يسعى بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، في السنة الأخيرة من ولايته التشريعية، لإصلاح ما أفسده في بداياتها، حين بدأ مهامه بإدارة ظهره للجار الجنوبي المغرب، عبر تغيير تقليد راسخ في المملكة الإيبيرية، بتوجه رئيس الوزراء الجديد، إلى المغرب في أول زيارة رسمية خارجية، قبل أن يُتبعها بمجموعة من الموقف التي اعتبرت “عدائية”، وعلى رأسها قبول دخول إبراهيم غالي، إلى إسبانيا للاستشفاء بعد إصابته بفيروس كورونا المستجد.
وكان وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، قد وضع حدّاً للتكهنات التي تحدثت عن إمكانية تأجيل الاجتماع رفيع المستوى مع المغرب، مرة أخرى، بسبب استمرار بعض الملفات العالقة، على رأسها الأجواء فوق الصحراء المغربية، بعدما أكد أن هذا اللقاء، سينعقد في الرباط، يومي 1 و2 فبراير المقبل.
وقال ألباريس، إن الاجتماع سيعرف توقيع “عدد لا بأس به من الاتاقات”، وهو ما يعني التزاما آخر، بـ”خارطة الطريق للمرحلة الجديدة التي اتفقت عليها إسبانيا والمغرب، والتي انعسكت في وثيقة 7 أبريل الماضي، التي وقع عليها رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، والملك محمد السادس، بالرباط”.
وأوضح وزير خارجية إسبانيا، أن خارطة الطريق الجديدة مع المغرب، أدت لـ”علاقة وثيقة ومهمة ومتينة” بين البلدين، تم تعزيزها خلال السنة المنقضية على المستوى الاقتصادي، كما انعكست على التعاون في مجال الهجرة السرية، بعدما انخفضت التدفقات بنسبة 26 في المائة، في الوقت الذي ما زالت تنمو فيه من جميع الطرق الأوروبية الأخرى.
الاجتماع رفيع المستوى الذي أعلن عن موعده أخيرا، لم ينعقد منذ سنة 2015، حين كان ماريانو راخوي رئيسا للحكومة، رغم أنه، حسب المعتاد، فإن الاجتماع يجرى بشكل سنوي أو نصف سنوي، لكن العلاقات المتوترة منذ تولي بيدرو سانشيز رئاسة وزراء إسبانية، حالت دون إتمام اللقاء في مناسبتين، بعدما تأجل من 2020 لـ 2021، قبل أن يؤجل مرة أخرى لوقت لاحق.
بدأ توتر العلاقات المغربية الإسبانية، منذ اختيار سانشيز، زيارة البرتغال في أول رحلة رسمية له بعد انتخابه، متجاوزاً العادات السياسية لبلاده، والتي تضع الرباط كأول وجهة خارجية للرئيس بعد توليه الحكومة، قبل أن تتفاقم الأوضاع لاحقا بسبب مجموعة من الأحداث، منها استقبال إسبانيا لإبراهيم غالي، زعيم البوليساريو، على أراضيها.
كان هذا الحادث بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث أعلنت الرباط بعدها سحب سفيرها، وقطع علاقاتها مع إسبانيا، وتخفيف مراقبة الحدود، بسبب إخلال حكومة مدريد، بالشراكة الثنائية والثقة المتبادلة بين البلدين. عقب ذلك حاول بيدرو سانشيز، الضغط على المغرب عبر الاتحاد الأوروبي، دون أن يفلح، ليقرّر في النهاية التضحية برأس وزيرة الخارجية أرانشا غونزاليس لايا.
سانشيز عيّن، في يوليوز 2021، خوسيه مانويل ألباريس خلفا للايا، بهدف رئيسي وحيد وأوحد، وهو محاولة تحسين العلاقات مع المغرب، وهو ما بدأت مؤشراته بالفعل مع الأشهر الأولى، من خلال تصريحات رئيس الدبلوماسية الجديد، غير أن خطوات العملية لم تحدث قبل شهر أبريل من السنة الموالية.
بعد البيان المشترك الذي أعقب اللقاء الذي جمع بين بيدرو سانشيز، والملك محمد السادس، في أبريل الماضي، عادت العلاقات الثنائية بين البلدين إلى طبيعتها، وأعلن الجانبان عزمهما عقد الاجتماع رفيع المستوى في أقرب وقت، من أجل وضع خارطة الطريق للعلاقات الثنائية في السنوات المقبلة.
عقب استئناف التعاون الوثيق في ميدان الهجرة غير الشرعية، تبقى أمام إسبانيا والمغرب، عدد من الملفات الأخرى المهمة، وعلى رأسها المتعلقة بمعابر مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، إلى جانب الجمارك، بالإضافة إلى بعض الملفات ذات الصبغة الاقتصادية والتجارية، التي من المرجح أن تتم مناقشتها خلال اللقاء.
وسبق لمجموعة من التقارير أن تحدثت عن أن المغرب، يضغط من أجل إجبار إسبانيا على تسليم السيطرة الكاملة على أجواء الصحراء المغربية، وهو الأمر الذي نفته وزارة الخارجية بحكومة مدريد، غير أن أبواب هذا الملفّ الذي عمّر منذ الحقبة الاستعمارية للأراضي الجنوبية للمملكة، يظل مفتوحاً على مصراعيه.
تعليقات الزوار ( 0 )