بعد الهزائم المتلاحقة التي تلقتها جبهة البوليساريو الانفصالية وصانعتها الجزائر، في ملفّ النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، والتي تسببت لجماعة الرابوني في عزلة دولية يعتبرها العديد من المتابعين غير مسبوقة، تسعى الجمهورية الوهمية إلى العودة للساحة الدولية، من بوابة استعدادها للتقدم بطلب للانضمام إلى الأمم المتحدة.
وكان محمد السالم ولد السالك، الذي يشغل منصب ما يسمى بـ”وزير خارجية” الجبهة، قد قال في حوار لوكالة سبوتنيك الروسية، الأسبوع المنقضي، إن جمهورية تندوف، تستعد لمباشرة إجراءات الحصول على مقعد عضوية في الأمم المتحدة، محذراً من رفض أحد الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن لطلب البوليساريو، ومهدداً بما أسماه “تحمل مسؤوليتها في استمرار الحرب”.
واعتبر الإعلامي الجزائري، وليد كبير، أن مطلب جبهة البوليساريو الانفصالية يستحيل أن يتحقق، في ظل أنها لا تتوفر على شروط عضوية الأمم المتحدة إلى جانب أنه من غير الممكن أن تحصل عليها، مردفاً: “البوليساريو وبدل أن تبدأ بطلب الحصول على عضو مراقب داخل الأمم المتحدة توجهت مباشرةً لطلب عضو كامل العضوية، معتقدةً أن الأمم المتحدة هي الاتحاد الإفريقي”.
وقال كبير في تصريح لجريدة “بناصا”، إن الحصول على عضوية الأمم المتحدة يقتضي موافقة 9 دول على الأقل من أصل الـ 15 دولة المكونة لمجلس الأمن، مع عدم رفع “الفيتو” من الدول الخمس الدائمة؛ وهي الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، روسيا، بريطانيا، فرنسا”، إلى جانب موافقة ثلثي أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة التي بها 193 دولة، أي ما يعني حوالي 120 دولة.
وتساءل الإعلامي المهتم بالعلاقات المغربية الجزائرية، “أين إقليم البوليساريو الذي يفترض أن لها دولة عليه؟ في ظل أن الجبهة تنشط منذ 4 عقود فوق الأراضي الجزائرية، أما إن كانت تعتبر أن ولاية تندوف هي الإقليم، فوقتها على نظام الحكم في الجزائر الخروج بتوضيحات بخصوص هذا الأمر”، مضيفاً: “أما ما تقول الجبهة إنها أراضي محررة، فهي شريط عازل وفق الأمم المتحدة”.
وذكّر كبير بما تضمنه تقرير لمجلس الأمن صادر سنة 2016، من تأكيد على أن الأراضي المتواجدة شرق الجدار الأمني المغربي، ولغاية الحدود الدولية، عبارة عن شريط عازل، مسترسلاً: “وحتى إن افترضنا أنها أراضي محررة، فلماذا لا تمارس البوليساريو سلطتها عليها؟ وتبنيها وتؤسس دولتها ليعيش مواطنوها حياتهم الطبيعية فوقها؟ لماذا لا زالوا في تندوف؟”
وأوضح كبير، في ردّه على ما تسميه الجبهة الانفصالية بـ”الأراضي المحررة”، “هل يعقل أن شخصا يملك مفاتيح بيته ويبيت عند جاره؟ هل هذا منطقي، البوليساريو تقول إن لدي أراضي وإنها دولة، وفي الوقت نفسه، تؤكد أنها مخيمات لاجئين؟ ما هذا التناقض؟”، مشدداً على أن جماعة الرابوني في حاجة إلى المعالجة داخل “مستشفى للأمراض العقلية”.
وأكد المتحدث ذاته، بأنه “حتى خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، حين كان الدعم الجزائري للجبهة سخياً، وجمعوا اعتراف حوالي 80 دولة لم تتمكن البوليساريو من أخذ ولو عضوٍ مراقب داخل الأمم المتحدة، الذي يتطلب أن تحوز غالبية الأعضاء فقط، من دون الحاجة إلى الرجوع إلى مجلس الأمن”.
وأشار كبير إلى أن الدول المعترفة بالبوليساريو في الوقت الحالي، لا تتعدى 29 دولة، “17 بإفريقيا، و10 في أمريكا اللاتينية والمنطقة الكونكاكاف، و2 في آسيا، وهو ما يعني أن الجبهة تحتاج إلى حوالي 100 دولة لكي تصل فقط لثلثي الجمعية العامة، و9 دول في مجلس الأمن”، منبهاً إلى أن اثنين من الأعضاء الخمسة الدائمين، يدعمون المغرب، وهما الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا.
وسبق لكبير، أن أوضح في مقطع فيديو نشره على قناته على موقع “يوتوب”، بأن الدول الداعمة لجبهة البوليساريو، على المستوى العالمي، وفي إفريقيا بالأخص، باتت تربطها علاقات مهمّة مع المغرب، باستثناء الجزائر التي سخرت كل دبلوماسيتها ودعايتها الإعلامية وسلاحها للجبهة، وتخلت عن مصالحها في سبيلها، فكل البلدان الأخرى، لا يمكن أن تتخلى عن مصالحها نهائيا.
وأبرز كبير في المقطع، على أن جنوب إفريقيا مثلا، “دعمها للبوليساريو يقتصر على المؤتمر الإفريقي، والعلاقات الاقتصادية بين جنوب إفريقيا والمغرب أقوى من العلاقات الاقتصادية بين جنوب إفريقيا والجزائر، وهناك استثمارات للدولة المذكورة حتى في الصحراء المغربية”، مذكراً أنه حتى مالي ونيجيريا، وهما من الدول المعترفة بالجمهورية الوهمية، تربطهما علاقات مهمة مع المغرب.
تعليقات الزوار ( 0 )