أثارت ظاهرة بيع البحوث الجامعية الجاهزة، من طرف مجموعة من المكتبات والأشخاص، استياء العديد من الأكاديميين الذين اعتبروا بأن استمرار هذا الأمر يشكل خطراً على البحث العلمي، وعلى أساتذة وأطر المستقبل، الذين يشتري بعضهم بحوثا جاهزة، دون بذل أدنى جهد فيها.
وبالرغم من كون بيع البحوث، عملاً مداناً من طرف الأساتذة والأكادميين، إلا أن مجموعة ممن يشتغلون في هذا الميدان، لجأوا إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وأنشأوا حسابات وصفحات لاستقطاب الطلبة الراغبين في أن يتم إنجاز بحوثهم مقابل مبالغ مالية تتراوج بين 1000 درهم و5000 درهماً، حسب طبيعة البحث وعدد صفحاته.
وفي هذا السياق، قال أحد الأشخاص الذين يشتغلون في مكتبة، تنحز البحوث الجامعية، إن “بيع البحوث أمر موجوذ منذ سنوات سواء الخاصة بالإجازة، أو المتعلقة بالماستر، وقد يكون هناك بيع لبحث الدكتوراه أيضا، ولكني لا أعلم، على الأقل أنا أنجز البحوث الخاص بالإجازة، والتي قد يصل ثمنها لـ 1000 درهما فما فوق، حسب موضوعه، وعدد الصفحات”.
وأضاف المتحدث الذي رفض ذكر اسمه، لـ”بناصا”، أن “الفئة الأكبر التي تلجأ إلي أو إلى الأشخاص الذين ينجزون البحوث الجامعية، هم الموظفون الذين يتابعون دراستهم، لأنهم لا يملكون الوقت، ويملكون المال، في حين أن أغلب الطلبة يصعب عليهم دفع ثمن 1500 درهماً مثلاً، لإعداد بحث، لذا يفضلون إنجاز هم، سواء بمجود خاص أو عبر النسخ”.
واسترسل المتحدث ذاته أن “البحث لا أنجزه وحدي في أغلب الأحيان، وأستعين بزملاء لي، ويستحسن أن يكونوا من نفس الشعبة التي يرغب الزبون في الحصول على بحث جامعي بها، حيث يشتغل على محور أو محاور معينة، مقابل مبلغ مالي، من 300 إلى 500 درهماً، حسب المبلغ الإجمالي للبحث، وحتى إن كان قد اختار البحث وبدأه فيمكن مساعدته على إنهاء مقابل ثمن مناسب”، على حدّ تعبيره.
واستنكر مجموعة من الأساتذة الجامعيين هذا الأمر، واستمراره في الجامعات المغربية، من بينهم الأستاذ الجامعي عبد النبي حري، الذي شارك منشوراً لحساب يضع اسم “نسحب البحوث الجامعية”، يدعو فيه الطلبة الذين لا يملكون الوقت لإعداد بحوثهم، لأن يتواصلوا معه، لإنجازها مقابل ثمن مناسب، معلّقاً: “إذا كانت الإعلانات المكتوبة في هذه الصورة حقيقية وغير مفبركة فإن الإنسان يعجز عن الكلام !!”.
ومن جانبه قال الأكاديمي إبراهيم الفاتيحي، في تعليقه على الموضوع، إن هذا الأمر أصبح شائعا، مردفاً بأنه ينضاف لسرقة البحوث، حيث أشار إلى أن “هناك طلبة يسرقون بحوث الإجازة والماستر من جامعات أخرى ويتقدمون بها في جامعاتهم، وآخرون يسرقونها من الجامعات ليتقدموا بها في المراكز الجهوية والعكس؛ لذلك فإن الحل هو رقمنة البحوث وإخضاعها للتحقيق من خلال برامج خاصة”.
وأضاف الفاتيحي، في تعليق على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، في رؤيته للحل لإنهاء هذا الوضع: “الطلبة يستغلون عدم قراءة الأساتذة المشرفين والمناقشين لتلك البحوث نظرا لكثرتها وصعوبة تتبعها. لذلك يجب أن تناقش بحوث الجامعات والمراكز من طرف لجان مختلطة ومن مدن مختلفة، وإعادة الجدوى والجدية لتلك البحوث”.
من جهته، أوضح عبد الله المستعين، أن هذا التقليد “شائع من قديم فالدراسات القانونية غير القلة اللي كاتعتمد على مجهودها الخاص فصياغة البحث بينما فئة عريضة كاتاخذ شي بحث قديم وكاتدير ليه شيء من التنقيح والتحيين، غا هي دابا ولاو خارجين ليها بالعلالي”، فيما قال آخر إن هذا الأمر موجود، وثمن بحث الإجازة يصل لـ 1500 درهماً، وثمن الماستر قد يتضاعف.
وطالب أكاديميون وأساتذة، بالبحث عن صيغة للتدخل من أجل إنهاء هذا الأمر الذي من شأنه المساس بسمعة الشواهد العلمية في المغرب، سواء عبر تجريم هذا الأمر، وتوقيف كل المكتبات التي تشتغل في إعدادها، علما أن بعضها معروف، ويعلم بوجوده عدد كبير من الطلبة.
تعليقات الزوار ( 0 )