Share
  • Link copied

الذكرى 53 لهزيمة حزيران… هكذا يقص من تبقى من الشهود نكسة 1967

في مخيم الوحدات للاجئين الفلسطينيين في الأردن، يذكر اللاجئ نايف محفوظ (63 عاما)، الطريق الذي كان يسلكه برفقة والده إلى قهوة “الدش”، المعروفة في المخيم.

“في تلك القهوة، وتلك الأيام من العام 1967، والتي سبقت النكسة، كان الجميع يحدق في الراديو الكبيرة، في لحظات صمت، لا يكسرها سوى صوت المذيع، الذي كان ينقل أخبار الضفة والقدس”.

كان “نايف” حينها، بعمر(11 عاما)، يحاول بمخيلته رسم كل تلك المشاهد التي تخرج من الراديو، ومن أحاديث الكبار بعد ذلك، إذ يصف اللحظات: “كنت أتجول في بستان أحدهم، وربما أتذوق برتقالة من حماسه وهو يتحدث عنه ويصفه، ويحلم بالعودة إليه، بينما يتفاخر آخر ببيته الذي بناه جده بغرفه الكبيرة ونوافذه التي لا تفارقها الشمس حتى تغيب”.

لم تكن قهوة “الدش”، وحدها ملتقى الباحثين عن أي أمل بعودة، قد ترسمها بنادق الفدائيين والعرب، يقول “نايف”، كان هناك أيضا مركز الشباب الاجتماعي، والذي أصبح فيما بعد نادي الوحدات، حيث كان يقصده المثقفون من أبناء المجتمع الفلسطيني، ويتناقشون فيما بينهم، ويستمعون للراديو.

وأردف كنا ننتظر اللحظة التي يُعلن فيها الانتصار على “إسرائيل”، ولكن في الخامس من حزيران في العام 1967، بدأ طيران العدو يقصف العاصمة عمان، بينما كانت تحاول المدافع الأردنية صد الهجوم، ولكن في الأيام الثلاثة التي أعقبت الهجوم، بدأنا نسمع أن الناس بدأت تنزح عن مخيمات الأغوار ورام الله باتجاه شرق الأردن.

ويذكر “نايف” مشاهداته في تلك الأيام: “عائلات غادرت بثيابها فقط، بينما تجمع الناس في الشوارع، حيث قام الأردن بواجبهم تجاههم”.

وأضاف تلك الفترة شهدت بداية ولادة مخيمات جديدة في الأردن، كمخيم البقعة، وجرش، وغزة، وغيرها حيث اعتبرتهم الأونروا نازحين، وبدأت بمنحهم البطاقات.

أما الباحث والصحفي الفلسطيني، ومدير مركز أجيال للتوثيق والدراسات، أحمد الباش، يقول : “لم أكن أدرك حينها معنى ضياع باقي الأجزاء المتبقية من فلسطين، إضافة لأجزاء من الدول العربية، لأني كنت طفلا بعمر 4 سنوات”.

تعود الذكريات بـ”الباش” إلى خطوات اللجوء الأولى في البساتين المحيطة بمخيم اليرموك، ومن ثم رحلة النزوح إلى مخيم النيرب، خوفا من أن تتبعهم دبابات الاحتلال إلى دمشق.

ويضيف من خلال عملي الطويل في التوثيق لشهود النكبة الفلسطينية، “كنت أستمع لهؤلاء الشهود وهم يصبون جام غضبهم على الأنظمة العربية، فيشتمون إعلامهم البائس ويستهزؤون به، ويتهمونه أيضا بالتآمرعلى شعبهم وقضيتهم”.

“كما كانوا يتحدثون عن حالة الأحباط التي سادت الشعوب قاطبة وقتها، وعن انهيار المعنويات والهزيمة النفسية للجماهير قبل الهزيمة العسكرية للجيوش، إذ كانوا يقولون أن الفساد المستشري في تلك الجيوش العربية حينها كان من أهم أسباب الهزيمة”، وفق ما وثق “الباش” من أحاديثهم.

وأردف أما اليوم، وأمام ما يترجمه الاحتلال واقعا بالقوة وبالهيمنة على الأرض، ما هو إلا تنفيذا حرفيا لمخرجات النكسة الفلسطينية والعربية، وما ضم القدس والاعتراف بها كعاصمة أبدية للكيان، وضم الأغوار الفلسطينية، وأجزاء كبيرة من الضفة الغربية، واستهداف اللاجئ الفلسطيني، والمخيم الفلسطيني، والأونروا، والتطبيع المتسارع مع الأنظمة العربية، ببعيد عن ذلك.

واستطرد “الباش”: “نعم أنها النكسات تتوالى على رؤسنا، نكسة تلو الأخرى، لقد تساوقنا خلالها مع الاحتلال الصهيوني منذ اتفاق أوسلو، وعشنا ونعيش حالة التشرذم والانقسام الفلسطيني السّياسي، إلى حالة البؤس التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في كل مكان، الى الواقع العربي الرديء المنقسم على ذاته، والذي أشغلوه بقضاياه الداخلية، الى الهرولة للتطبيع مع الكيان.. نكسات مستمرة ندفع ثمنها كل يوم.

 واستدرك “الباش”: “في النهاية تبقى الشعوب مسكونة بالأمل، رغم هذه الحلكة والسواد واليأس، وتبقى إرادة الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية المقهورة هي الأعلى، ولكن هذا يتطلب منا توحيد كل الجهود المختلفة، والتي يشترك فيها كل مكونات هذا الشعب العظيم، ووفق استراتيجيات واضحة الأهداف”.

ويوافق اليوم الجمعة (5 يونيو)، الذكرى السنوية الـ53 لما يُعرف عربيا باسم النكسة، أو حرب عام 1967، التي انتهت بهزيمة “إسرائيل” للجيوش العربية، واحتلالها مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية والمصرية والسورية.

ورغم مرور هذه السنوات الطوال على الحرب، إلا أن تداعياتها ما تزال مستمرة، حيث تستمر “إسرائيل” في احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة، ومرتفعات الجولان السورية، رغم صدور قرارات دولية عن مجلس الأمن، تطالبها بالانسحاب منها.

كما تأتي هذه الذكرى، مترافقة مع توجّه “إسرائيل” نحو ضم مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية، الشهر القادم.

Share
  • Link copied
المقال التالي