Share
  • Link copied

الذكاء الاصطناعي والمقاولة المغربية

كثر الحديث مؤخرا عن الذكاء الاصطناعي والروبوتات والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء والتخزين السحابي والبلوكتشين وغيرها… والرقمنة بشكل عام وضرورة مواكبة التحول الرقمي كمتغير جديد و…، كل هذه الأمور جيدة ومناسبة للتعلم وحكامة المرفق العمومي والمرافق الخاصة وتساهم في تحسين جودة العيش، ولكن الغريب في الأمر إننا نتكلم عنها وندافع عنها باستماتة شديدة إلى حد التعصب كأننا هي طوق النجاة للخروج من الأزمات التي نعيشها وهي المنقد الوحيد للقضاء على الفقر والهشاشة و الهشاشة الاقتصادية، والاقصاء الاجتماعي و تطوير التعليم والصحة ورفع الدخل الفردي و… وأن المقاولات والشركات المغربية ستصبح شركات عالمية ودولية عابرة للقارات وتحقيق الرفاه الاقتصادي والاجتماعي، مع العلم أن الواقع ومتطلبات الواقع واشكاليات الواقع كبيرة وكبيرة جدا لا يستطيع الذكاء الاصطناعي ولا غيره من فك طلاسيمها واشكالياتها، فالاحصائيات الأخيرة للمندوبية السامية للتخطيط بينت بالملموس أن 87,3% من الأسر المغربية صرحت أن مستوى معيشتها تدهورت ولم تعد في استطاعتها مواكبة نمط العيش،  كما أن 98,1 من الأسر المغربية صرحت بارتفاع غلاء اسعار المواد الغذائية خلال 12 شهرا الأخيرة، ناهيك على أن سنة 2022 عرفت إفلاس مايناهز 13.000 مقاولة مغربية بسبب التحولات الجوهرية العالمية الجديدة، إضافة إلى الجفاف والتغير المناخي و ارتفاع البطالة ومستوى التضخم الذي وصل إلى 6,6% على الإطلاق وسعر الفائدة الرئيسي الذي وصل إلى 2,5% حسب التقرير الأخير لحالي بنك المغرب لسنة 2022، ناهيك عن التأخر في تنزيل ميثاق الاستثمار الجديد من طرف الحكومة، رغم المجهودات المبذولة كل هذه الأمور وغيرها… تجعلنا اليوم أمام تحدي جديد ليس كباقي التحديات بالإضافة إلى تحدي الأمن المائي والطاقي والغذائي. 

أن الذكاء الاصطناعي كأداة متطورة يمكن استعمالها في عدة مجالات معينة كالصحة والتعليم والفلاحة والصناعة في إجراءات معينة من أجل تسريع العمليات وتجويد الخدمات والصناعات متاح وممكن ومقبول جدا، ولكن أن نضع كل اشكالياتنا في سلة واحدة وأن الذكاء الاصطناعي هو الحل الوحيد والأوحد لفك جميع المشاكل فهذا هو الغباء بعينه.
ان استيراد النماذج الأوروبية والامريكية والاجنبية بشكل عام دون غربلتها وتكييفها مع الخصوصية المغربية والثقافة المغربية و الهوية الوطنية والقيم المغربية يبقى ضربا على الحائط وتسويق الوهم للمجتمع، فجلالة الملك محمد السادس أكد في خطابه يوم أمس السبت 29 يوليوز 2023، بمناسبة عيد العرش على مفهوم جديد للقيم وعلى مفهوم الجدية، لأنها هي الخيط الناظم والموجه الحقيقي لتحقيق التنمية بمختلف مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمستدامة، فالقطاع الخاص مدعو اليوم إلى الجدية في عمله وعلى الاستثمار بشكل جيد في التكنولوجيا بما يساهم في خلق أجيال قادرة على على الابتكار والابداع وأيضا يساهم في خلق الثروة والقيمة المضافة ويساهم أيضا في خلق خدمات جديدة ومنتجات واقعية تراعي خصوصية وطبيعة المغرب والمغاربة وتساهم في حل الاشكالات التي نعاني منها دون ذلك يبقى الكلام عام وفضفاض. 

عضو منظمة الإيسكوا عضو وخبير الاستراتيجية وقيادة التغيير

Share
  • Link copied
المقال التالي