اهتم الاعلام الوطني والأجنبي بصور تجول الملك بأحد شوارع باريس التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تكاثرت التعليقات حول مدى صحة هذه الصور ، ومختلف الدلالات السياسية التي تحملها خاصة بعد ظهور الملك خلال مراسيم زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي للمملكة بعكاز طبي . وبالتالي فظهور الملك محمد السادس بأحد شوارع باريس مرفوقا بنجليه ولي العهد وأخته الأميرة للا خديجة تحمل عدة رساءل سياسية من بينها ثلاثة أساسية.
-التأكيد على تحسن صحة الملك
منذ تولي الملك محمد السادس العرش، تبنى سياسة تواصلية تعتمد بالأساس على الصور خاصة تلك المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي . بحيث اعتمد على ذلك لتكريس صورة ملك الفقراء او ملك القرب التي يرتاح في اللجوء إليها أكثر من الخطب الرسمية او الاستجوابات والندوات الصحفية التي كان يبرع فيها سلفه الملك الحسن الثاني. وبالتالي ، فبعد تناسل إشاعات حول مرض الملك خاصة بعدما شوهد الملك خلال مراسيم زيارة الرئيس ماكرون للمملكة متعبا ويتوكأ على عكاز طبي، وربط ذلك بسفره في زيارة خاصة لفرنسا للعلاج ، تظهر الصور الملك محمد السادس مع نجليه، وهم في حالة من البهجة، يتجولون في أحد شوارع العاصمة الفرنسية سيرا على الأقدام، حيث يبدو الملك في حالة صحية جيدة، مستقيم القامة، ودون العكاز الطبي الذي كان يستخدمه في مناسبات سابقة، والذي شوهد به الملك خلال استقباله للرئيس الفرنسي وزوجته في الرباط يوم 28 أكتوبر 2024، في إشارة لتفنيد كل الاشاعات التي انتشرت حول تدهور حالته الصحية ، وطمأنة عموم الشعب حول صحة الملك دون إصدار أي بلاغ رسمي من القصر الملكي أو إذاعة أخبار عبر وسائل الاعلام الرسمية بهذا الشأن .حيث أن التقاط هذه الصور وتداولها من طرف وسائل التواصل الاجتماعي كانت كافية لتكذيب كل الاشاعات التي أثيرت حول صحة الملك خاصة بعد تلك الصورة المفبركة التي ظهر فيها الملك بوجه شاحب بلباس خاص ، والتي كان الهدف منها ، على ما يبدو ، تشويه صورة الملك والتركيز على تدهور صحته مما أثار الكثير من التوجس لدى الرأي العام . وبالتالي فقد كانت
- هذه الصور بمثابة رد مصور غير رسمي يؤكد أن صحة الملك بخير ، خاصة بعد القلق الذي انتاب المواطنين المغاربة حول صحة ملكهم بعد ظهوره مستعينا بعكاز طبي خلال استقباله للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الرباط، أواخر شهر أكتوبر 2024، بسبب إصابته بانكماش عضلي على مستوى الظهر من جهة اليمين بسبب ضغط العصب الوركي.
