Share
  • Link copied

الإصابة بـ”كورونا”.. “وصمةُ عارٍ” تُرافقُ المصابينَ والمتعافينَ بالمغربِ

لم يقتصر تأثير أزمة جائحة فيروس كورونا على القطاعات والأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية، ولا حتى على الخسائر البشرية، بل تجاوز الأمر، ليَمسّ، حياة المصابين النفسية، أثناء إصابتهم بالفيروس التاجي، ووبعد تعافيهم وخروجهم من المستشفى.

هناك الكثير من الأمراض التي يخجل المرء ذكرها وإعلان الإصابة بها، مثل “الإيدز”، وذلك راجع لعدة اعتبارات تأتي المعتقدات السائدة في مقدمتها، ويبدو أن كورونا أيضا، قد دخل هذه القائمة، رغم أن الإصابة به واردة جدا، واحتمالها أكبر بكثير، ربما من كافة الأمراض “المخجلة” التي سبقته.

“أن تصاب بكورونا، يعني أن تصير منبوذا وسط المجتمع”، هذا ما قاله أحد المصابين المتعافين، في تصريح لجريدة “بناصا”، حيث اعتبر أن “وصمة كوفيد 19، ترافق الشخص حتى بعد خروجه من المستشفى، حيث يتعرض لمضايقات وتسمية بألفاظ قحية، وتنمر من بعض الشبان”.

وأوضح المتحدث ذاته، أن “أصدقاءك وحتى عددا كبيراً من أفراد العائلة، يتفادون الاقتراب منك، ويتخوفون من أن يصيبهم كورونا، بالرغم من أن الشخص قد تعافى بالكامل، ولم يسمح له بالخروج من العزل الصحي إلا بعد خضوعه لتحاليل مخبرية أثبتت خلوه من الفيروس”.

وواصل المتكلم: “سمعت بعض الأطفال الصغار ينادون صديقا لهم كان قد أصيب بالفيروس وتعافى قبل أكثر من شهر، باسم كوفيت، وهو لقب قدحي يشير إلى كلمة كوفيد، فيما يسمي آخرون، في أحاديثه الخاصة، جارهم الذي أصيب وتعافى بكورونا”.

فيما قال متعافٍ آخر من كورونا، في تصريج لجريدة “بناصا”، إن “إصابة أي شخص بأي مرض، ليس عيبا، ولا يجب أن يخجل المرء من الأمر، بالرغم من أن هناك بعض الأشخاص، وهم قلة، يعتقدون أن من حمل الفيروس، فقد حمل إثما، ولكن على العموم تبقى الأغلبية، على الأقل حسب ما شاهدت، لا تنبذ المتعافي”.

وأضاف بأن أكثر من يتعرضون لهذا التنمر، هم الأشخاص الذين جلبوا الفيروس لأول مرة، إلى المنطقة التي يقطنون بها، أو أولئك الذين نقلوا العدوى لعدد كبير من الأشخاص”، مضيفا:”أحد الأئمة جلب الفيروس لقرية صغيرة، فسمي بكورونا، وبدأ يلقب بهذا اللقب القدحي وسط الساكنة، بالرغم من أنه قد لا يعلم بذلك”.

متحدث آخر قال لـ”بناصا”، إن بعض الأشخاص، وبالرغم من ظهور أعراض مشابه لأعراض كورونا، إلا أنهم تخوفوا من الاتصال بالأرقام المخصصة لذلك، مخافة ما أسموه بـ”الشوهة”، و”وصمة العار”، التي يمكن أن يتسبب فيها الأمر، بعد أن تأتي سيارة الإسعاف وبها مسعفون بلباس أبيض وقناعٍ واقٍ، ومقدم الحمومة، وربما القائد أو الباشا، الأمر الذي سيلفت الانتباه ويجعل الواقعة على لسان جميع الجيران.

واعترف العديد من الأطباء حول العالم، بأن هناك “حالات مصابة بكورونا، ولكنها مختبئة”، تعود لأشخاص أصيبوا بالفيروس لكنهم لم يتصلوا بالمصالح الصحية الوصية، والتزموا بالحجر في منازلهم، لكي لا يتم اكتشاف تطابق الأعراض التي يعانون منها مع أعراض كوفيد، الأمر الذي يرجح كثير من الأشخاص وقوعه في المغرب أيضا، غير أنه، ليس هناك ما يثبت ذلك.

ورفض بعض المواطنين، من سكان القرى والمدن الصغيرة، بشكل قاطع، الاتصال بالأرقام المخصصة من وزارة الصحة، لإخضاع بناتهم لتحاليل الكشف عن فيروس كورونا المستجد، في حال ظهر عليهن أي أعراض، وذلك مخافة أن يتم نقلهن إلى الحجر الصحي بالمستشفى، ما قد يعرضهن، وفقهم، للتحرش الجنسي.

وتجاوز الأمر كل هذا، لتمس وصمة “كورونا” حتى الأشخاص غير المصابين، الذين كانوا من ضمن الحالات المشتبه في حملها للفيروس، أو حتى الأناس الذين لا يعانون من الفيروس، ولكن أصيبوا بنزلة برد بسيطة، جعلتهم يسعلون، ما يضعهم محل شبهة وسط الجميع، خاصة إن كانوا في أماكن عامة، بها العديد من الأشخاص.

ويرى مراقبون أن “وصمة العار” التي تثار عن كورونا، يتسبب فيها المصابون أنفسهم، الذين يخجلون من قولها، أو الاتصال بالأرقام التي وضعتها الوزارة، أو الذين يتفادون ممارسة حياتهم بشكل طبيعي بعد تعافيهم، مشددين على أن هذا الأمر (وصمة العار)، متواجدة في عقول البعض فقط، ولا يجب على أن تحول دون الاتصال بالمصالح المختصة حال الإحساس بالأعراض.

وتهيب وزارة الصحة بكافة المواطنين والمواطنات، إلى اتخاذ الاحتياطات اللازمة، خلال مناسبة عيد الأضحى، التي لا يفصلنا عنها سوى أيام قليلة، وذلك من أجل الحد من تفشي فيروس كورونا المستجد، الذي عرف عداده، في الفترة الأخيرة، ارتفاعا كبيرا، بسبب الاستهتار والتهاون في الانضباط للتدابير الوقائية.

Share
  • Link copied
المقال التالي