شارك المقال
  • تم النسخ

“التوجّه العامّ”.. مبادرة شعبية فريدة تخرق المألوف في السّاحة السياسية المغربية

في مبادرة فريدة وغير مسبوقة، أطلق مجموعة من شباب مدينة جرادة، الذين كانوا في مقدمة الحراك الاجتماعي الذي عرفته المنطقة، مبادرة من أجل الانخراط في العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات المقبلة، من أجل تغيير الوضع محليا، وقطع الطريق على ما “الأباطرة”، الذين استغلوا عمال مناجم الفحم غير القانونية، وساهموا في الوضع الكارثي الذي بات عليه الإقليم في العقدين الأخيرين.

وقرّر أغلب الشباب الذين خرجوا أواخر سنة 2017، من أجل المطالبة بتنمية المنطقة وتوفير بديل اقتصادي لها، بعد إغلاق مناحم الفحم، بدء مبادرة أطلق عليها اسم “التوجه العامّ” عليها، حيث بدأوا بنقاش الفكرة على مستوى الأحياء الشعبية، لعدة أشهر، قبل أن يتوافقوا على الانخراط واختيار الحزب ثم تزكية المرشحين.

وقال مصطفى ادعينن، وهو ناشط في الحراك، إن تجربة التوجه العامّ، جاءت “في سياق الحراك الاجتماعي الذي عرفته مدينة جرادة، والذي كان على رأسه ثلاث مطالب؛ البديل الاقتصادي، وجبر الضرر بخصوص فواتير الماء والكهرباء، ومحاسبة المسؤولين من بينهم الأباطرة الذين كانوا جزءاً من الأزمة التي عاشها إقليم جرادة في العشرين سنة الأخيرة”.

وأضاف ادعينن في تصريح لجريدة “بناصا”، أنه “مع اقتراب الانتخابات طرحت فكرة أنه لابد لنا من أن نغيّر ونشارك، لكي نجسد الموقف، وحتى إن لم تحاسب الدولة هؤلاء الناس المسؤولين عن وضع المنطقة، والمساهمين في التهميش والتفقير وأزمة البناء، فلما لا نشارك في الانتخابات ونحاسبهم نحن عبر مكاتب التصويت”.

وتابع المعتقل السابق على خلفية الحراك الشعبي بجرادة، أن الفكرة، بدأت بشكل ثنائي، قبل أن ينطلق تعميمها “بين المناضلين، العائلات، الأحياء، المقاهي، وكانت هناك توافقات على أساس الانخراط في هذه التجربة. هذه بداية فكرة التوجه العامّ، حيث شرعنا في الدعوة بعدها للوحدة ورصّ الصفوف، للقطع من الأباطرة وإسقاطهم”.

وأوضح أن النقاش “انطلق في الأحياء، وأشرطنا الساكنة في اختيار الحزب الذي سننخرط فيه، والمترشحين الذين سيتم تزكيتهم، ولم نقم بتطبيق الفهم التقليدي للانتخابات، وهي أن يأتي الحزب ويعزل أشخاص ويطلب من الناس التصويت لصالحهم”، مؤكداً: “لم نرغب في أن يكون المواطن، عبارة عن مجرد صوت انتخابي، بل سعينا لإقناع الكل، ولانخراط الجميع”.

واسترسل: “بعدها جئنا بعروض الأحزاب السياسيىة، ونزلنا بها إلى الأحياء، حيث دارت هناك نقاشات منها من استمر لأكثر من 5 شهور، وتم التوافق على حزب التقدم والاشتراكية، نظرا للعرض الذي قدمه، والذي منحنا فيه كامل الحربية لتأسيس المكتب، وإبعاد الوجوه القديمة، ومنح التزكيات للغرف، والجماعة والجهة والبرلمان. منحونا الحرية الكاملة للتصرف، إلى جانب أنه كان الأقرب لمشروعنا”.

وفيما يخص المرشحين، قال ادعينن، إن “نقاشها دار على مستوى الدوائر، عبر حلقيات، من أجل التوافق على اسم المرشح”، موضحاً: “لدينا مرشحين أكفاء، ولدينا أيضا من ليس لهم مستوى دراسي ولم يسبق لهم أن دخلوا أي تجربة سياسية، وسنقوم بمواكبتهم وتنظيم دورات تكوينية لهم وتأطيرهم، سواء بالنسبة لمن ولج المجلس الجماعي، أو من وصل للبرلمان”

أما بالنسبة لـ”الأحوار”، فقد واجهنا عدة إكراهات من أجل تغطيتها، على رأسها الجوانب المادية، وهو ما استغله الأباطرة الذين توجهوا إليها من أجل تشويه سمعتنا، وإخبار الناس “ألا يذهبوا مع التوجه العامّ، لأن به معارضين للدولة، ومعتقلين سابقين، وبأنهم إن دعموه فإن الدولة لن تساعدهم وستحول دون نجاحهم”.

وأشار ادعينن في حديثهم للجريدة، إلى أن تجربة التوجه العام “تطوعية، ولا وجود فيها لأشخاص فاسدين، وأصحاب المال، ولا أي وجه تورط في قضايا فساد، فيهم أشخاص أكفاء، وأشخاص آخرون جرى اختيارهم على أساس الثقة”، مسترسلاً، بأن من سينجح في الانتخابات، سيتم تأسيس جمعيات أو وداديات، من أجل مواكبته، وأيضا لنقل مشاكل وهموم الدوائر، وتوجيهها إلى المجلس الجماعي.

بالإضافة، إلى أنه، في حال تمكن مرشح المبادرة للانتخابات التشريعية، من الحصول على مقعد برلماني، فإنه سيتم تأسيس مكتب خاص به بمدينة جرادة، من أجل نقل هموم الساكنة إلى مجلس النواب، مبرزاً في الختام بأن المبادرة، لقيت مساندة كبيرة من عدة مدن، “وقد تلقينا اتصالات من الدار البيضاء، فاس، تاوريرت، تؤكد أن التجربة سيتم استنساخها في حال نجحت”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي