آبائكم، فإنه كفرٌ بكم أن ترغبوا عن آبائكم …”.

هذه رواية ثانية صحيحة السند عند علماء أهل السنة أجمعين، مفادها الآتي:

  • كانت في القرآن آية تتحدث عن رجم الزاني المحصن.
  • أقرّ عمر بأن تلك الآية زالت من القرآن، وخشي ألا يعمل الناس بمحتواها بعد مدة من الزمان.
  • أفادت هذه الرواية أيضا أن آية أخرى كانت في كتاب الله ثم زالت، وهي مؤطرة للعلاقة بين الأبناء والآباء.

هناك روايات أخرى كثيرة عند أهل السنة تفيد نقصان جزء قلّ أو كثر من بعض السور، بل بعضها يفيد نقص سورة بكاملها، مثل سورة الحفد، وبعض الروايات مروية في الصحيحين أو من أفراد أحدهما، ولم أتوسع في إيرادها مكتفيا بالاثنتين السابقتين، وإحداهما من أفراد البخاري والأخرى من أفراد مسلم.

خلاصة ومقارنة:

الخلاصة أن [بعض] إخباريي الشيعة ذكروا روايات مفادها حدوث النقصان في القرآن الكريم، و[كل] علماء السنة ذكروا روايات مفادها حدوث النقصان في القرآن.

والفرق بين الوضعيتين يتجلى في الآتي:

أولا: [بعض] الشيعة سَمّوا النقص الواقع في القرآن تحريفا، و[كل] السنة سموا النقص الواقع في القرآن نَسخ الرسم، ويسمونه أيضا نسخ التلاوة. فاتفقوا في النقص واختلفوا في تسميته.

ثانيا: ما قاله الشيعة بكونه نقصا وتحريفا مجرد روايات تروى عن أناس غير معترف بعدالتهم من قبل الشيعة أنفسهم، مثل السياري وعلي بن أحمد الكوفي ويونس بن ظبيان وغيرهم. وما رواه أهل السنة مما يفيد وقوع النقص في القرآن فمروي في الكتاب المعتمدة أولا، مثل الصحيحين [أربع أو خمس روايات]، والسنن ومستدرك الحاكم ومسند أحمد، وأسانيد بعضها في غاية الصحة.

إذا ثبت هذا، فإن القول بالزيادة في القرآن غير وارد عند أهل السنة والشيعة، وهذا من توافقهما، والقول بالنقص الواقع فيه وارد عند بعض الشيعة وكل السنة، فتوافقا وتشابها هنا.

والصواب الذي ندين الله به أن هذا كله خرافات لا أساس لها، وأن النقص المتوهم ليس إلا آفة من آفات إخباريي الطائفتين كما سنبين  لاحقا، وأن جمهور الشيعة تحملوا مسؤوليتهم حين رفضوا تلك الروايات وطعنوا في أصحابها، أما السنة فلم يجرؤوا على ذلك، وبقي اللاحق ينقل من السابق، وما تجده عند الزركشي تجد مثيله عند السيوطي والزرقاني وغيرهم من الكتب المصنفة في علوم القرآن، ولم يتخلص من هذه الآفة إلا بعض متأخري المحققين، كالدكتور مصطفى زيد والشيخ محمد الغزالي، وقد أخبرني أستاذنا الدكتور أحمد الريسوني أنه يتبنى هذا الرأي منذ سمعه من شيخه الإمام عبد الله بن الصديق الغماري.

ثانيا: الإخباريون والحشوية

مما يدركه الباحثون أن في الإمامية إخباريين وأصوليين، والإخباريون هم الذين يهتبلون بنقل الروايات ويعتنون بها ويكثرون من جمعها ودراستها والعمل بمقتضاها، وللإخباريين سطوة وصولة في فترات زمنية اشتهرت من خلالها مقولاتهم.

ويعد الكليني صاحب الكافي من متقدمي إخبارييهم، وهو عمدة عندهم، وقد اشتهر بالجمع والتقميش للروايات بدون أدنى حس نقدي، ورغم ذلك، فإن كثيرا من الإخباريين يقطعون بصحة كتابه.

لكن عامة الإمامية وجمهورهم من الأصوليين وبعض الإخباريين لا يلتفتون إلى هذا ولا يتبنونه، ولا يقرون بوجود كتاب حديثي متفق على صحته بين مراجعهم وعلمائهم، بل المسألة عندهم اجتهادية، كل إمام يجتهد من الناحيتين (الرواية والدراية) ليحكم بصحة أو عدم صحة الأحاديث، لذلك ذكر يوسف البحراني (ت:1186هـ) أن الصحيح من كتاب الكافي لا يتجاوز 5072 حديثا من أصل 16121، وذكر السيد الخوئي في معجمه أن روايات الكافي ليست صحيحة كلها، “ولا شك أن بعضها ضعيفة، بل إن بعضها يُطمأن بعدم صدورها من المعصوم عليه السلام”، ونقل عن الشيخ الصدوق أنه لم يكن يعتقد بصحة كل روايات الكافي، وهذا متوافق مع بعض عبارات الشيخ المفيد وابن زهرة وابن إدريس وغيرهم، وذهب بعض علمائهم إلى أن ضعيف الكافي أكثر من صحيحه، مثل ما ذكره البحراني السابق، وفخر الدين الطريحي وبحر العلوم وغيرهم. وألّف البهبودي ــ وهو من تلاميذ الخميني ــ كتابا بعنوان “صحيح الكافي” رجح فيه تصحيح 4428 حديثا.

