حذر تقرير صادر عن المعهد الدولي للدراسات النسقية “إيفياس” فرع شمال إفريقيا والشرق الأوسط، المعنون بـ”نحو نموذج تنموي قوامه التربية”، من عواقب عدم المساواة في الثروات وتمكين جميع فئات المجتمع منها، ومن عدم المساواة في المؤهلات، مشيرا إلى أن هذين العاملين ينذران بشرخ داخلي وخارجي.
وقال معدو التقرير، أن النمو الإقتصادي “قد يعطي مغربا بثروة اقتصادية كبيرة، لكن ربما تنقصه القيم الإنسانية التي ترقى به إلى مصاف الدول العادلة اجتماعيا، والمبدعة ثقافيا، والمتماسكة اجتماعيا”، ولتحقيق هذه الغاية، يؤكد التقرير على حتمية نهج مقاربة نسقية تستحضر الأبعاد الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والتكنولوجية والإيكولوجية والقيمية والأمنية، وذلك من أجل بلورة نموذج تنموي يحقق أهداف المجتمع المتضامن والإقتصاد القوي والدولة العادلة.
وترتكز رؤية الباحثين الأربعة الذين أنجزوا التقرير، عبد الناصر ناجي ومحمد ستيتو والحبيب عمي وحميد أبو شادي، عل ضرورة جعل الإنسان العنصر المحوري للنموذج التنموي المأمول، على أن يكون هذا الإنسان متمكنا من كفايات النهوض الإقتصادي، وملما بمعارف التمكين التكنولوجي، ومتشبعا بقيم السمو الحضاري.
ولإنجاح النموذج التنموي وضع التقرير ثلاث ركائز أساسية، وهي: الديمقراطية التشاركية القائمة على دولة الحق والعدالة وأحزاب قوية ومجتمع مدني مستقل، والتربية الناجعة التي تمكّن الإنسان المغربي من تحقيق مخرجات النموذج التنموي بالفعالية التامة، وثالثا وأخيرا اقتصاد دامج يحقق الرفاهية المطلوبة لجميع أفراد المجتمع، دون فوارق صارخة لا اجتماعيا ولا اقتصاديا.
وأكد المصدر ذاته، على أن المغرب شهد خلال العقدين الأخيرين، مجموعة من الإصلاحات المهمة، التي طالت مختلف المجالات السياسية والإجتماعية والإقتصادية، كما شهد ايضا نقلة نوعية في البنى التحتية في مختلف مناطق البلاد، فضلا عن فتح عدد من الأوراش الكبرى.
والسؤال الذي يطرح نفسه حسب التقرير، يتمثل في ماهية أثر جميع الإصلاحات التي تعرفها المملكة على غالبية المواطنات والمواطنين، ومن خلالهم على المجالات الإجتماعية والإقتصادية بالبلد، مشيرا إلى أن الجواب عن هذا السؤال، “ليس يسيرا لأنه يتطلب التمحيص في مؤشرات مختلفة ومتنوعة يتم استخراجها من مصادر ذات مصداقية علمية”.
وفي الوقت الذي لازالت تتباين فيه رؤى المحللين حول سلّم الأولويات في برمجة الإصلاحات، أكد تقرير”إيفياس”، أن شرائح اجتماعية عريضة في المغرب ما زالت تعاني من التهميش والبطالة وتدني الأجر وعدم ديمومته، وكذا ضعف الإستفادة من الخدمات الأساسية الحيوية، كالصحة والتربية والتكوين.
وعزز معدو التقرير رأيهم حول “قصور السياسات التنموية المتبعة، حتى الآن، عن تحقيق ما يصبو إليه المغرب من تقدم ورخاء”، بما جاء في الخطاب الملك محمد السادس، الذي ألقاه في افتتاح السنة التشريعية 2017، حيث دعا الفاعلين المعنيين كل في مجال اختصاصه إلى “إعادة النظر في نموذجنا التنموي لمواكبة التطورات التي تعرفها البلاد”.
وخلص التقرير الذي أعده المعهد الدولي للدراسات النسقية “إيفياس” فرع شمال إفريقيا والشرق الأوسط، إلى أن الرقي الحضاري الذي ينشده المغرب لا يمكن أن يتم من خلال المراهنة على النمو الإقتصادي وحده، بل لا بد أن يكون مؤسسا على القيَم.
تعليقات الزوار ( 0 )