أثيرت خلال الأيام الماضية قضية خطيرة تمس بصورة المغرب وحكومته ،وهي المرتبطة بما راج حول “ادعاءات صفة“ لا تملكها السيدة نزهة الوافي الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج -المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج – إذا لم تٌثبت السيدة الوزيرة المنتدبة عكس ماراج ،وقد كنا ننتظر أن يعلن السيد رئيس الحكومة عن فتح تحقيق في هذا الموضوع الخطير، ويخبر الرأي العام بنتائجه ،فالسيد رئيس الحكومة العثماني مسؤول عن ادعاءات الصفة التي يقدمها وزارؤه ومنهم نزهة الوافي لأن هذا الادعاء ليس شخصيا ولكنه مرتبط بممارسة مهام حكومية في مجال له ارتباط كبير بصورة المغرب في الخارج، وبناء على ذلك، فإن رئيس الحكومة بصفته الممثل القانوني للدولة المغربية ،مطالب بفتح تحقيق بسرعة للأسباب التالية:
السبب الأول، أن الأمر يتعلق بجامعة إيطالية، هي التي طلبت إزالة صفة نسبتها الوزيرة الوافي لنفسها ما لم يثبت العكس، جامعة صغيرة تدخل ضمن جمعيات الجامعات الأوروبية، ولم تكن لتهتم لولا وجود شيء ما جعلها تطلب إزالة ادعاء الانتساب، فالأمر فيه نوع الغموض الذي قد يفاجىء الحكومة المغربية بعمل ما من طرف الجامعة الإيطالية المعنية في المستقبل، لذلك مطلوب من السيد العثماني فتح تحقيق يحدد أولا هل انتسبت السيدة الوافي لهيئة التدريس بهذه الجامعة كما ادعت بصفتها؟
وإذا كان الأمر كذلك فهل فعلا راسلت الجامعة المعنية السيدة الوزيرة المنتدبة لإزالة صفة الانتساب ؟ أم أن صفة الانتساب غير موجودة؟ وهنا يجب البحث عن الأسباب التي دفعت الوزيرة المنتدبة إلى إعطاء هذه الصفة لنفسها، وماهي علاقة ذلك بحكومة الكفاءات والمركز الذي توجد فيه الوزيرة اليوم داخلها بصفتها مكلفة بالمغاربة المقيمين في الخارج، وهو الأمر نفسه بالنسبة لادعاءات صفة الوزيرة المنتدبة بخصوص ادعاء الارتباط بجامعة السوربون التي لا نعرف كيف سيكون موقفها إذا ما نُوقشت قضية ادعاء صفة انتساب الوزيرة المنتدبة للجامعة الإيطالية في اجتماعات جمعيات الجمعيات الأوروبية خلال الشهور المقبلة.
السبب الثاني، أن السيدة نزهة الوافي وضعت الصفة التي تدعيها، ما لم يثبت العكس في موقع الوزارة المنتدبة المرتبط بوزارة الشؤون الخارجية المغربية، فالأمر يتعلق بموقع رسمي لإحدى وزارات السيادة التي تٌقدم صورة المغرب للخارج، وهناك موظفون أخذوا على عاتقهم إدارة الموقع الرسمي للوازرة المنتدبة وأدخلوا معلومات قد تكون فيها ادعاءات صفة غير موجودة ما لم تثبت الوزيرة عكس ما قالته الجامعة الإيطالية، فالأمر يتعلق هنا بعمل رسمي في موقع رسمي وليس صفحة شخصية يمكن ان ينسب فيها الشخص لنفسه الصفة التي يشاء، فالكثير من الأشخاص ينسبون لأنفسهم في صفحاتهم الشخصية صفة الانتساب إلى نوادي عالمية كبرى كالبارصا أو ريال مدريد وليفربول ولا أحد يحاسبهم، لأن الامر شخصي لكن الموقع الرسمي العمومي يفترض أن يتضمن صفات صحيحة وبحجج وشواهد.
