في تصريح قوي يعكس الموقف العربي الرافض لتهجير الفلسطينيين، رفض العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني اقتراحًا قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقضي بتهجير سكان غزة وإعادة توطينهم في دول أخرى، بما في ذلك الأردن.
وجاء ذلك خلال لقاء جمع الملك عبد الله بالرئيس ترامب في البيت الأبيض يوم أمس (الثلاثاء)، حيث أكد العاهل الأردني أن “الأردن يرفض بشكل قاطع أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية”، معتبرًا أن “هذا هو الموقف العربي الموحد”.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، فإن الملك عبد الله كان واضحًا في رفضه لخطة ترامب، مؤكدًا أن الأولوية يجب أن تكون لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها، ومعالجة الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الفلسطينيون.
وأكد في بيان نشره على وسائل التواصل الاجتماعي أن “تحقيق سلام عادل على أساس حل الدولتين هو الطريق لضمان الاستقرار الإقليمي، وهذا يتطلب قيادة أمريكية”.
ترامب: “سنأخذها، سنحتفظ بها، وسنعتني بها”
وقبل ساعات من لقاء الملك عبد الله، أثار ترامب جدلًا واسعًا بتصريحات نقلتها “نيويورك تايمز” قال فيها إن الولايات المتحدة لديها السلطة “لأخذ غزة”، مؤكدًا أن بلاده ستسيطر على المنطقة التي وصفها بأنها “منطقة دمرتها الحرب”.
وأضاف ترامب: “سنأخذها، سنحتفظ بها، وسنعتني بها”. هذه التصريحات جاءت في إطار ضغوط يمارسها ترامب على الأردن ودول عربية أخرى لقبول خطة تقضي بتهجير نحو مليوني فلسطيني من غزة وإعادة توطينهم في دول مجاورة.
لكن الملك عبد الله، الذي وصف اللقاء بـ”البناء”، كان واضحًا في رفضه لهذه الخطة، مؤكدًا أن الأولوية يجب أن تكون لإعادة إعمار غزة دون تهجير سكانها، ومعالجة الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الفلسطينيون.
رفض عربي واسع
وجاء لقاء الملك عبد الله مع ترامب بعد أسبوع من تصريحات الأخير التي اقترح فيها أن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على غزة، وأن تقوم الأردن ومصر بإعادة توطين الفلسطينيين.
وقد رفضت كل من الأردن ومصر هذه الفكرة على الفور، حيث أكدت مصر في بيان لها أن “الفلسطينيين يجب أن يبقوا في وطنهم”، بينما قدم البرلمان الأردني الأسبوع الماضي مشروع قانون يمنع إعادة توطين الفلسطينيين في المملكة.
مخاوف أردنية من تفاقم التوترات
ويعيش في الأردن أكثر من 12 مليون مواطن، أكثر من نصفهم من أصل فلسطيني. كما تستضيف المملكة حوالي 700 ألف لاجئ، معظمهم من السوريين الذين فروا من الحرب في بلادهم.
ويخشى المراقبون من أن استقبال مليوني فلسطيني إضافي قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين المواطنين من أصل فلسطيني وغيرهم، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعانيها الأردن.
ترامب يهدد بقطع المساعدات
وفي محاولة لزيادة الضغط على الأردن، هدد ترامب بقطع المساعدات الأمريكية عن المملكة ما لم توافق على استقبال الفلسطينيين.
وتقدر المساعدات الأمريكية السنوية للأردن بأكثر من 1.5 مليار دولار، وهي مساعدات تعتبر حيوية لاستقرار المملكة. ومع ذلك، بدا ترامب أكثر مرونة خلال اللقاء، حيث قال إن الولايات المتحدة “تفوق هذه التهديدات”.
عرض استقبال الأطفال المرضى
وفي محاولة لتخفيف حدة التوتر، عرض الملك عبد الله استقبال 2000 طفل فلسطيني يعانون من أمراض مثل السرطان لتلقي العلاج في الأردن.
ووصف ترامب هذا العرض بأنه “بادرة جميلة”، رغم أن محللين أشاروا إلى أن الأردن كان قد أعلن سابقًا عن استعداده لاستقبال أطفال مرضى من غزة.
تحذيرات من تفاقم الأزمة
ويعتقد خبراء أن اقتراح ترامب بتهجير الفلسطينيين قد يزيد من تأجيج الصراع في المنطقة. وقال جوناثان بانيكوف، مدير مبادرة أمن الشرق الأوسط في مجلس الأطلنتي، إن “قادة المنطقة يحاولون موازنة وضع يزداد عدم استقرارًا”، مضيفًا أن “اقتراح ترامب يشبه إضافة الكيروسين إلى نار مشتعلة بالفعل”.
وفي ظل تصاعد التوترات في غزة وتهديدات ترامب بتهجير الفلسطينيين، يبدو أن الموقف العربي الموحد الرافض لهذه الخطوة يشكل حاجزًا أمام أي محاولة لتغيير الوضع القائم.
ومع استمرار الأزمة الإنسانية في غزة، تبقى التساؤلات قائمة حول الدور الأمريكي في المنطقة، وما إذا كانت إدارة ترامب ستتبع سياسات تعزز السلام أم تؤجج الصراع.
تعليقات الزوار ( 0 )