اعتادت العاصمة الاقتصادية بعد استقبالها لمناسبة عيد الأضحى، أن تهدأ قليلا من حركيتها التجارية والاجتماعية وصخبها، وهو التقليد الذي لم تحد عنه هذه السنة، التي تزامن فيها العيد مع فصل الصيف، لكن الذي اختلف هذا العام هو تقيد الساكنة أكثر بأجواء القلق جراء العودة القوية للجائحة، دون أن يحجب ذلك الأمل البسام الذي يبدو في الأفق.
العاصمة الاقتصادية، التي تمثل ثقلا ديمغرافيا كبيرا، تسجل دوما نسبا كبيرة من الإصابات بالفيروس التاجي، منذ أن حل ضيفا ثقيلا على الناس، بيد أن تكثيف وتسريع حملة التلقيح وتوسيع نطاقها لتشمل فئات عمرية جديد، شجع الساكنة المحلية على التردد على كل الفضاءات، من أجل التبضع أو التنزه أو الاستجمام، مادام الأمر يتعلق بفصل تستكين فيه فئات عريضة من الناس لأجواء العطل.
على أن بيت القصيد في تعاطي الناس مع أجواء الصيف، الذي عكرت صفوه كورونا، هو مدى احترام الإجراءات الحمائية الوقائية، التي تشدد السلطات المختصة على التقيد بها من أجل المساهمة الجماعية، في كسر شوكة الجائحة، التي تخلف مآسي كثيرة وأضرار متنوعة.
ففي معاينة بسيطة لمختلف الفضاءات العامة (الشواطىء والمطاعم والأسواق، وفضاءات عامة أخرى)، هناك من يحرص على التباعد ووضع الكمامات الواقية وغيرها من الوسائل الوقائية، وهم كثر، لكن آخرين لا يلتزمون بذلك، وهو سلوك غير مفهوم تماما بالنظر لخطورة الوضع الصحي في الدار البيضاء، وغيرها من المناطق الأخرى.
في مشهد آخر تعيش العديد من المراكز الصحية حركية كبيرة في سباق مع الزمن من أجل استكمال عملية التلقيح، وتسريع وتيرتها وذلك في أفق بلوغ الهدف المرسوم المتعلق بتحقيق مناعة جماعية.
في المقابل يتردد العديد من الناس على المختبرات لإجراء الكشوفات المتعلقة بالفيروس، من أجل قطع الشك باليقين من الإصابة أو عدمها.
في ظل هذه الأجواء وجدت العديد من الأسر، التي كانت قد رتبت كل شيء لإقامة حفلات زفاف وأعراس، نفسها في “وضع صعب”، خاصة تلك التي انخرطت في التزامات مع متعهدي الحفلات، عقب صدور قرار منع حفلات الزفاف والأعراس نتيجة ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس التاجي.
يقول شاب في مقتبل العمر، والقلق بادي على وجهه، إنه قرر إقامة حفل زواجه في بداية شهر غشت، حيث “دفع تسبيقا” عبارة عن مبلغ مالي مهم (حوالي 4 ملايين سنتيم) لأحد متعهدي الحفلات مقابل التكلف بتنظيم حلفة زفافه، لكنه يجد حاليا صعوبة في استرجاع هذا المبلغ، مشيرا إلى أن المتعهد يتحجج بدوره بأنه شرع هو الآخر في اقتناء كل ما يتعلق بإعداد ولائم الأكل، وله أيضا التزامات مع جهات أخرى.
وتابع أنه يتفاوض حاليا مع هذا المتعهد لإيجاد صيغة تسوية ترضي الطرفين، لكن الأهم، كما قال، هو السلامة الصحية للناس، لأن حفلات الزفاف يمكن تأجيلها.
هذا الوضع لا يختلف كثيرا عن وضع سيدة قامت بتخزين كمية مهمة من لحم الدجاج ومواد أخرى، من أجل إقامة حفل زفاف ابنتها، لكنها لا تعرف ماذا تقدم وماذا تؤخر حاليا، وحتى كيفية تصريف كمية لحم الدجاج الذي ما يزال مخزنا في جهار تبريد.
وتابعت، والحسرة بادية على محياها، “الخير فيما اختاره الله”، وقالت مستطردة إنها تفاجأت بالارتفاع المفاجىء في حالات الإصابة بكورونا في الدار البيضاء خاصة، ومختلف مناطق البلاد عامة، مشيرة إلى أن قرار منع حفلات الزفاف “طبيعي ومنطقي” لأنه لا يمكن ترك الأمور تسير نحو الأسوء.
وعبرت عن أملها في أن تعود الحياة إلى طبيعتها العادية قريبا، لافتة إلى أن استكمال تلقيح كل الفئات المستهدفة يشكل الطريق الصائب المفضي إلى بر الأمان.
صيف بطعم القلق والأمل، في مدينة تسعى بصبر جميل إلى التغلب على أجواء لم تعهدها قبل سنوات… في فصل تكثر فيه الحركة والحفلات والمهرجانات والتظاهرات، بيد أن الجائحة فرضت منطقها على الجميع، إذ أن الخروج من هذه الأزمة الصحية هو مسؤولية جماعية.
ومما لا شك فيه أن عملية تسريع حملة التلقيح واستكمالها، هي الوسيلة الأنجع لبلوغ بر الأمان قبل الدخول المدرسي والجامعي والتكويني المقبل، حتى لا تواجه أسرة التعليم مجددا إكراهات وصعوبات تتعلق بكيفية التعاطي مع عمليتي التدريس والتكوين.
تعليقات الزوار ( 0 )