Share
  • Link copied

الإمارات تخطط لتوريط مصر في “سيناريو يمني” شرق ليبيا

لا تبدو دولة الإمارات بعيدة عن التصريح الذي أطلقه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منذ أيام، وهو يهدد بالتدخل في ليبيا بمبرر غريب سماه ”الدفاع الشرعي عن النفس” و”حماية الأمن القومي المصري”.

فالمشهد يبدو شبيها بسنة 2015 لما شرعت المملكة العربية السعودية بالدعاية والحشد لتدخلها في اليمن بتخطيط اتضح فيما بعد أنه جرى في الإمارات وبتحريض منها لدفع السعوديين إلى المستنقع اليمني الذي لا تعرف سلطات الرياض اليوم كيفية الخروج منه.

وتُظهر معطيات كثيرة أن السيناريو نفسه تُخطط  له دولة الإمارات اليوم لدفع عبدالفتاح السيسي ومصر نحو شرق ليبيا، فالخطاب التهديدي الذي أطلقه عبدالفتاح السيسي دون التفكير في خطورته يجد مصدره  في أبوظبي لأنه الخطاب نفسه الذي لمح  له  الوزير الإماراتي أنور قرقاش بصيغة مبطنة قبل خطاب السيسي بساعات قليلة.

ولا أعرف هل بات المصريون يفتقدون لخبراء في القانون الدولي حتى ينساقوا وراء تفسيرات أبوظبي ووزيرها أنور قرقاش لفكرة “حماية الأمن القومي“. فتصريح السيسي الذي قال فيه بأن تجاوز حكومة الوفاق الوطني لخط سرت والجفرة يعطيه “حق الدفاع الشرعي عن النفس” ليس كلاما مصريا صرفا، وإنما كلام  دولة الإمارات ينطقه الرئيس المصري نيابة عن أبو ظبي.

فالمصريون الذين يقارعون إثيوبيا بالقانون الدولي لا يمكنهم ارتكاب هذا الخطأ في قراءة ميثاق الأمم المتحدة وشروط الدفاع الشرعي الثلاثة منها شرط أن يكون الخطر حالا، إما وقع أو على وشك الوقوع، والحال أن دخول حكومة الوفاق الوطني إلى سرت والجفرة هو استرجاع لمناطق ليبية اعتدى عليها أمير الحرب خليفة حفتر، والمصريون لاعلاقة لهم بما يجري داخل تراب ليبي،  و ماصرح به السيسي تهديد للأمن والسلم الدوليين  وتدخل في السيادة الليبية.

كما أن الأمر يتعلق ببداية الشروع في التخطيط لعدوان يقتضي تحرك مجلس الأمن لحماية حكومة تستمد شرعيتها من القرار 2259 لسنة 2015.

لذلك، يبدو أن عبدالفتاح  السيسي مقبل على السقوط في نفس السيناريو الذي أسقطت فيه الإمارات سلطات المملكة العربية السعودية لما كان المستشارون في أبو ظبي يصورون للسعوديين اليمن كخطر كبير على الأمن القومي السعودي، وكانوا يخلقون لهم اعتقادا يقوم على أساس أن الحوثيين جيش إيراني ولاعلاقة له باليمن، وأنه يمكن السيطرة عليهم بسهولة قبل أن يكبروا ويصبحوا خطرا على السعودية.

لذلك، فإن نفس السيناريو  يُصور الإماراتيون للسيسي مشهدا مفاده أن وصول حكومة الوفاق الوطني لشرق ليبيا خطر على مصر، فالإمارات تضغط على السيسي ليلعب كل الأوراق بعد ضياع ورقة حفتر، والجامعة العربية ورقة تُستعمل  لجس نبض الدول العربية، وورقة ”عقيلة صالح“  هي تكرار  لمشهد محاولة صناعة ”هادي جديد“ بليبيا، وورقة تدريب القبائل الليبية  وتسليحها هي إعادة هندسة مشهد إثارة الفتنة القبلية الذي جربته أبوظبي في اليمن.

ويبدو أن عبدالفتاح  السيسي يمشي مضطرا نحو مستنقع لن يخرج منه، فالمصريون الذين ظل دورهم لحد الآن  استخباراتيا في ليبيا، ها هم ينتقلون إلى عمل تدخلي مخططا له في أبوظبي. والمصريون الذين تتذكر أبوظبي أنهم هربوا من التورط في اليمن تنقل لهم الإمارات اليوم  سيناريو اليمن على أبواب حدودهم، في وقت صعب يبدو فيه الجيش المصري مرهقا في سيناء، و يترقب قادته ماذا سيكون الوضع  الأمني في حالة تمسك اثيوبيا  بملء سد النهضة، هذا الجيش المصري تضغط الإمارات على قائده السيسي للدفع به إلى شرق ليبيا وكأن المصريين يكتشفون لأول مرة دولة الجوار ليبيا.

لذلك، يبدو السيسي اليوم منساقا لمصير السعودية في اليمن، وسواء في اليمن أو ليبيا تستمر مخططات دولة الإمارات، وفي حالة اكتمال مخطط توريط مصر في شرق ليبيا، فالمصريون خاسرون لأن الحرب ستصل إلى داخلهم، بينما تطمع الإمارات  في ربح الموانئ والقواعد العسكرية في الشرق ومخزونات الطاقة قبالة السواحل الليبية، والمشهد شبيه بما تجنيه السعودية  اليوم من اليمن، فالسعودية  لها الحرب والصواريخ الحوثية وللإمارات الجنوب والمناطق الساحلية والاستمرار في نقل الفوضى من اليمن إلى مصر وليبيا.

*رئيس المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني

Share
  • Link copied
المقال التالي