Share
  • Link copied

الحجر المنزلي يهدد مورد رزق مغربيات ويحوّل حياتهن إلى “جحيم”

هن أرملات، مطلقات، ونساء قذفت بهن تصاريف الزمن وعادياته وشظف العيش وصعوبته، ومرارة الحياة ومشاكلها، إلى عرض بضائع بسيطة على أرصفة شوارع بمدن مغربية، من أجل كسب قوتهن اليومي.

وأدى تفشي وباء فيروس كورونا بالمغرب إلى فرض تدابير وقائية تمثلت في الحجر الصحي، كأول إجراء للحد من انتشار العدوى، لكن كان لهذا القرار تداعيات وآثار اجتماعية وخيمة، سيما على هؤلاء النساء اللواتي ينتمين إلى الطبقة الهشة، بحيث تفاقمت معاناتهن، وأصبحن بدون مدخول يومي يوفر لهن عيش سليم، في ظل فرض الطوارئ الصحية.

حكايات نساء توقف نشاطهن التجاري

لا يحتاج النشاط التجاري الذي تمارسه هذه النسوة، للكثير من رأس المال، ولذلك فإنه يناسب النساء اللائي يسعين لتوفير لقمة عيش كريم، وتتناسبُ أسعاره مع كثير من ذوي الدخل المحدود الذين يقبلون على التعامل معهن لانخفاض أثمان البضائع التي يقمن ببيعها.

تقول واحدة من النساء اللواتي يعرضن بضاعتهن على الرصيف لـ “بناصا”، “وجدت نفسي مضطرة للعمل بعد وفاة زوجي، مقابل أجر يومي لتأمين احتياجاتي، فأولادي لا قُوت لهم، إلا ما يأكلونه من شقاء عملي، ومع فرض حالة الطوارئ توقف عن العمل وأصبحت بدون مدخول”.

وتابعت تقول: ” الحياة مُرّة، ومسؤولية الأبناء صعبة، وتعليمهم أمر شاق، في ظل حياة الفقر والعوز، وضيق ذات اليد، فلا يخفى على أحد ظروف الحياة الصعبة التي نعيشها نحن الفقراء”، وأردفت قائلة: ” نُكابد قهر الزمان بسبب فقدان المعيل، والحمد لله على أي حال الخير فيما اختاره الله”.

في شارع ابن خلدون أحد أكبر شوارع  مدينة زايو بإقليم الناظور، وقلبها النابض، تجد امرأة في الثلاثينيات من عمرها، بعد صلاة العصر، تبيع الخبز، بدراهم معدودة، تتحدث عن وضعها وتقول: “الكثير من الأسر في المدينة حالها ضعيف، لهذا تضطر بعض النساء للعمل، وتتابع قائلة: ” استمرار الوضع هكذا وتمديد حالة الطوارئ الصحية لثلاثة أسابيع، ينذر بكارثة  بسبب توقف الأنشطة التي كانت تزاولها هذه النسوة لكسب قوت عيشهن.

وتؤكد أنه رغم شظف العيش وتصاريف الزمن القاسية، إلا أنها سعيدة وراضية بعملها، كونه يُغنيها عن مد يد العون”.

غياب مصدر للدخل بسبب كورونا

وتؤكد السيدة عائشة، كانت تبيع الملابس الداخلية للنساء والأطفال، وتوقفت عن مزاولة نشاطها بسبب الحجر الصحي“ أبذل قصارى جهدي لتوفير قوت أسرتي اليومي، ولا أريد أن أطلب الاحسان من أحد، فأنا أطلب العون من الله وحده”.

هكذا لخّصت عائشة مبادئها، عيش كريم، رغم أن ظروف معيشتها لا ترحم وزاد فيروس كورونا من حدته.

وكشف تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، حول تتبع نمط عيش الأسر تحت وطأة الحجر الصحي، أن أن 34% من الأسر المغربية لا تحصل على مصدر دخل بسبب الحجر الصحي، وأضاف أن نسبة الأسر التي لا تتوفر على مصدر دخل بسبب الحجر الصحي، تصل إلى 44 % بالنسبة للأسر الفقيرة، و42 % بالنسبة للأسر التي تعيش في مساكن عشوائية، ولفت التقرير إلى أن 14% من الأسر في البلاد استدانت، من أجل الاستجابة لنفقاتها الجارية.

هي حكايات كثيرة لنساء يفترشن بساطتهن على الأرصفة، يعرضن من خلالها ما خفّ حمله، وناسب سعره، وقد لا يتناسب ما يعرضنه من بضائع مع أذواق المارّة، لكن هاجس هؤلاء النساء أن يرجعن لبيوتهن وقد حققن ولو دخلاً يسيرا من مبيعاتهن.

حكاياتُ كفاح رغم اختلاف تفاصيلها، إلا أن الألم يُوحّد بينها، وكورونا يفاقم الوضعَ سوءً، والفقر هي الكلمة التي تلم شتات هذه القصص.

Share
  • Link copied
المقال التالي