شارك المقال
  • تم النسخ

الإشكالات العملية لنظام “التوظيف بالتعاقد” ودحضُ ادعاءات وزير التعليم

بداية أتمنى أن يعود السيد وزير التربية الوطنية إلى رشده وذلك بالعودة إلى ما يقوله ويعبر عنه ويصرح به للمنابر الإعلامية المختلفة، وما هو موجود في الواقع العملي ومكرس في الوثائق؛ حتى يقف على كبد الحقيقة وزيف كلامه، وإلا دخل في دائرة قوله تعالى” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ” وحتى لا توصف بالفاسق الذي يأتينا بأنباء مغلوطة وحتى لا نصبح نحن من النادمين فأدعوك أن تراجع مواقفك، على الاقل المصرح وترتل أقولك ترتيلا يليق بمكانتك.

الاختلالات التي يطرحا نظام التوظيف بالتعاقد لا عد ولا حصر؛ لها ؛ أضحى الكل على إطلاع بها، تكفي إثارة آثاره السلبية من الناحية الاجتماعية والنفسية على الأستاذ والأجرة الزهيدة وو…؛ لكن ما أود أن أشير إليه في هذا السياق ، بعض النقط القانونية والعملية التي استوقفتني إثر إحتكاكي بالمديرية؛ وتشكل في حقيقة الأمر أجوبة حقيقية تعري كل ما يدعيه وزير التربية الوطنية وتفند الأطروحة التي يدافع عنها.

النقطة التي سأشير إليها عبارة عن سؤال ساخن؛ الإجابة عنه تشكل بداية الاعتراف “بالحقوق القانونية” للأستاذ المتعاقد وفي ذات الوقت مدخلا رئيسيا للإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية.

لماذا تحجم المديريات الإقليمية عن منح التراخيص، للأساتذة المتعاقدين “أطر الاكاديميات”؟ وفي المقابل تمنح الترخيص للموظفين الرسميين لاجتياز المباريات؟

المنع والإحجام عن منح التراخيص بمثابة سؤال لوزير التربية الوطنية الذي ما لفت يقرع رؤوسنا بالمماثلة وأن التعاقد لم يعد له أساس بعد أن كان له أساس.. وأن المتعاقدين يمتعون بنفس الحقوق التي يتمتع بها الموظفون في إطار قانون 1.58.008 لسنة 1958.

عندما تقدم طلب للحصول على ترخيص لاجتياز مباراة وقبل أن تهم بوضعه في كتابة الضبط داخل المديرية أول سؤال يتبادر إلى أذهانك وأنت مدرك تمام الإدراك أن السؤال سيطرح عليك لا محالة هو; هل أنت أستاذ متعاقد أم نظامي؟؟ وعندما تجيبهم بكونك أستاذ متعاقد يقع استنفار داخل المديرية، ويبقى الجواب الرائج عن كل دفوعاتك هو لا لا…؛ لا نرخص لأحد، إلا للتعليم العالي.

هنا يطرح سؤال مهما جدا. إذا كان الأستاذ المتعاقد لا يتوفر على”رقم مالي قار” فكيف سيتم إحداث منصب جديد إذا ما تم قبوله في التعليم العالي؟ ثم وهل يتم السماح لحاملي الدكتوراه باجتياز مباراة أستاذ التعليم العالي مساعد من الأساس؟ الجواب طبعا لا، ﻷن العمادة المعنية بالتوظيف تتعامل بالقانون ووفق ما هو ثابت في الأوراق لهذا تواجه الراغب “الأستاذ المتعاقد” في اجتياز المباراة بكونه لا يتوفر على “رقم مالي قار”، وكونه غير نظامي، بمعنى لا يخضع لنظام الوظيفة العمومية، وبالتالي فالقبول في المباراة غير ممكن من الأساس؛ لأن القبول يقتضي إحداث منصب مالي جديد.

لما كان الأمر على هذا النحو، فلماذا المديرية تواجه الطامح في الحصول على ترخيص؛ على أن هذا الأخير لا يمنح إلا للتعليم العالي، وهي تعلم علم اليقين ومن باب أولى أنه لا يتوفر على رقم مالي يخول له صفة موظق نظامي ويسمح له باجتياز ذات المباراة!! وبالتالي فالنتيجة وبالمآل يعني عدم القبول وعدم تغيير الإطار.

ثم لماذا الحديث عن نظام التوظيف الجهوي فقط في ميدان التعليم! ولا حديث عن قضاء جهوي ومفتشي شغل جهويين وأطر مالية جهويين وأساتذة التعليم العالي جهويين وشرطة جهوية وقوات مساعدة جهوية وإداريين جهويين ؟؟ مامصدر المداخيل التي ستعتمد عليها الأكاديميات لأداء مختلف نفقات ألاساتذة المتعاقدين؟؟ لماذا يتم ربط الأساتذة بالأكاديمية؟ ولا يتم ربط القاضي بالمحكمة؟ والبوليسي بالكوميسارية؟ والإداري بالبلدية لا بالدولة؟

من جهة أخرى لماذا عندما ترغب في الحصول على ترخيص لاجتياز أي مباراة تخرج عن إطار الوزارة يواجه الطالب بالرفض وبتعليل شفهي ينحصر في الخصاص؟؟ وفي المقابل لماذ يتم السماح للموظفين الرسميين باجتياز المباراة بالرغم من كونها تخرج عن إطار الوزارة الوصية، والأساتذة المتعاقدين يواجهون بالرفض وبتعليل عقيم لايعدو أن يكون دفاعا عن حقيقة غائبة تروج لها الوزارة ويتم التأكيد على حقيقتها من قبل المديريات الإقليمية والأكاديميات الجهوية وهم في الاثم وتحمل الوزر سواء؟؟ لماذا الحديث عن سد الخصاص يطرح حينما يتم الحديث عن الأساتذة المتعاقدين ويغيب حينما يتعلق الأمر بالنظاميين؟؟ هل الخصاص حكر على الأستاذ المتعاقد؟؟ أم أن في قضية التعاقد هاته غاية في نفسية الوزارة تود أن تقضيها بعد أن تصبح المعركة باردة الوطيس؟؟ ألم يصرح وزير التربية الوطنية بلسانه على أن المتعاقدين والنظاميين في الحقوق والالتزامات متساوون؟؟ أيهما يمرر السكين على عنق المتعاقد من الوريد إلى الوريد ويقتل آماله في الاندماج واكتساب الحقوق؟؟

ألا يشكل منح الترخيص للأساتذة والسماح لهم بالاندماج في التعليم العالي وغيرها من الوظائف التي تسهر عليها مختلف الوزارات، مدخلا أساسيا للمماثلة والتساوي في الحقوق وبالتخلي عن نظام التوظيف بالتعاقد، عبر إدماج الأساتذة المتعاقدين إدماجا حقيقيا في أسلاك الوظيفة إسوة بغيرهم من الموظفين؟

أخيرا وقبل الإشارة، أقول إنه إذا كان نظام التوظيف بالتعاقد من وجهة نظر رئيس الحكومة ووزير التربية الوطنية خيارا إستراتيجيا لا محيد عنه، فإن الإدماج في سلك الوظيفة العمومية خيار شعبي مجتمعي لا محيد عنه لإيقاف هدم المدرسة العمومية.

إشارة:

للزملاء النظاميين حديثي هنا بغية شرح المغالطات “وانتكاص” نظام التعاقد والوقوف على حقيقته من الناحية القانونية والعملية. إشارة لابد منها حتى لا يفسر كلامي خارج السياق وحتى لا أحمل ما لا يفهم وما لا يستوعب عند قراءة هذه المقالة.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي