Share
  • Link copied

أسمهان الوافي: الطريقة التي نُنتج بها الطعام اليوم ليس الأفضل على الإطلاق

قالت أسمهان الوافي، التي تشغل منصب كبير العلماء في منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) إنه من خلال البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي والبيولوجيا الجزيئية، يمكن فهم ماهية الغذاء، وما يعنيه، وما الذي يجعل المرء بصحة جيدة أو العكس.

جاء ذلك خلال مقابلة صحيفة “La Tercera” التشيلية، مع العالمة المغربية، التي أكدت من خلالها أن المستهلك هو صاحب الكلمة الأخيرة في السوق مستقبلا إذ أدرك ما ينبغي له أن يستهلك.

وذكر المصدر ذاته، أنه بصفتها أول عالمة رئيسية في منظمة (الفاو)، فهي ملتزمة بتحسين الزراعة وتحويلها من خلال تكنولوجيا يمكن الوصول إليها اقتصاديا، وقابلة للتطوير والتصدي لتغيرات المناخ وتزايد درجات الحرارة.

وتقدر منظمة الأغذية والزراعة، أن حوالي 690 مليون شخص يعانون من الجوع، وهو ما يمثل 8.9 في المائة من سكان العالم.

وأوضحت العالمة المغربية، أن هناك العديد من التغييرات التي حدثت اليوم، وذلك بفضل الابتكارات الجديدة وفهمنا الأفضل لأنظمة التغذية، على عكس ما كان عليه الأمر في الماضي، حيث كان معظم الناس يعانون من الجوع والفقر.

ولمعالجة نقص الجوع، تعاملنا مع ذلك بالحديث عن الكربوهيدرات، وإعطاء الناس المحاصيل الأساسية، للتأكد من أن بطونهم ممتلئة، لكن بعد الثورة الخضراء التي حدثت في الستينيات وزيادة الإنتاجية، ما زلنا نواجه نفس المشاكل إلى حد ما، لاسيما الفقر، وسوء التغذية.

وهكذا، تضيف المتحدثة ذاتها، فإن تفكيرنا اليوم مختلف، إذ أننا لا نفكر فقط في تقديم الطعام لتجنب المجاعة ولكن في توفير التغذية السليمة، والتركيز على بعض المغذيات الدقيقة والفيتامينات والبروتينات، لأننا نعلم أنها مهمة جدًا لنمو الأطفال، خاصة في الألف أو الألفي يوم الأولى.

واسترسلت أسمهان الوافي، أن منظمة “الفاو” تعتمد على البيانات ضخمة والذكاء اصطناعي في عملها، حيث تقوم الهيئات بإجراءات وتحاليل أفضل لفهم ما يجري، وذلك بالاعتماد على الابتكارات الأخرى في العلوم البيولوجية، والبيولوجيا الجزيئية.

ويمكننا أن نفهم بشكل أفضل ما يحدث في البروتينات أو الإنزيمات، حيث يساعدنا ذلك في فهم ماهية الطعام، وما يعنيه، وما الذي يجعل الإنسان بصحة جيدة وما لا يجعله، وما هو تأثير عدم وجود عناصر غذائية معينة.

وأوضحت أسمهان، أنه بهذه المعلومات سيتغير تفكير المستهلك، وسيكون قادرا على تحديد ما سيُطلب من السوق، وبالتالي سيتعين إنتاجه بطريقة أفضل وأكثر تغذية.

وعلى صعيد آخر، قالت المتحدثة ذاتها أن المنظمة تدرك جيدا أن هناك تغييرا في المناخ، لكن لا يمكن إيقاف كل شيء فجأة والتقليل من غازات الاحتباس الحراري، بل يجب أن نتكيف مع تغير المناخ، الشيء الذي سيجبرنا على تطوير أنظمة غذائية أفضل.

وشددت الوافي على أن الطريقة التي ننتج بها اليوم ليست هي الأفضل، وليست بالفعالة، بل يجب علينا استخدام الابتكار لتحقيق الأهداف المنشودة.

وعلى سبيل المثال، أشتغل مع بعض الزملاء في ورقة بحثية حول الحاجة إلى تغيير نظام المحاصيل، وذلك بالاعتماد على تقرير EAT-Lancet، الذي صدر في عام 2019، مما سيساعدنا على فهم الأسباب بشكل أفضل لمواجهة سوء التغذية وما نحتاج لتجنبه.

نأخذ هذه البيانات ونقول: إذا كنا بحاجة إلى كل هذه العناصر الغذائية لجميع السكان، فما الذي نحتاج إلى إنتاجه، وما نقترحه هو أننا بحاجة إلى تغيير حوالي 50 مليون هكتار من المحاصيل الأساسية، مثل الأرز أو الذرة، على سبيل المثال، نحو المحاصيل المغذية، والتي تتكون في الغالب من الفواكه والخضروات.

ولفتت الوافي إلى أنه عند الحديث عن الزراعة، فإننا لا نتحدث عن التوسع في أراض جديدة، ولكن استخدام الأراضي التي لدينا بطرق أخرى، لأنه عندما نتوسع في أراض جديدة، فإننا نزيل الغابات ونلحق الضرر بالنظام البيئي ولا نستخدم الأرض التي لدينا بأفضل طريقة.

اليوم، نحتاج أن نرى ما ننتجه، وأن نزرع المحاصيل المناسبة، وبالطريقة الصحيحة، فنظام الري مثلا، كان مهما جدا قبل تغير المناخ، وكانت النماذج واضحة جدًا، ومعروفة عند هطول الأمطار، ولكن الآن، تغير هذا، فصار لدينا ري تكميلي، وزراعة أكثر ذكاءً.

وأضافت، أن أحد المحاصيل التي تمت صناعتها قابل للتطوير وتحتاج إلى إجراء المزيد من الأبحاث، لأنه في الطبيعة لدينا الآلاف والآلاف من الأنواع، نظير البحر الذي يحتوي على العديد من النباتات التي تعيش هناك.

كما يجب أن نبحث عن أنواع جديدة، ومحاصيل بديلة، وأنظمة زراعية جديدة، وأن نشتغل على المجال البحري الذي يمثل 97 في المائة مما لدينا على كوكب الأرض.

من جانب آخر، لفتت الوافي أنه للتخفيف من حدة الفقر يجب التفكير في الأشخاص الذين ينتجون ويعيشون من الزراعة أو المزرعة، إذ أن معظم الطعام يأتي من المزارعين الأشد فقرًا وكبار السن، وسيكون الدفع لهم مباشرة أفضل وسيلة لمساعدتهم عوض الوسيط الثاني أو الثالث.

ويظهر عائد الاستثمار في الزراعة أن أقل عائد للمزارعين، ثم هناك جزء لمن يقوم بمعالجتها ونقلها، لكن حصة الأسد تعود للمحلات التجارية، وإذا تمكنا من الشراء مباشرة من المنتجين فسيكون ذلك مفيدا للغاية، وأن يكون المرء على دراية بالبصمة الكربونية، واختيار المنتجات التي تأتي من مسافة 10 كم بدلاً من آلاف الكيلومترات.

وطالبت أسمهان الوافي في ختام حديثها مع الصحيفة التشيلية، الحكومات بضرورة الكف عن دعم منتجات السكر، والدهون والزيوت، التي لا ينبغي دعمها، لافتة إلى أنه إذا أردنا الانتقال إلى نظام غذائي صحي، فيجب أن ندعم التغذية الصحية بدلاً من ذلك.

Share
  • Link copied
المقال التالي