صدر قبل أيام كتاب جديد ضخم للدكتور محمد براو، الباحث والممارس في الحكامة والرقابة والمحاسبة، ويتكون الكتاب، والذي يقع في 985 صفحة، من جزئين، موزعة على عشرة فصول، وثلاثة أبواب.
أهمية موضوع الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة
تعتمد الدولة على البيروقراطية بالمعنى العقلاني الفيبري من أجل تنفيذ سياساتها بأمانة وفاعلية، لكن أمام التحديات الناجمة عن مشكلة المدير والوكيل (Principal-Agent) أي عدم التزام المسؤولين التنفيذيين والقادة الإداريين بمقتضيات الأمانة التي تم تكليفهم بها من طرف القيادة العليا للدولة والمواطنين، أو التقصير في أداء مستلزماتها، يرى المؤلف أن الدول العصرية، وفي سبيل التخفيف من الآثار السلبية لهذا الانحراف الملامس لخيانة الثقة، لجأت إلى خلق الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، لكي تقوم من موقع مستقل وحيادي وموضوعي، بمراجعة مشروعية تصرفات القائمين على تنفيذ العمليات المالية للقطاعات الحكومية.
وأيضا وفي كثير من الأحيان تقييم كفاءتها الإدارية، بل وحتى سلوك الإنفاق في العديد من الدوائر الرسمية بما يخدم مساعي هذه الدوائر في تحقيق أهدافها. وحسب ورقة مرجعية نشرها البنك الدولي سنة (2001) فإن الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة “مفيدة في إدارة الإنفاق العام، وضمان المساءلة المالية، وتعزيز المؤسسات الحكومية”. وعلى هذا الأساس وانطلاقا منه، أضحت الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، اليوم، تعتبر بالتجربة ومع مرور الوقت، بمثابة المحرك والمحفز للحوكمة الرشيدة وبات موقعها ودورها يشكلان دعامة أساسية للتنمية وبناء الدولة وتحديث مؤسساتها، وركنا ركينا للبنية التحتية الأخلاقية للدولة؛ وهو الأمر الذي ينعقد حوله إجماع في الأدبيات العالمية للتنمية.
الدور المنتظر منها في سياق وطني وعالمي يتسم بعدم اليقين وعلاقتها بالتنمية وبناء الدولة
لقد أدت التحولات الكبرى في الحوكمة الإدارية للمال العام إلى وضع موضع تساؤل ومراجعة المبادئ والقواعد الكلاسيكية للقانون العام الإداري والمالي وللقواعد التقليدية للإدارة العامة بوجه عام وللإدارة المالية العامة بوجه خاص: من خلال نشوء مبادئ وقواعد مقابلة تمتح من مرجعية معيارية قريبة من قانون وإدارة الشركات الخاصة. غير أن الكاتب يرى أن المشكلة والتحدي الأكبر هو كيف ننجح في عملية التطوير والتحديث من خلال اقتباس أدوات القطاع الخاص دون التفريط في الثوابت المقدسة المتمثلة في خدمة المصلحة العامة للوطن والمواطنين وتأمين العيش الكريم للفئات الهشة في المجتمع والمحافظة على أسس الدولة السياسية والاجتماعية.
أي بعبارة أخرى تحديث الدولة دون التضحية بمقوماتها التكوينية، والحفاظ على توازناتها الاقتصادية والمالية، دون أن يكون ذلك على حساب توازناتها الاجتماعية واستقرارها الأمني. ثم اتخاذ القرار السليم بروح وطنية غير متسامحة مع التدخل الأجنبي تحت أي ذريعة أو عنوان؟
وخلال هذا السياق برزت، كما تبرز أيضا، يوما بعد يوم ولا سيما بعد الأزمة المالية العالمية (2008) والاضطرابات الاجتماعية لتي شهدها الإقليم العربي من المحيط إلى الخليج إبان وبعد ما اصطلح عليه “الربيع العربي”، والذي تجدد خلال سنتي 2019 و 2020 ، الحاجة الماسة أكثر من أي وقت مضى لخبرة مؤسسة رسمية عليا، تكون تابعة مباشرة للدولة ومتشبعة بثقافتها وقائمة في كنفها لكن مختصة على نحو مستقل في تنوير، وأحيانا تنبيه، مسؤوليها التنفيذيين والتشريعيين من خلال أداء رسالة خطيرة وسامية ألا وهي رسالة الرقابة والمحاسبة على المال العام، والمساهمة في مكافحة الفساد وتقديم الاستشارة الفنية للمعنيين بإعداد وتنفيذ السياسات الحكومية لتوجيهها نحو خدمة المصلحة العامة. إنها مؤسسات أو دواوين الرقابة المالية والمحاسبة باعتبارها أجهزة عليا، إنما خلقت لترسيخ الحكم الرشيد والمساهمة في تحقيق التنمية وبناء الدولة وتحديث وتقوية مؤسساتها.
