عادت أزمة حزب الأصالة والمعاصرة إلى الواجهة من جديد، بعدما قرّرت إبتسام عزاوي، عضو المكتب السياسي لـ”البام”، والنائب البرلمانية عنه، الخروج عن صمتها، والكشف عن الأسباب التي دفعتها إلى تجميد عضويتها التنظيمية داخل “الجرّار”، قبل شهور قليلة على الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، التي يعوّل عليها الحزب لتحقيق نتيجة تمكنه من دخول الحكومة.
وكانت عزاوي، التي اعتبرت في السنوات الماضية، من أبرز الوجوه الشّابة داخل “الجرّار”، قد أعلنت، في الـ 16 من فبراير الجاري، عن تجميد عضويتها التنظيمية داخل حزب الأصالة والمعاصرة، مع استمرارها في أداء مهمّتها البرلمانية إلى غاية نهاية الولاية الحالية، دون أن تكشف، وقتها، عن الأسباب التي دفعتها لاتخاذ هذا القرار الذي بدا مفاجئاً للبعض.
وبعد ساعات من خطوتها، قررت إبتسام عزاوي، أن تخرج عن صمتها، حيث كتبت في تدوينة على حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “لم أكن أرغب في الخوض في أسباب تجميد عضويتي التنظيمية داخل حزب الأصالة والمعاصرة، فهي واضحة لكل متتبع للشأن الحزبي والسياسي ببلادنا، وقد سبق لي ولمرات عديدة أن عبرت عن بعضها”.
وأكدت عزاوي، بأن ما دفعها لكشف أسباب تجميد عضويتها، هو “بعض التأويلات تحت الطلب”، مضيفةً أن قرارها المتخذ قبل يومين، فكرت “فيه منذ أكثر من سنة، منذ انعقاد المؤتمر الأخير (واقعة الجديدة)، والذي على خلاف كلّ المؤتمرات السابقة غاب فيه بشكل تام النقاش السياسي حول أطروحة الحزب ومرجعيته وتوجهاته ورهاناته المستقبلية”.
وأوضحت بأن المؤتمر المذكور، كان “تقنياً صرفاً هدفه تغيير قيادة بأخرى، والقيام بتعديل جيني لـ ADN الحزب، وتحويله إلى حزب جديد بأجندة جديدة أقصى طموحها استحقاقات 2021″، مردفةً بأن تجميد عضويتها جاء أيضا، بسبب ما أسمته بـ”انحراف البام المعدل عن روح مشروع التمغربيت، وهجرانه من طرف غالبية مؤسسيه ومفكريه ووجوهه البارزة التي أغنت مرجعيته ووثائقه السياسية”.
ونفت عزاوي، أن يكون لقرارها أية علاقة بالأشخاص، متابعةً بأن خطوتها تهم “مآل مشروع مجتمعي حداثي ولد كبيرا بتطلعات كبرى مستوعبة لطموحات المغربيات والمغاربة المتشبثين بأصالتهم والمتطلعين إلى المستقبل… والذي للأسف فقد كل مقروئية وتحول لمكون سياسي عادي ولآلة انتخابية بدون بصمة سياسية”.
وواصلت تعداد الأسباب التي جعلتها تجمد عضويتها في حزب “الجرار”، بالقول إن الخطوة جاءت أيضا، بسبب إيمانها “العميق بأن العمل السياسي النبيل يتطلب التحلي بالمسؤولية والوضوح في المواقف السياسية ومطابقة القول للفعل”، إضافة إلى ما وصفته بـ”التدبير الفردي الحالي الرافض لعقد دورة للمجلس الوطني”.
وأشارت عزاوي إلى أن كلّ الأحزاب عقدت دورة وأكثر لمجالسها الوطنية، بغيةَ انتخاب مكتب سياسي بشكل ديمقراطي يحظى بالشرعية وبثقة برلمان الحزب، ويتحمل مسؤوليته في تدبير المرحلة، مسترسلةً بأن تجميد العضوية جاء أيضا، بسبب اقتناعها التام “بأن روح حزب الأصالة والمعاصرة الأصلي، قد غادرت الهيكل الحالي”.
وأعربت عزاوي في ختام تدوينتها عن أملها في أن تستقر روح حزب الأصالة والمعاصرة، في “جسد جديد”، لأن “راهنية المشروع أقوى من أي وقت مضى ومغربنا لا زال محتاجاً لديناميات سياسية جديدة تحدث القطائع اللازمة مع الممارسات التي نرت الشابات والشباب والأطر والكفاءات من العمل الحزبي”، على حدّ قولها.
وهذا، وكان حزب الأصالة والمعاصرة، قد عرف ما وُصف بالهجرة الجماعية، مباشرةً بعد المؤتمر الوطني الذي احتضنته مدينة الجديدة في فبراير من السنة الماضية، والذي عرف صراعاً محتدماً وصل إلى حد الاشتباك بالأيدي، قبل أن يُسفر في النهاية، عن انتخاب عبد اللطيف وهبي، أميناً عامّاً جديداً لـ”الجرار”، خلفاً لحكيم بنشماش، وهو ما رآه عدد كبير من الأعضاء، انحرافاً عن المشروع.
وزادت تصريحات وهبي التي اعترف فيها بما قال إنه أخطاء ارتكبها الحزب في الماضي، ومساهمته إلى جانب العدالة والتنمية، في دفع الشباب إلى العزوف عن المشاركة السياسية والانتخابية، بسبب ما اعتبره صراعات بعيدة عن اهتمامات المواطنين، _ زادت _ من غضب أعضاء “البام”، الذين انتقدوا أمينهم العام الجديد، في تصريحات إعلامية وتدوينات فيسبوكية، في أكثر من مناسبة.
يشار إلى أن مجموعة من المنتمين لحزب الأصالة والمعاصرة، خصوصاً في جهة الشّمال، اختاروا الانسحاب من التنظيم مباشرةً بعد المؤتمر المثير للجدل الذي احتضنته مدينة الجديدة، متوجهين صوب حزب التجمع الوطني للأحرار، والاستقلال، فيما فضّل آخرون، الابتعاد عن السياسة لغاية ظهور تجربة جديدة تحمل مشروع “البام”.
تعليقات الزوار ( 0 )