عقد المركز الجامعي للدراسات والبحوث الإفريقية ومسلك الدراسات الإفريقية، بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج، دورة تكوينية لفائدة طلبة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة في موضوع الترافع المدني عن مغربية الصحراء، على مدى يومي الجمعة والسبت، بتأطير من عدد من الأساتذة الباحثين والخبراء في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بمختلف جامعات المغرب.
وشارك في هذه الدورة التي تابعتها جريدة “بناصا”، كل من محمد الغالي عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بقلعة السراغنة، واحمد بوجداد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس الرباط، وسعيد الخمسي، إعلامي وخبير في التواصل، ثم عبد الحميد بن خطاب، أستاذ العلوم السياسية جامعة محمد الخامس الرباط.
في السياق ذاته، استحضر ياسين زغلول، رئيس جامعة محمد الأول في كلمة تلاها أحد نوابه، “الأشواط الكبرى التي قطعتها بلادنا في الدفاع عن وحدتنا الترابية منذ تربع صاحب الجلالة الملك محمد السادس على العرش”، مشيرا إلى أن الصحراء المغربية “تبوأت مكانة الصدارة من خلال نهج مقاربات جديدة ترتكز على ترسيخ أسس الدبلوماسية السياسية والجاذبية الاقتصادية”.
وأكد زغلول على أن جامعة وجدة، “وفي سياق الوفاء لقضية الصحراء المغربية التي أرسى أسسها الملك، عبرت عن انخراطها الفعال في مواكبة كل المستجدات هذه القضية المركزية من خلال تسخير كل إمكانيتها للإسهام في فعالية إحياء أمجادنا الوطنية وترسيخ نهضتنا التنموية والعناية العلمية بقضية الصحراء”.
وفي تصريح خص به جريدة “بناصا”، قال وسام شهير، مدير المركز الجامعي للدراسات والبحوث الإفريقية ومنسق مسلك الدراسات الإفريقية، أن هذه الدورة التكوينية “تأتي في سياق تفعيل دور الجامعة في مسار الدبلوماسية العلمية عبر تأهيل طلبة متمكنين من الترافع حول القضايا الوطنية وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية للمملكة من خلال تمكين الطلبة من أدوات التحليل والفهم للقضايا السياسية الوطنية وتحفيزهم للتفكير في بحوث تهتم بالتعريف بعدالة قضية الصحراء”.
وترتكز هذه الأدوات، وفق شهير، على اعتماد خطاب حجاجي عقلاني يتجاوز الطرح العاطفي التقليدي، مشيرا إلى أن هذه الدورة “استحضرت الدور البارز الذي يقوم به صاحب الجلالة في ضمان وحدة البلاد والاستقرار والتنمية”، وهي الدورة الثانية، بعد الأولى للمركز الجامعي للدراسات والبحوث الإفريقية ومسلك الدراسات الإفريقية بشراكة مع مجلس النواب في موضوع العمل البرلمان وأفاق التعاون المغربي الإفريقي.
من جهته، قال محمد الغالي، وهو مدير مختبر الأبحاث القانونية وتحليل السياسات بجامعة القاضي عياض، “إن الخطاب العاطفي بخصوص قضية الصحراء مع المتلقي الآخر الذي لا يفهم القضية ولا يعرفها يجعله لا يتفاعل معنا بالشكل المطلوب”، مشيرا إلى أن خطاب “الصحراء مغربية وستبقى مغربية للأبد” يصلح فقط فيما بيننا نحن الذين نتقاسم نفس الآمال والآلام والمشاعر.
وركّز الغالي خلال مداخلته، على الجانب التواصلي الذي نكون فيه قادرين على طرح القضية من منظوراتها الإنسانية، مؤكدا على أنه إذا ما ركزنا على هذا البعد الإنساني الذي تتقاطع فيه الجغرافيا والتاريخ وكل العناصر المكونة للوجدان، فأكيد أننا “سنستطيع أن نصل إلى تلك المصفوفة التي يمكن أن تساعدنا على الدفاع بشكل عقلاني على قضية وحدتنا الترابية خاصة في هاته الظروف والتحولات الجيوسياسية واستراتيجية، دون إغفال عامل المصلحة”.
عبد الحميد بن خطاب هو الآخر يتقاسم نفس الرأي مع الغالي، إذ أشار إلى أنه “في كل مرة نتحدث فيها عن وحدتنا الترابية ينتابنا الشعور بالوطنية وبالحماس وبعض الأحيان بالتشنج”. فالنسبة لبنخطاب، فإن “النقاش حول قضيتنا المصيرية يجب أن يكون عقلانيا وان يعتمد على تقنيات علمية دقيقة من أجل تفكيك طروحات الانفصالية والطروحات المناوئة للطرح المغربي وتدعيمه وفق منظور عقلاني وكوني”.
وأضاف المتحدّث ذاته، أنه “خلال 45 سنة الماضية بنينا خطابا حول الهوية الوطنية وقضيتنا الوطنية لكنه خطاب نستهلكه فيما بيننا ونعتمده كمرجع أساسي، غير أنه عندما نتجاوز الحدود المغربية وعندما نتحدث مع الآخرين تعوزنا الحجج واللغة وطرق الترافع”.
وشدّد أستاذ العلوم السياسية على أنه “آن الأوان للبحث عن طرق بديلة للترافع وتأسيس خطاب مقنع لتفكيك الخطاب المناوئ، وليس بالضرورة أن نعتمد الطرق الرسمية المتداولة في وسائل الإعلام ولكن طرق يمكن من خلالها أن نصل إلى وجدان وعقل الذي نخاطبهم وهم في الغالب أجانب لا يمتلكون نفس الحس الوطني الذي نمتلكه”.
الإعلامي والخبير في التواصل، سعيد الخمسي، يرى أن “ضعف خطابنا في الترافع عن وحدتنا الترابية لا يمكن في كونه عاطفيا فقط، بل أيضا في نوعية المصطلحات المتداولة فيما بيننا وفي إعلامنا”.
وأوضح الخمسي على أنه “هناك أربع فئات فوق تراب تندوف بمسمياتها الحقيقية، هناك فئة قليلة لها فعلا وجهة نظر انفصالية وهي حقيقة ميدانية لا يمكن إخفائها، وهناك مواطنون جزائريون في المخيمات وهي مشكلة جزائرية شبهها بـ”الميليشيات التي كانت في جنوب لبنان”، وهناك الهاربون من القانون من التشاد ومالي، ثم هناك فئة أخرى محتجزة، وكل فئة في القانون الدولي لها صيغة في التعامل”.
وأشار المتحدّث ذاته، إلى أنه “بسبب خطابنا العاطفي والمحلي هناك من يقول أن المغرب لديه قضية عادلة بترافع ضعيف”، لافتا إلى أن هذا الأمر “يجب أن يخضع لهندسة التكوين والتحليل وبناء البرامج والتنفيذ دون أن نغفل ضعفنا في اللغات العالمية وفشلنا في توظيف كفاءات مغاربة العالم في هذا الترافع”.
تعليقات الزوار ( 0 )