– التأكيد على متانة العلاقات المغربية الفرنسية
اعتاد المغاربة رؤية الملك محمد السادس وهو يتجول في شوارع فرنسا التي يفضلها في العادة لقضاء عطلته السنوية، بعيدا عن ثقل التدابير الأمنية والمراسيم البروتوكولية؛ وهو ما يتيح للعديد من أفراد الجالية المغربية المقيمة في فرنسا فرصة التقاط صورة خاصة . وقد تجول العاهل المغربي في شوارع العاصمة باريس في عز الهجمات الإرهابية التي ضربت العمق الفرنسي في سنة 2015؛ وهو ما أثار حينها إعجاب المواطنين الفرنسيين الذين ثمنوا هذه الخطوة، التي سبق للعاهل المغربي أن كررها مع تونس التي زارها في العام 2014 وتجول في شوارع عاصمتها سيرا على الأقدام ودون حراسة مشددة، وذلك مباشرة بعد الأحداث الدامية التي شهدها هذا البلد . وبالتالي فالتقاط صور للملك وهو يتجول بأحد شوارع باريس رفقة نجليْه، ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأميرة لالة خديجة، ، في إطار العطلة التي يقضيها أفراد الأسرة الملكية في هذا البلد الأوروبي يعكس الدينامية الجديدة التي تعيشها العلاقات المغربية الفرنسية بعد سنوات من الفتور، التي انتهت بفتح صفحة جديدة في العلاقات ما بين هذين الشريكين التقليديين، إثر الموقف التاريخي الذي عبرت عنه باريس بدعمها لمقترح الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء؛ وهو الموقف الذي توج بإجراء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لزيارة رسمية إلى المغرب على رأس وفد رفيع المستوى، وشهدت توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات الاستراتيجية في عديد من المجالات ، وتؤكد بعودة العلاقات الثنائية إلى سابق عهدها الشيء الذي سيثير بلا شك حنق النظام الجزائري والذي يمكن أن يكون قد ترجمه من خلال إلقاء القبض على أحد الكتاب الجزائريين الذي يحمل الجنسية الفرنسية بتهمة تهديد الامن القومي للدولة الجزائرية . بينما أشارت تقارير إعلامية فرنسية إلى أن العاهل المغربي محمدا السادس تلقى دعوة رسمية من القيادة الفرنسية لحضور حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام في باريس، في السابع من شهر دجنبر المقبل، إلى جانب عدد من المسؤولين والقادة العالميين الذين يرتقب أن يحضروا خلال هذا الحدث من قبيل الرئيس الامريكي المنتهية ولايته جو بايدن و المنتخب حديثا دونالد ترامب ، و أيضا ملك بريطانيا تشارلز الثالث و ملك إسبانيا فيليبي السادس والملك محمد السادس والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحتى الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا .مما يعكس تجدد متانة العلاقات الثنائية التي تتخذ عدة أبعاد سياسية واقتصادية وإنسانية وحميمية.
-ترسيخ تماسك الاسرة الملكية
انتشرت الصور التي ظهر فيها الملك رفقة وريث عرشه وابنته الصغرى وهم يتحركون سيرا على الأقدام في نشاط عائلي، بعيدا عن الحراس الشخصيين وبدون أي إجراء من الإجراءات البروتوكولية. حيث تفاعلت الحسابات المغربية في مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل كبير، مع هذه الصور، و عبر معلقون عن إعجابهم بطابعها العفوي، وبدا أن تحركات الملك ونجليه كانت ذات طابع أسري حميمي . في حين أثارت التصرفات الأبوية للملك اهتمام متفاعلين آخرين ، حيث يقوم الملك في إحداها بترتيب وشاح الأميرة خديجة، وفي صورة ثانية كان الأمير الحسن يلتقط صور شخصية “سيلفي” له رفقة والده وشقيقته، أما في الصورة الثالثة فكان العاهل المغربي يتحدث مع ولي العهد، في حين كانت الأميرة تبتسم . وبالتالي فهذه الصور التي يبدو أنها قد التقطت عن قصد تريد أن تعكس صورة ملك شاب مرتبط بعاءلته وحريص على العناية بافرادها. فالصورة التي اخذت للملك وهو يرفع كشكول ابنته فيها تكريس لصورة الاب الحنون المهتم بابنته في إشارة لكل نساء المملكة خاصة الفتيات وكذا المنظمات النسائية ، وللدور المحوري للاب في تركيبة مغربية تقوم بالأساس على العائلة كحجر الأساس في مجتمع مغربي ما زال محافظا على أسسه الاسرية وتضامنه العائلي رغم كل المتغيرات التي تعرفها التركيبة الاجتماعية بالمغرب والتي عكستها أرقام الإحصاء العام للسكان الأخير . إذ تظهر هذه الصور تكريسا للعائلة العصرية التي تأخذ لها سلفيا على غرار ما تقوم به العاءلات في تجوالها وسفريات سواء ببعض مدن المملكة او خارجها.
تعليقات الزوار ( 0 )