حاوره: الحسين الشاكري
أعلن عبد الوهاب السحيمي، عن تنسيقية الأساتذة الحاملين للشهادات، بخصوص نازلة تارودانت، عن رفضه القاطع للعنف الممارس داخل الوسط المدرسي، مضيفا أنه لا يمكن الجزم بأن مسبب اللكم على وجه التلميذة مريم هو أستاذها قبل التحقيق في الواقعة.
واعتبر السحيمي، في حوار خاص مع جريدة “بناصا” أن هناك جهات تدفع في اتجاه تأليب المجتمع ضد نساء ورجال التعليم، وتنتظر أي هفوة صادرة عن أحد الأساتذة..
إليكم الحوار كاملا مع الأستاذ عبد الوهاب السحيمي.
– ما تعليقكم على سلوك الأستاذ المتعلق بممارسة العنف تجاه التلميذة مريم بتارودانت؟
أولا، لحدود اللحظة لا يمكن أن نجزم بأن مسبب كل تلك اللكمات على وجه التلميذة مريم هو مدرسها، حيث لا زلنا ننتظر نتائج التحقيق الذي فتحته النيابة العامة بتارودانت. وهذا لا يمنعنا من التأكيد بأن العنف بالوسط المدرسي مهما كانت درجاته فهو مرفوض وغير مقبول البتة، لكن بالمقابل على الجهات الحكومية الوصية على التعليم أن تقوم بدورها للنهوض بأوضاع التعليم وتوفير ظروف اشتغال عموم نساء ورجال التعليم.
فالظروف المزرية التي يشتغل فيها الأساتذة والأستاذات في مناطق نائية وبمستلزمات دراسية ضعيفة جدا إذ لم أقل منعدمة، مع غياب تام لأي تعويضات تحفيزية لهؤلاء الأساتذة خاصة العاملين بالمناطق النائية، تساهم في انتشار ظاهرة العنف. هذا، دون إغفال ظروف الأسر المزرية والتي، آخر شيء تفكر فيه، هو مواكبة ودعم أبناءها. لذلك، الجهات المعنية مطالبة بالقيام بدورها في هذا الاتجاه والعمل على النهوض بأوضاع التعليم جذرياً عبر تسطير برامج لتحسين ظروف اشتغال الاساتذة وخاصة العاملين بالمناطق النائية. ومن جهة أخرى، دعم الأسر المعوزة وتوفير جميع مستلزمات الدراسة لأبنائها وتعميم التعليم الأولي…
كيف تفسر هذه الحملة الفايسبوكية على الأساتذة؟
للأسف، الحكومات المتعاقبة نجحت في مخططاتها لتحطيم رجل تعليم وتأليب المجتمع ضده وبالتالي تصفية التعليم العمومي. فمجهودات كبيرة بذلت لضرب دور ومكانة رجل تعليم في المنظومة التعليمية، وذلك عبر شن هجمات متتالية للإجهاز على ما تبقى من حقوقه المسلوبة، والأخطر من ذلك، هو اطلاق تصريحات مخدومة بشكل مستمر تستهدف الاستاذ. فنتابع منذ مدة ليست بالقصيرة، تصريحات رؤساء حكومات سواء السابقين أو الحالي، و وزراء متعاقبين على تدبير قطاع التعليم يحملون جميعهم مسؤولية الكارثة التي يتخبط فيها التعليم العمومي المغربي للمدرسين والمدرسات، وكأن المدرس هو المسؤول عن تنزيل سياسات تعليمية في القطاع منذ الاستقلال عرفت كلها فشلا ذريعا.
وللأسف، هذه التصريحات المخدومة، والتي تهدف الى تغييب دور رجل تعليم في المنظومة التربوية، وبالتالي ضرب المدرسة العمومية، انطلت وبشكل كبير على شريحة واسعة من المجتمع المغربي، فأصبحت هذه الأخيرة هي الأخرى، تعتبر بأن رجل التعليم هو سبب البلاء وهو اصل المشكل، وبأنه انسان غير مسؤول واخر شيء يفكر فيه هو القيام بواجبه في الفصل. والحقيقة، هي أنه لو كان هناك من شيء جميل في التعليم العمومي المغربي اليوم، فهو بفضل المجهودات الجبارة لنساء ورجال التعليم.
فالأساتذة والأستاذات هم صمام أمان المنظومة، وهم من يواجه، وبالوكالة عن كافة رواد التعليم العمومي، كل المخططات المشؤومة التي تستهدف المدرسة المغربية العمومية. فعندما تجهز الحكومات المتعاقبة على الحقوق المكتسبة لنساء ورجال التعليم، فهي بالأساس تستهدف التعليم العمومي. والوقوف في وجه هذه المخططات هو وقوف من أجل تحصين التعليم العمومي. لذلك، فالمفروض في جميع مكونات المجتمع المغربي اليوم، هو اسناد ودعم الأساتذة والأستاذات وليس الانسياق مع الهجمات المتتالية للحكومات المتعاقبة ضدهم. فالمستفيد الأول والأخير من إذلال الأستاذ وتحقيره وتبخيس دوره هم أعداء التعليم العمومي، يعني الجهات التي تعمل ليل نهار من أجل النيل من التعليم العمومي وضرب ما تبقى به من مكتسبات وخاصة المجانية، وبالمقابل تدفع في اتجاه تقوية التعليم الخصوصي وتفرض على الأسر المغربية الفقيرة والمعوزة تسجيل أبناءها في المدارس الخاصة.
كيف تنظر لهذا التحامل على الأساتذة بسبب سلوكات منفردة لبعض الأساتذة؟ و هل تعتقد أنه توجد جهات تدفع في هذا الهجوم؟
طبعا، توجد جهات تدفع في اتجاه تأليب المجتمع ضد نساء ورجال التعليم، وتنتظر أي هفوة صادرة عن أحد الأساتذة، وعوض أن يتم التثبث من صحتها، تسارع هذه الجهات لشن هجوم لاذع وقوي على عموم نساء ورجال التعليم، ولا تقف عند حدود الخطأ المرتكب، ونحن هنا لا ننزه الاستاذ عن ارتكابه لأخطاء، فهو يبقى انسانا ومعرضاً للخطأ، بل هذه الهجمات تتجاوز الخطأ المقترف لتحمله جميع الأزمات التي يتخبط فيها القطاع منذ عقود طويلة.
وهذا التحامل لشريحة من المجتمع على الأساتذة، يبقى نتاجا لتراكم تنزيل مخططات حكومية مخدومة، تهدف أساسا للنيل من الأساتذة. فبعد سنوات التنكيت على الأساتذة، تم الانتقال لجعل الاستاذ هو العدو الأول لإصلاح التعليم، وتقديمه للمجتمع في عدة مناسبات، بأنه لا يقوم بواجبه وبأن ما يهمه هو فقط الإضرابات والمطالبة بالزيادة في أجرته… فطبيعي، كانت لهذه المخططات تبعات على المكانة المجتمعية للمدرس و لعبت دورا كبيرا في تأليب المجتمع ضده وتحطيمه اجتماعيا، وبالتالي تحييد دوره التربوي.
تعليقات الزوار ( 0 )