Share
  • Link copied

أكاديمي إسرائيلي: أمر ما يدفع إيران للتريث في الرد.. لكنها ربما تخدع تل أبيب ولن تتنازل عن الانتقام

 يرى المستشرق والمحاضر الجامعي الإسرائيلي أماتسيا برعام أن هناك أمراً ما دفع إيران للتريث في الرد، وأن ثمة احتمال أنها تخدع إسرائيل، محذراً بالقول إنها حتى لو قرّرت تأجيل الرد، فإنها لن تتنازل عن الانتقام.

ويقول برعام، في مقال نشرته صحيفة “معاريف”، إن الانتظار المتوتر في إسرائيل منذ اغتيال فؤاد شكر في بيروت، وإسماعيل هنية في طهران مستمرٌ لسببين: الأول، كما قال نصر الله، إن جوهر الانتظار القلق للضربة المتوقعة هو جزء من العقاب، والثاني، أن الصورة التي تبدو من طهران منذ اغتيال هنية تعكس صراعاً داخلياً يدور على قلب وعقل وصورة المرشد الأعلى علي خامنئي.

ويقول أيضاً إنه من المحتمل أن تكون هذه الصورة جزءاً من خدعة إيرانية، الغرض منها خفض درجة جاهزيتنا، لكن من المحتمل أن تكون صورة حقيقية، وبحسب هذه الصورة، وقبل أيام معدودة، في 7 غشت، كان هناك إجماع كامل في الرأي وسط القيادة والإعلام الإيرانيَّين، حتى أن الرئيس الجديد، الذي يُعتبر “براغماتياً”، أو “إصلاحياً”، مسعود بزشكيان، رفضَ بشدة طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من إيران “ضبط” النفس.

ويضيف برعام: “فعلاً، فقد قال إنه يمكن منع نشوب حرب إقليمية، إذا أوقفت إسرائيل حربها في غزة، أي إن وقف إطلاق النار في غزة يمكن أن يؤدي إلى ردّ إيراني محدود، ومن دون ذلك، فإن الهجوم سيكون كبيراً. فجأة، في 9 غشت، بدأت التسريبات أن بزشكيان توجّه إلى خامنئي على عجل، طالباً منه إعادة التفكير في الهجوم ضد إسرائيل.

ووفقاً للتقارير، يتخوف بزشكيان من ردّ إسرائيلي يمكن أن “يدمر الاقتصاد الإيراني”. وبدلاً من ذلك، اقترح مهاجمة منشآت سرية إسرائيلية في كردستان العراقية، أو في أذربيجان. إذا كانت التسريبات صحيحة، فيبدو أن الرئيس متخوفٌ من هجوم إسرائيلي عنيف على صناعة النفط الإيرانية”.

العبرة في استهداف الحديدة

ويرى برعام أن القيادة الإيرانية تعرف ما فعلته إسرائيل بخزانات النفط التابعة للحوثيين في الحديدة، وهي قادرة على الانتقام أكثر بعشرات المرات من المنشآت الإيرانية.

منوهاً أن كل الميزانية الإيرانية المتوفرة للحكام، وللإنفاق العسكري والاستيراد، ومساعدة حلفائها بالسلاح والتمويل، تأتي تقريباً من بيع النفط والغاز، وإذا احترق كل شيء، فستسقط إيران وشركاؤها في حفرة عميقة.

ويتساءل كيف تجرّأ الرئيس، الذي انتُخب بفضل دعم المرشد الأعلى، والذي لا يُعتبر ثورياً، على تسريب وجهة نظر ثورية بشأن عدم مهاجمة إسرائيل؟

ويرى برعام أنها جرأة هائلة، ويمكن أن تُعتبر إهانة للكرامة الوطنية، ولكنه ينوه أن هذا التسريب ما زال بحاجة إلى تأكيد رسمي، لكن إذا كان صحيحاً، فإن التفسير الأكثر معقوليةً هو أنه خلال اللقاء الذي جرى بين بزشكيان وخامنئي، فإن هذا الأخير هو الذي طلب من الرئيس الإيراني التسريب أنه هو الذي طلب إعادة التفكير في المسار من جديد.

ويضيف: “حتى يوم الأحد 11 غشت، دعا العديد من كبار المسؤولين إلى الانتقام، وتحدّثت التقارير عن أن الخامنئي أمَرَ بالانتقام، لكنه لم يعلن، هو نفسه، ذلك بصوته، وعلى يبدو، فهو لا يزال متردداً. السبب الأساسي هو أن الاستخبارات الإيرانية تحدثت عن تجمّع الأسطول الأمريكي حول إيران ولبنان، وأن إسرائيل تخطط لرد مؤلم.

