“التواصل السياسي في الفضاء الجهادي بالمغرب” كان موضوع بحث لنيل شهادة الدكتوراه، تقدم به الطالب الباحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، والمستشار الإعلامي بجريدة بناصا نور الدين لشهب.
وتمت مناقشة الدكتوراه من طرف الطالب الباحث أمام لجنة مكونة من مصطفى الغاشي، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانيه بتطوان، بصفته رئيسا للجنة، والطيب بوتبقالت، أستاذ التعليم العالي بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة، طنجة، وعبد الرحيم المنار اسليمي أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال/الرباط، وعبد الله بوصوف، الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، وأحمد بوجداد، أستاذ التعليم العالي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية-اكدال/الرباط، وشكيب اللبيدي، أستاذ التعليم العالي مؤهل بمدرسة الملك فهد العليا للترجمة، طنجة.
وخلصت الأطروحة إلى أن البيئة العامة بجميع مكوناتها الاجتماعية والجيو-سياسية والاقتصادية والثقافية عاملا مركزيا في خلق القابلية للاستقطاب داخل التنظيمات الجهادية، وذلك بتطعيمها بثقافة من الرفض والتمرد والإحساس بالتمييز والظلم.
ومن النظرة الفاحصة لنتائج الدراسة، يرى لشهب أن الأسس النظرية والفكرية التي تستعملها التنظيمات “الجهادية” في بلدان المهجر في عملية الاستقطاب للقيام بعمليات عنف عبر العالم ما هي إلا قراءة انفرادية من جانب التنظيم تهدف إلى تغذية الشعور بضرورة الانخراط في مجتمع وتنظيم كبير للدفاع عن قيم دينية قد تخلق معها قراءات تقدمها عدد من الدول الإسلامية من بينها المغرب.
واعتبر لشهب أن الاختلاف بين الفاعل الرسمي والفاعل غير الرسمي داخل المجتمع في وجهات النظر الفقهية والشرعية حول عدد من المفاهيم الإسلامية كالخلافة مثلا قد يغذي المزيد من عدم الاستقرار، وقد يكون عاملا موجها نحو الارتماء في التنظيمات الجهادية، كما أن الاختلال وعدم التكافئ في استعمال العمليات التواصلية الحديثة بين الفاعل الديني الرسمي والتنظيمات “الجهادية” قد يكون أحد عوامل تفوقها نحو المزيد من الاستقطاب.
وتؤكد الأطروحة أن التمييز في عمليات التواصل بين التنظيمات “الجهادية القديمة، والتنظيمات الجهادية التي ظهرت في السنوات الأخيرة، فتنظيم “القاعدة” مثلا ظهر في سياق استراتيجي محدد، كان محط أنظار العالم في رقعة واحدة بجميع قياداتها التاريخية رموزها التي اشتهرت بالتنظير والتأصيل، في مقابل ذلك فالتنظيمات التي ظهرت مؤخرا من قبيل “داعش” فقد استفادت من أدبيات الحركات الجهادية ومن التغيرات الاستراتيجية والتقنية، فتنظيم القاعدة كان يعتمد على تنظيم الجهاد في الاستقطاب وعلى آلياته التنظيمية القديمة التي تعتمد على المساجد والأندية واللقاءات الفردية، وقليل من الانترنت كالمنتديات الجهادية، وكانت دعوتها تراعي المسالة الأمنية. أما داعش فقد ظهرت في زمن الرقمنة والصورة والإخراج، حيث نجد أن مصانع إنتاج أفلامها تشبه أفلام هوليود، وحتى مجلاتها فهي فاخرة مقارنة بمجلات القاعدة كالبتار ومجلة الأنصار والتي لم تتعد 28 عددا، أما مجلة دابق فكأنها خرجت من كبريات الإنتاج.
الباحث والإعلامي لشهب، كشف من خلال أطروحته أن عملية الاستقطاب بين الحركات الإسلامية المعتدلة والحركات الجهادية المتطرفة، وهذا التمييز يعود إلى الأصول الاجتماعية والثقافية للفئات المستهدفة بالاستقطاب، فأغلب المستقطبين عند الحركات الإسلامية التي توصف بالاعتدال هم من الطبقات الوسطى، يؤمنون بالعيش المشترك ولهم أحلام وأشواق يريدون تحقيقها، بينما المستقطبون لحساب الحركات “الجهادية” المتطرفة فأغلبهم من ذوي السوابق القضائية، حيث نجد الكثير منهم سبق وأن تورط في عمليات عنف كالسرقة والاعتداء وتجارة المخدرات، كما أن جلهم أميون لم يكملوا مسيرتهم الدراسية ويقيمون في أحياء هامشية يسودها البؤس والشعور بالتهميش والظلم، وهكذا فالحركات الإسلامية تستقطب فئات من المجتمع ليعيشوا في سبيل الله، بينما الحركات “الجهادية” تستقطب فئات ليموتوا في سبيل الله.
وذهب الباحث المذكور إلى أن خطاب الحركات المعتدلة لا يمكن أن ينافس خطاب ومراجع الصحوة “الجهادية” الذي يبدأ من الاستعلاء الإيماني إلى التحرر من الطغيان والفساد، فالحركة الإسلامية تدرك أن الحديث مع السلفية “الجهادية” لا يجدي نفعا لأنها داخل قرارات نفسها تؤمن بكل ما تؤمن به تلك الحركات، والخلاف حول التكتيك فقط، فلا يمكن حسب الباحث ذاته للحركات المعتدلة رفض القول إن “ما يجري في بورما من تقتيل للمسلمين لا يحتاج إلى جهاد، أو أن تحرير فلسطين لا يحتاج إلى جهاد، الخلاف سيكون حول التكتيك وليس حول الاستراتيجية”.
وبعد نقاش جاوز أربع ساعات أمام أعضاء اللجنة، حصل الباحث والزميل نورالدين لشهب على شهادة الدكتوراه بدرجة مشرف جدا مع تهنئة أعضاء اللجنة والتوصية بالطبع.
تعليقات الزوار ( 0 )