ويعتبر الكاتب أن اختيار موضوع الأجهزة العليا للرقابة والمالية والمحاسبة ودورها في التنمية وبناء الدولة ليكون موضوعا لهذا الكتاب المتعدد الفصول والمترامي الأطراف، لا يجد تبريره فقط فيما سبق من بيان وتوضيح وما يجري في حاضرنا وأمام أعيننا على طول العالم العربي وعرضه، بل وأيضا لأن المستقبل ينبئ -من خلال تحليل مؤشرات الماضي القريب والحاضر السائل والمتسارع في تطوراته-من توال للأزمات المالية والتوترات الاجتماعية والأمنية والاضطرابات السياسية وتداعيات الكوارث الصحية والبيئية.
ومن أجل ذلك، يرى الدكتور براو، ليس هناك فقط إقرار عالمي سابق وحالي على نحو مجمع عليه، بأهمية هذه المؤسسات في المساهمة في رفع تحديات البناء والتحديث والتنمية، بل إن هذه الأهمية الحيوية ستتزايد مع الوقت، وسيرتفع الطلب على خدماتها، ويصبح أكثر إلحاحا في مختلف أنحاء العالم، حيث باتت كافة الأطراف المعنية بالتنمية المستدامة وبناء الدولة وضمان استقرار المجتمع ورفاهية أبنائه تستشعر الحاجة والفائدة من وجود جهاز أعلى للرقابة المالية والمحاسبة مستقل وفعال: بدءا بالجهات التشريعية مرورا بالجهات التنفيذية، وانتهاء بالرأي العام خصوصا عندما يكون هذا الأخير معززا بمجتمع مدني حي وحيوي، دون أن يغيب عن بالنا النظام السياسي للدولة ككل، الذي يستفيد من وجود جهاز أعلى للرقابة المالية والمحاسبة قوي وفعال باعتباره جالبا للثقة في الدولة ومروجا لسمعتها السياسية والاقتصادية ولنموذجها المؤسساتي وداعما لطموحاتها الريادية -إن كان لدى قادتها السياسيين هذا الطموح- في التطلع إلى المستقبل عبر توفير مقومات وعوامل النجاح والتميز، برؤية واضحة وبصيرة نافذة.
التأسيس المنهجي
لقد اعتمد هذا البحث، المنطوي على مجموعة من الأبحاث الفرعية، والذي يؤهله موضوعه الأصيل، وحجمه وتعدد محاوره، وصبغته الشاملة والمتنوعة، بالمقارنة مع ما هو موجود حتى الآن من أدبيات عالمية أكاديمية ومهنية، محدودة جدا ويغلب عليها التنظير على المستوى الأكاديمي المهيمن عليه من الباحثين، المنتمين لتخصص علم الاقتصاد السياسي، والتجزئة والتناثر على مستوى التقارير والدراسات المتخصصة المنجزة من طرف المنظمات المهنية الدولية والإقليمية والمعاهد الإدارية التابعة لها، يؤهله كل ذلك ليكون فريدا من نوعه بقياس عالمي.
وبمراجعة أهم الأدبيات العالمية الأكاديمية والمهنية، الأنجلوسكسونية والفرنكفونية ذات الصلة بالموضوع، يستخلص المؤلف من مراجعة الأدبيات الأكاديمية الطابع الجزئي والمحدد للموضوعات المطروقة، وركز في جمعها على علاقتها بتكوين هذه الأجهزة ومبادئها التأسيسية وخصوصا لقيمتها المضافة بالنسبة للدولة والمجتمع، وكيف يمكن للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة أن تقيس تأثيرها الإيجابي وهذا الذي تطرق إليه الكاتب بشكل مفصل وأكثر توضيحا وتمثيلا في ثلاثة فصول فقط من الفصول العشرة للكتاب وهما:
الفصل الأول (ماهية الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة)، والفصل التاسع، (تحديات الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة وسبل الاستجابة لها).
الفصل الثامن (دور الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في تحسين الخدمات والمشاريع التنموية).
أما النقطة المتعلقة بمنافع هذه الأجهزة فقد عالجناه بتفصيل من خلال عرض ومناقشة المعيار الدولي 12 حول قيمة وفوائد الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة.
وبخصوص الأدبيات المهنية فهي تصدر بطبيعتها مستهدفة محورا معينا محدودا ومقصورا في الغالب على تجارب الدول التي تنتمي للنموذج الانجلوسكسوني، وقد تناول محمد براو تارة التعريف بهذه الأجهزة، وتارة تصنيفها، وطورا أنواع التدقيق وطورا آخر منافع هذه الأجهزة من خلال دراسة تقاريرها أو استجواب المستفيدين من خدماتها، وكذا علاقاتها بالبرلمان…إلخ وهي صادرة عن المؤسسات التنموية والمالية الدولية أو المعاهد المهنية أو مكاتب الدراسات التي تشتغل بناء على تكليف من الممولين. وهي مشار إليها في هوامش كل فصل وفي مصادر ومراجع الكتاب.
أما بخصوص الأدبيات الفرنكفونية فتركز على الجوانب القانونية والقضائية لمحاكم الحسابات أو أنها تتناول تقارير هذه المحاكم حول قضايا ومحاور معينة كالتقارير المواضيعية في السياسات العامة والتي يغلب عليها طابع الامتثال أكثر من القيمة مقابل المال.
وخلاصة القول إن الكتاب الذي نقدمه بين يدي القارئ يتسع لكل هذه المحاور المتناثرة ويتناولها بمختلف المقاربات والمناهج العلمية والتطبيقية ويتميز عليها أن كاتبه باحث وممارس في هذا الميدان في نفس الوقت ولسنوات طويلة بحيث لم يتم الاكتفاء بالجمع والترتيب والإضافة والتحديث (القيمة المضافة الأولى: تراكمية وتحديثية)، بل يتجاوزه للتحليل النقدي والاقتراح والمراجعة والتصويب (القيمة المضافة الثانية والأهم: تأصيلية ونقدية)، وقد حاولنا التدليل عليه عبر كل الفصول والمحاور التي يتضمنها والتي يمكن اكتشافها من خلال الاطلاع على الملخصات التي تتوج جميع الفصول العشرة للكتاب وخصوصا من خلال التوصيات الختامية والتي تشكل حصاده النهائي.
وبناء على مراجعة تلك الأدبيات، أعلن الكاتب، دون الخشية من الوقوع في الخطأ، عن حكم قيمة يعتبره فرضية عرضها للاختبار والتجريب، مفادها أن هذا البحث هو الأول من نوعه على العموم والإطلاق، من حيث الشمولية والاتساع فضلا عن الأصالة المعرفية والمنهجية في هذا الموضوع الدقيق، لا فقط من حيث تنوع الموضوعات التي ينطوي عليها وتشعب أبعادها، ومن حيث العناية بمختلف التوجهات والمدارس والمناهج، بل أيضا وبالموازاة مع ذلك، من حيث تجلياته التطبيقية وتلويناته الإجرائية، من خلال استعراضه الوافي للحالات الميدانية من منظور مقارن متعدد التوجهات. لقد اعتمدنا فيه مقاربة ديناميكية متعددة الأبعاد، ذات أفق عالمي من جهة، ومضمون في أغلبه الأعم ذو طابع فني وعملي ينتمي لدائرة السياسات التطبيقية Applied politics من جهة أخرى. يقوم على عدة مناهج متداخلة ومندمجة وهي المنهج الوصفي والمنهج التحليلي والمنهج المقارن والمنهج المعياري والمنهج التطبيقي (من خلال نهج دراسة الحالات).
ومع أن الكتاب يمكن إلحاقه أكاديميا بتخصصات العلوم الإدارية والاقتصادية والمالية والقانونية، كما أنه يلامس بقوة العلوم الاجتماعية (علم الاجتماع التطبيقي Applied sociology ) وإلى حد ما العلوم السياسية (خاصة الشق التنفيذي للعملية السياسية). فإنه ليس مؤلفا أكاديميا بالمعنى الضيق والصارم للمفهوم وإنما هو عبارة عن دليل معرفي وعملي إرشادي متخصص وفي نفس الوقت مفتوح لجميع المعنيين والمهتمين بموضوع الحوكمة الرشيدة والإدارة المالية العامة والرقابة والمحاسبة في سياق التنمية المستدامة وبناء الدولة العصرية وتحديث مؤسساتها.
وتتمثل المقاربة الديناميكية في الأخذ بقواعد العرض الوصفي تارة، والتحليل تارة أخرى، والمقارنة طورا، والتعليق النقدي طورا آخر، فضلا عن القواعد العامة للضبط والترتيب الأكاديميين كوعاء عام. وهي مقاربة تزاوج بين المنهجية الأكاديمية النظرية إلى هذا الحد أو ذاك، والمنهجية العملية التطبيقية، مع أرجحية فاقعة للثانية على الأولى. وهكذا، ومع أن الكتاب لا يخلو من مقدمات ومناقشات تتناول على نحو خفيف بعض التعريفات والبرديغمات في مجالات العلوم الاجتماعية والاقتصادية ولا سيما ذات الصلة بالعلوم الإدارية وعلم المنظمات، فإن الضابط العام للكتاب من حيث المنهجية هو الضابط العملي المرتكز على الجوانب التطبيقية الفنية والاجرائية وما يرتبط بها من أوعية مؤسساتية ونظم إدارية ومالية تتصل بالدولة ومؤسساتها، وكل ذلك من منظور عالمي مقارن يستعرض مختلف التجارب العالمية والمدارس المؤسساتية والنماذج الرقابية على تنوعها مع الوقوف على ما استقر عليه المجتمع الدولي الإداري عموما والرقابي خصوصا من مبادئ وقواعد وما توافق عليه الخبراء الدوليون من معايير ودلائل وإجراءات.
الجمهور المستهدف
ويرى الكاتب أن الغرض من اعتماد هذه المقاربات والقواعد على تنوعها، ولا سيما الانفتاح على الأفق العالمي من منظور تطبيقي يتصل بالميدان، بمختلف تنوعاته وتعقيداته، مقصود وتبرره فكرتان؛ الفكرة الأولى: الالتزام بضرورات محتوى المواد المكونة لهذا البحث بناء على القاعدة القائلة: إن الموضوع هو الذي يخلق المنهج وليس العكس. الفكرة الثانية: السعي لأن يكون الكتاب قريب المأخذ لجميع قرائه، أجل، يتوقع كاتب هذه السطور أن يجد فيه الطالب المبتدئ مأربه، وينال منه الباحث الأكاديمي وطره، ويصيب الهدف منه الخبير المحترف والمدير المتمرس، جنبا إلى جنب مع الأساتذة والباحثين الجامعيين، والنشطاء والمواطنين المهتمين بقضايا الشفافية والمساءلة والرقابة على المال العام في سياق الحوكمة الرشيدة والتنمية.
لكن الغاية المثلى التي يتوسلها الكاتب، والتي تمثل أسمى أمانيه هو أن يجد الزعماء السياسيون والقادة الإداريون ضالتهم في موضوع الكتاب، فيتمعنوا فصوله ويتدارسوا بعناية ونظرة بناءة استنتاجاته وتوصياته، من أجل دراسة إمكانية ترجمتها إلى قرارات نافدة وسياسات عملية فاعلة لعلها تساعد في تقريب المسافة وتعبيد الطريق نحو التنمية المنشودة وبناء الدولة العتيدة وتحديث مؤسساتها وتصليب عودها خدمة للمجتمع والمواطن. خصوصا في ظل هذه الظروف (النصف الأول من سنة 2020) التي تسعى فيها القيادات العليا ومختلف السلطات الحكومية في الوطن العربي بما فيها المغرب، من أجل حشد الطاقات والجهود في سبيل مواجهة التحديات (ومنها التحديات الصحية الطارئة المتمثلة في وباء كورونا وارتداداته) وذلك من خلال بلورة وتطوير نموذج تنموي جديد يتوخى العدالة والإنصاف والاندماج الاجتماعي والتقدم الاقتصادي على ضوء التوجهات العالمية وعلى رأسها أجندة التنمية المستدامة التي تعلي من شأن قطاعي التعليم والصحة.
واختتم محمد براو كتابه، المكون من جزئين، بتقديم عصارة ما انتهى إليه البحث في صورة توصيات عملية موجهة لأصحاب القرار السياسي والإداري من أجل الرفع من قيمة وفوائد الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة في التنمية وبناء الدولة وتحديث وتقوية مؤسساتها، وذلك من أجل تعظيم أثر مساهمتها في تلبية احتياجات مواطنيها وتحقيق طموحاتهم المشروعة في مجتمع سعيد ومتماسك ومتطلع للمستقبل بكل ثقة واقتدار.
نبذة جد مختصرة عن الكاتب
دكتور دولة في الحقوق، خبير دولي في الحوكمة والمساءلة، متخصص في تقييم الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة وتحليل سياسات مكافحة الفساد، كبير باحثين ومحاضرين في العلوم الإدارية والقانونية والسياسية، عضو بعدة مراكز أبحاث وطنية ودولية، منسق برنامج الحوكمة ومكافحة الفساد (في طور التأسيس)، بالمعهد المغربي لتحليل السياسات، حائز على 3 جوائز من منظمة أرابوساي وعلى منحة بحوث ما بعد الدكتوراه من جامعة نيويورك، وعلى جائزة المغرب للكتاب في العلوم الاجتماعية.
هذا ونعد قراءنا الكرام أننا سنعود لتفاصيل هذا الحدث العلمي الهام لا حقا في حوار مستفيض مع الكاتب.
تعليقات الزوار ( 0 )