صحيح أن رئيس مجلس الأمن القومي في روسيا سيرغي شويغو قام بزيارة عاجلة لطهران، في 5 غشت، وتحدثت تقارير عن شحنات من التكنولوجيا الروسية الجديدة المتوجهة إلى إيران للدفاع ضد الطائرات، لكن هناك ضغطاً سياسياً دولياً كبيراً لمنع التصعيد. حتى أن تركيا وروسيا تضغطان للحؤول دون نشوب حرب شاملة. ليس من المؤكد أن خامنئي كان يريد هجوماً مباشراً على إسرائيل في أبريل الماضي.

ويعلل برعام ترجيحه بالقول إن المرشد الأعلى شخصٌ حذِر، ويدرس قراراته بهدوء، وكان يعلم جيداً بأن أمريكا ستساعد إسرائيل دفاعياً (وربما أكثر، إذا تفاقمت الأزمة)، ومن المحتمل أن يكون اندفع نحو الهجوم المباشر لأنه لا يريد أن يبدو انهزامياً أمام الرئيس السابق “المتطرف” رئيسي، وأمام حلفائه من “الحرس الثوري”، وحزب “جبهة الصمود القوية”، وجبهة بايداري المتطرفة في البرلمان الإيراني.

ويتابع: “لو لم تقع حادثة المروحية التي أودت بحياة رئيسي ووزير الخارجية “المتطرف”، لربما اندفع خامنئي إلى شنّ هجوم مباشر على إسرائيل. لكن هذه المرة، لديه رئيس براغماتي ووزير خارجية بالإنابة هو من المقربين منه، ومن أقربائه. لا يوجد في القيادة الإيرانية معتدلون، لكن يوجد متطرفون وشديدو التطرف. المرشد الأعلى نفسه “متطرف” بما فيه الكفاية، لكنه كان يتخوف من الرئيس السابق، ومن تحالفه مع المتشددين المتطرفين في إيران. حتى اليوم، يعتقد كثيرون أن حادثة المروحية التي قُتل فيها رئيسي لم تكن حادثة قط”.

ويعود المستشرق الإسرائيلي برعام ليتساءل ما الذي يجري حالياً في طهران؟ وفي تقييمه للإجابة يقول إنه حالياً، ليس لدى نظام الملالي مصلحة في نشوب مواجهة كبيرة مع إسرائيل والولايات المتحدة، ويدور الخلاف في الرأي حول مسألة ما إذا كان يجب الرد الآن، وبأيّ قوة. منبّهاً إلى أن أغلبية الأصوات التي تأتي من طهران الرسمية تطالب بانتقام كبير ومباشر، أما الجانب البراغماتي فيمثله في الأساس الرئيس بزشكيان.

رغبة الإيرانيين

ويوضح أن المرشد الأعلى دعمَ انتخابه، قبل شهر، من دون حماسة، لأنه كان بحاجة إليه، فبعد أن هاجم إسرائيل في أبريل، واصطدم بالائتلاف الأمريكي، أدرك خامنئي أنه إذا قرر الرد مباشرة ضد إسرائيل في المرة المقبلة، فسيكون بحاجة إلى ذريعة، وقد جرى انتخاب بزشكيان من أجل تحسين الاقتصاد، وأيضاً للوقوف على الحياد دعماً للمرشد الأعلى في أوقات الأزمة.

ويضيف: “إذا قرر خامنئي تأجيل الرد، فإن الإعلام المؤسساتي سيفسّر ذلك بأنه استجابة لطلب من الرئيس الإيراني وآخرين. والانطباع أن أغلبية الجمهور الإيراني لا تريد حرباً انتقاماً لاغتيال هنية. كل الاتهامات بالتنازل عن السيادة والكرامة الوطنية ستوجّه إلى الرئيس بزشكيان، وسيظل خامنئي فوق الانتقادات.

في خاتمة مقاله يرجّح برعام أن المتطرفين المتشددين في طهران سيحاولون التبرير بأنهم طالبوا بردّ مباشر وقاسٍ ضد إسرائيل، بغض النظر عن النتائج، لكنهم اضطروا إلى التنازل لأن الدستور يجعل المرشد الأعلى هو مَن يتخذ القرار الأخير. “حتى كتابة هذا المقال، خامنئي لم يقرر بعد، لكن من المهم أن نتذكر أنه حتى لو قرر تأجيل الرد، فإن إيران لن تتنازل عن الانتقام”.

Share
  • Link copied
المقال التالي