السبب الثالث، أن السيد العثماني يقود حكومته الثانية المسماة بحكومة الكفاءات، وأن السيدة الوزيرة المنتدبة نزهة الوافي انتقلت من مجال كاتبة دولة لدى وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة مكلفة بالتنمية المستدامة، إلى وزيرة منتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية مكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، وهنا يثار التساؤل، هل يكون السيد العثماني قد بنى اقتراحه الجديد على “صفة” طلبت إحدى الجامعات سحبها، لذلك مطلوب من السيد العثماني فتح تحقيق حتى يتأكد هو نفسه من أن العناصر التي بنى عليها اقتراحه كانت سليمة، وأن ما قامت به الجامعة الإيطالية ضد الوزيرة المنتدبة مجرد ادعاء.
السبب الرابع، مطلوب من السيد العثماني فتح تحقيق لأن السيدة الوزيرة المنتدبة استعملت الصفة موضوع النقاش مرات متعددة في لقاءات إعلامية وأمام مغاربة الخارج أنفسهم، ففي لقاء أخير خلال شهر دجنبر الماضي صرحت السيدة الوزيرة، وهي تقدم مسارها أمام حوالي 400 من شابات وشباب مغاربة الخارج اللواتي والذين جاؤوا من كل مناطق العالم، صرحت بانتسابها لهذه الجامعة الإيطالية ودراستها في السوربون، فكيف سيكون شعور الشابات والشباب من مغاربة الخارج وهن/وهم يكتشفن ويكتشفون أن ما صرحت به الوزيرة يوجد اليوم في منزلة ادعاءات بصفة غير صحيحة ؟
لهذه الاسباب كلها، تبدو قضية ادعاء صفة الوزيرة المنتدبة قضية دولة، فالأمر لا يتعلق بحدث بسيط يجب المرور عنه دون فتح تحقيق، ولكنه قضية خطيرة وغامضة تفترض كل الاحتمالات، فقد تكون الوزيرة المنتدبة قد انتسبت فعلا للجامعة، وهنا على رئيس الحكومة التحقيق في الأسباب التي جعلت الجامعة الإيطالية تطلب سحب انتساب نزهة الوافي إليها، ولماذا قررت الوزيرة المنتدبة بعد مدة طويلة من الاستوزار إزالة هذه الصفة من سيرتها الذاتية؟ أو أن هناك فعلا مشكل ادعاء صفة، وهنا يجب على رئيس الحكومة القيام بالإجراءات القانونية المطلوبة التي تدفع إلى اقتراح إعفاء الوزيرة المنتدبة، هناك حالات كثيرة في التجارب الحكومية الدولية دفعت الوزراء أنفسهم إلى طلب الإعفاء، وأعرف جيدا أن هذه المسألة صعبة بالنسبة للوزراء المنتمين للأحزاب السياسية ما لم يبادر رئيس الحكومة نفسه في مباشرة مسطرة طلب الإعفاء.
وهنا أوضح، أن ادعاء الصفة اذا ما تبثت أنها صحيحة ما لم تنف السيدة الوافي كل الادعاءات التي راجت، فإن ادعاء صفة غير موجودة من طرف وزير خطير على صورة الدولة ومؤسساتها بل يحمل نظرة البعض لطبيعة المهام داخل الدولة ويثير قضية المسؤولية، فبعض الأحزاب السياسية أعطاها الدستور إمكانية سلطة قيادة الحكومة، ولكن لا شيء يعطيها في الدستور أن تقوم باقتراح منخرطيها لقيادة الوزارات، فالمناضل الحزبي يمكنه قيادة فرع وادعاء الصفة التي يريد لنفسه حتى لو قال بانتسابه لجامعة هارفارد، ولكن الأمر مختلف في اقتراح الوزراء، فحتى لو اقترحت بعض الأحزاب السياسية مرشحين لمناصب وزارية وهم لا يحملون شهادة الباكالوريا، فهذا حق الحزب ولاشيء يمنعه من ذلك ،ولكن عليه ان يصرح تصريحا صحيحا بصفة المرشح للوزارة غير الحامل لشهادة الباكالوريا لكي يتابع الرأي العام عمله ويراقبه.
وتوجد السيدة نزهة الوافي اليوم، إذا لم تستطع إثبات ما تدعيه من صفة جامعية ايطالية أو فرنسية في حالة تنافي مع الوظيفة الحكومية ما لم يصرح السيد رئيس الحكومة بعد التحقيق بغير ذلك، وثبت أن المركز المهني للوزيرة المنتدبة لا يتأثر بادعاء صفة طلبت إحدى الجامعات سحبها.
*أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس-الرباط
تعليقات الزوار ( 0 )