وما يقال عن الكافي يقال عن غيره من المصادر كمن لا يحضره الفقيه وتهذيب الأحكام والاستبصار.

ونظير الإخباريين الشيعة هم حشوية المحدثين عند أهل السنة، وهم الذين أفنوا أعمارهم في جمع الروايات مع خصومة شديدة للمعقولات، خصوصا علم الكلام، والابتعاد عن المنهجية الأصولية، وهؤلاء من أمثال عبد الله بن الإمام أحمد وابن بطة والبربهاري والدارمي عثمان بن سعيد وابن خزيمة وأبي إسماعيل الهروي وغيرهم، هم الذين ملأوا كتبهم بالمتون الضعيفة والشاذة والموقوفة في مجال العقيدة عموما، وفي مجال الذات الإلهية خصوصا، وتعتبر جهودهم المستنَد الرئيس لتسرب التشبيه والتجسيم إلى الثقافة الإسلامية منذ عهدهم إلى عصرنا الحالي.

وكما أن الأصوليين الشيعة يرفضون كثيرا من الروايات المعتمدة عند الإخباريين، فكذلك الأصوليون السنة، أو أهل المعقول، فإنهم يرفضون كثيرا من مؤلفات وآراء الحشوية، ومن أمثلة ذلك، موقف الفخر الرازي الأشعري من كتاب التوحيد لابن خزيمة، فإنه كان يسميه كتاب الشرك، وأن صاحبه مسكين جاهل، مضطرب الكلام، قليل الفهم، ناقص العقل.

وخلاصة القول وزبدته، أن الإخباريين هم آفة الطائفتين، وتضخيم جهودهم وأقوالهم يكون وبالا على طائفتهم أولا، وعلى الإسلام ثانيا، وما صاحب كتاب “فصل الخطاب” عنا ببعيد، إذ لا يمكن لسني ينسب إلى الشيعة القول بالتحريف إلا ويذكره مستشهدا مستدلا، وهو في ذاته ليس إلا إخباري مولع بالجمع والتقميش، بعيد عن التمحيص والتحقيق، قال عنه الخميني: “لو كان الأمر كما توهم صاحب (فصل الخطاب) الذي كان كتابه لا يفيد علما ولا عملا، وإنما هو إيراد روايات أعرض عنه الأصحاب، وتنزه عنها أولو الألباب من قدماء أصحابنا كالمحمدين الثلاثة المتقدمين رحمهم الله، هذا حال كتب روايته غالبا كالمستدرك، ولا تسأل عن سائر كتبه المشحونة بالقصص والحكايات الغريبة التي غالبها بالهزل أشبه منه بالجد، وهو رحمه الله شخص صالح متتبع، إلا أن اشتياقه لجمع الضعاف والغرائب والعجائب وما لا يقبلها العقل السليم والرأي المستقيم أكثر من الكلام النافع”.

هذان وجهان من أوجه التشابه بين السنة والشيعة، أولهما القول بالتحريف في مروياتهما، وثانيهما وجود الإخباريين بين علمائهما، وهناك أوجه أخرى للتشابه بين الطائفتين تدل على أن مراجعهما وأعلامهما في مسيس الحاجة إلى خوض غمار التنوير والاجتهاد، بعيدا عن الشيوخ المرتبطين بأجهزة المخابرات التي تستثمر في بث الفرقة بين مكونات الأمة، وقد لا أبالغ إن قلت بأن النقد الذاتي الذي يمكن أن يمارسه علماء كل طائفة أدعى إلى التقريب من الإمعان في نقد علماء كل طائفة للطائفة الأخرى.

ولست مبالغا إن قلت بأن مساحة التقارب والتشابه بين الطائفتين ليست منعدمة أو صغيرة، بل هي مساحة مهمة على مستوى الفروع والأصول، لذا قال العلامة محمد علي التسخيري: “لقد استمعت يوما إلى حديث للأستاذ المرحوم محمد المبارك، وهو المفكر الكبير، فأخبرني بأنه درس المساحة الفقهية المشتركة بين الشيعة والسنة، فوجدها تصل إلى أعلى نسبة متصورة، كما حدثني أستاذ عراقي معروف، وهو الأستاذ الكبير حسين محفوظ عن أن شقة الخلاف تضيق إلى ما لا يتصور، هذا على الساحة الفقهية، وكذلك الأمر على الساحة العقائدية، أما الساحة الاجتهادية والأخلاقية فلا تكاد تبصر خلافا بينهما”.

Abdellah4144@hotmail.fr

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي