تواصل السلطات الجزائرية، التي يديرها جنرالات الجيش، في محاولة تصدير الأزمات الداخلية التي تعانيها البلاد، والناجمة عن تداعيات فيروس كورونا المستجد، واللاستقرار في سعر النفط، وفضائح الغاز، واختفاء رئيس الجمهورية تبون عن الأنظار منذ حوالي شهر، بعد إصابته بكورونا، وسط أخبار تفيد بأنه قد توفي، في أحد مستشفيات ألمانيا، _ تصديرها _ عبر تجييش الشعب على المغرب.
وتشن وسائل الإعلام الجزائرية، ومعها تلك الموالية لعصابة البوليساريو، حملة دعائية واسعة من أجل تضليل الرأي العام الدولي، ومحاولة إيهامه بأن المنطقة تعرف حرباً هوجاءَ، في وقت تعرف الصحراء المغربية، والمنطقة العازلة، هدوءاً تاماً، الأمر الذي اعتبره مححلون، محاولات لإجبار الأمم المتحدة على التدخل من أجل إقناع المغرب بالعودة للحوار، من دون الأطراف الرئيسية في النزاع المفتعل.
وبالإضافة إلى مساعي إعادة الحوار، الذي يراه البعض هدفاً ثانوياً، فإن المبتغى الأساسي من وراء الحملة الإعلامية للصحافة الجزائرية، هو تصدير الأزمة، وإهام الشعب على أن هناك تهديداً خارجياً يتربص به، من أجل توحيد موقفه تجاه الجيش، لاسيما وأن البلاد، عرفة تتراجع منسوب الثقة، بين المواطنين والمؤسسة العسكرية.
وتعيش الجزائر حالة من عدم الاستقرار، منذ اندلاع الحراك الشعبي في الـ 22 من شهر فبراير 2019، والتي أجبر المؤسسة العسكرية، التي كان يقودها وقتها، القايد صالح، على تنحية عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان يرأس البلاد على كرسي متحرك، وهو يعاني شللاً شبه تامٍّ، ويخلفه عبد المجيد تبون، بعد انتخاباته وصفها نشطاء بالشكلية، تحت شعار: “تبون مزور جابوه العسكر”.
مباشرةً بعدها، توفي القايد صالح، وهي الواقعة التي قال نشطاء جزائريون، ومصادر مقربة من الجنرالات، بأنه جرى تصفيته، من طرف السعيد شنقريحة، وأتباعه، قبل أن تتواصل سلسلة من التصفيات داخل أروقة المؤسسة العسكرية والأمنية، والقادة السياسيين، انتهت بقتل مجموعة من المسؤولين، واعتقال العشرات.
وبالرغم من محاولة شنقريحة إهام الشعب على أن الزمن الماضي، قد تم القطع معه، من خلال اعتقال مجموعة من السياسيين والمسؤولين المتورطين في قضايا الفساد، إلا أن الجزائريين، لم يصدقوا الأمر، وظلوا يخرجون للاحتجاج، مطالبين بابتعاد المؤسسة العسكرية عن السياسية، والسير نحو دولة مدنية حديثة، إلى غاية بدء انتشار فيروس كورونا، الذي فرض على الحراك، التوقف مؤقتا.
خلال هذه الفترة، لم تتوقف السلطة الجزائرية عن محاولة خلق عدو خارجي، من أجل توحيد الشعب ضده، وبغيةَ جعل المواطنين، يتغاضون عن الوضع الداخلي مؤقتاً، غير أن الأمر لم يفلح، في ظل استمرار الخرجات الاحتجاجية في عدد من الولايات، سيما وأن الوضع الوبائي زاد من تأزيم وضعية الجزائريين، وضرب قدرتهم الشرائية، في وقتٍ لم تتمكن السلطات من توفير أي دعم لهم.
وسبق لعدد من نشطاء الحراك الشعبي الجزائري، أن اعترفوا بأن الجنرالات يحاولون خلق عدو خارجي، من أجل تصدر الأزمة الداخلية التي يعيشونها، في ظل المساعي الشعبية لبناء دولة مدنية، ومقاومة العسكر لهذا الأمر، ودفعم نحو استمرار الوضع على حاله، وما خلقه هذا التوتر من حالة اللاستقرار الداخلي.
وما زاد من “سُعار” الإعلام الجزائري، عقب تدخل الجيش الحازم في معبر الكركارات، لطرد عصابة البوليساريو، هو تفاقم الوضع الداخلي، المتسم بأزمة اقتصادية غير مسبوقة بسبب كورونا وعدم استقرار أسعار النفط، إلى جانب الفضائح المتكررة، لشركة “سونطراك”، ما انعكس سلباً على مداخيل الغاز الطبيعي، إضافة إلى مرض تبون.
واعتبر مراقبون، بأن مرض واختفاء رئيس الجزائر، يعتبر السبب الرئيسي لمحاولة إعلامه الهجوم على المغرب والتجييش ضده، من أجل توجيه التركيز نحوه، في وقت يسعى الجنرالات للعثور على الشخص المناسب ليخلف تبون (الذي يرجح أنه توفي)، في رئاسة الجمهورية، لغاية إجراء الانتخابات، التي يتحكم في نتائجها الجنرالات.
وأشارت تقارير إعلامية، إلى أن الرئيس الجزائري، توفي في المستشفيات الألمانية، والجنرالات يحاولون العثور على بديل له، قبل منح الضوء الأحضر لرئاسة الجمهورية من أجل إعلان النبأ، وما يؤكد الأمر حسبهم، الزيارة التي قام بها السفير الألماني، الأحد الماضي، لرئيس الحكومة عبد العزيز جراد، التي قيل إنها جاءت من أجل دفع الجزائر لإعلان خبر الموت قبل قيام ألمانيا بالأمر.
وما يرجح الأمر أيضا، هو النفي القاطع لكريستيان ليشتواردت، رئيس مكتب الإعلام بالحكومة الألمانية، لما جاء في وكالة الأنباء الجزائرية، بشأن أن أنجيلا ميركل، أعربت، في رسالة مكتوبة لتبون، عن سعادتها بتحسن حالته الصحية، جراء إصابته بفيروس كورونا، قائلا إن ما جاء في البرقية هو “أتمنى له الشفاء” فقط.
تعليقات الزوار ( 0 )