تلعب البرامج الحوارية التلفزيونية دورا في تنمية الوعي السياسي لدى الفرد وما تقدمه القنوات الفضائية من برامج تثقيفية حوارية سياسية للمواطن لغرض تنمية وعيه السياسي وإرشاده نحو القضايا الصائبة في الشأن السياسي.
ويعتبر مختصون أن الإعلام العمومي، مهما كان مستواه وآدائه المهني، يظل قاصرا عن القيام بأدواره في التنشيط السياسي، في غياب إرادة حقيقية وهيئات سياسية ببرامج واضحة وقيادات مؤهلة لفك الظواهر المجتمعية من أجل الاستجابة إلى طموحات المواطنين.
وإذا كان دور وسائل الإعلام العمومية يتمحور بالأساس حول التقاط اهتمامات المجتمع بوصفه وسيلة للأخبار والتثقيف والتفاعل مع القضايا المجتمعية المطروحة والمساهمة في تشكيل الرأي العام حول قضية من القضايا، فإنه رغم ذلك لا يمكن أن يحل مكان الهيئات السياسية التي أناط بها الدستور مهام تأطير المواطنين.
في سياق ذي صلة، اعتبر سعيد خمري أستاذ العلوم السياسية والتواصل السياسي، في تصريح لجريدة “بناصا” أن ” البرامج السياسية التلفزيونية تساهم في تأطير المواطنين بنسبة معينة، إلا أن التدقيق أو الحسم يحتاج إلى دراسات مستفيضة مستندة إلى نسب المشاهدة لهذه البرامج مقارنة مع برامج تلفزية أخرى إما ثقافية أو أفلام أو ما إلى ذلك ..”
وأضاف وفق رأيه” أن هذه البرامج تساهم بنسبة ضئيلة فقط لكونها تتابع من طرف نخبة فقط كالمثقفين والسياسيين والفاعلين المعنيين مباشرة بتدبير الشأن العام عدا ذلك فاهتماماتهم موجهة بشكل أكبر لمباريات القدم والقنوات التلفزية الأجنية و برامج الترفيه أكثر من البرامج السياسية.”
وأشار المتحدث إلى أن “تدني الاهتمام بالبرامج السياسية التلفزيونبة هو توجه عام لا يقتصر على المغرب وحده، بل يلاحظ نوع من التراجع أيضا بالنسبة الاهتمام بها من خلال قنوات عربية أخرى.”
وأبان خمري أنه بالمغرب “هناك توجه إلى ما يجلب أو ما يريده المستهلك أو المشاهد، إلا أن هذا المنطق في اعتقادي خاطئ، ولا يمكن أن يَبْنِيَ لنا مواطنا واعٍ بحقوقه وواجباته ومهتم بتدبير الشأن العام في وطنه، وبالجهة أو الجماعة التي يقطن بها.”
وأعقب الأستاذ الجامعي ” أنه من الواجب الاهتمام بالبرامج السياسية من قبل وسائل الإعلام، خاصة العمومية منها، كمساهمة منها في التنشئة السياسية للمواطن المغربي إلى جانب مؤسسات أخرى ثقافية وسياسية وتعليمية وغيرها تساهم كذلك في هذه التنشئة”.
ومن جانب آخر ساهمت تجربة اللقاءات التفاعلية عن بعد، في خلق فضاء تواصلي بين المواطنين بصرف النظر عن مستوياتهم المعرفية ومواقفهم الفكرية والسياسية، وفي هذا المنوال خمري قال إن “إقامة الندوات عن بعد واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي هي ملجأ للمواطنين وجمعيات المجتمع المدني وللعديد من الهيئات للاستفادة من مساحة حرية التعبير التي تضمنها هذه الوسائل.”
وأبرز أن “التهافت والنزوح للقاءات والندوات “عن بعد” هي ظاهرة ليست جديدة، وليست كرد فعل عن ضيق هامش البرامج المتلفزة، وإنما لما تضمنه من حرية تعبير أكبر و بتكلفة أقل و ببساطة أكبر وبإمكانية انتشار أوسع، وليس لأنها تعوض البرامج الحوارية السياسية التلفزية الأقل وجودا في وسائل الاعلام العمومية.
تعليقات الزوار ( 0 )