Share
  • Link copied

الدكتور الطيب بوتبقالت يكتب عن إشكالية العبودية والرق بالمغرب

لا تبدو الأسئلة التي تطرح راهنيا حول إشكالية العبودية والرق بالمغرب أسئلة بريئة، أعني بذلك تلك الأسئلة التي ليس من دافع وراءها سو heى الفضول العلمي المرتبط أساسا بتاريخ المغرب في أبعاده الزمانية المختلفة و ظرفياته المكانية المتغيرة. هناك من يتساءل بصريح العبارة عن مكانة “الإنسان الأسود المغربي” و لماذا تم إقصاؤه أو تغييبه في جل، إن لم يكن في كل الكتب والدراسات التاريخية المغربية، قديمها و حديثها.

الواقع أن مشروعية هذا التساؤل لا تلغي قابلية التشكيك في الجدوى من طرحه هنا و الآن، وذلك راجع على ما يبدو لأسباب تتأرج بين الجهل و التجاهل لتاريخ المغرب رغم شح مصادره المرجعية، هذا مع الإضافة إلى عدم مصداقية الكثير من المؤلفات ذات الطابع الكولونيالي التي تدعي الإحاطة بمراحل تطوره لتؤولها تأويلا”لحاجة في نفس يعقوب”.

إن النسيج الاجتماعي المغربي، من حيث تطوره التاريخي، قبل ظهور القبائل المغربية، هو عبارة عن فسيفساء من الأقليات الوافدة على بلاد المغرب من مناطق متعددة منذ فجر التاريخ عبر هجرات بشرية متلاحقة بين مد و جزر، وهذا بالظبط ما يسجله في فترتنا الراهنة تاريخ المغرب المعاصر.

فيما يخص العنصر المغربي من أصول إفريقية، وأعني بذلك المغاربة من ذوي البشرة السمراء، فإن وجوده كان دائما حاضرا في الأحداث والوقائع الكبرى التي ميزت التاريخ المغربي، لا سيما منذ العهد المرابطي حيث كان له دور فعال في فتح الأندلس. و انطلاقا من ذلك العهد لم يسجل تاريخ المغرب رغم تعاقب السلالات الحاكمة على سدة الحكم ممارسة أية سياسة ممنهجة تستهدف قمع الأقليات وإقصاءها، سواء تعلق الأمر بالأقلية اليهودية أو الإفريقة أو العربية أو حتى المسيحية، وهنا وجبت الإشارة إلى مليشيات مسيحية كانت ضمن الجيش المغربي في خدمة المرابطين و الموحدين تحظى باحترام الساكنة والتعايش معها.

أما الحديث عن تجارة الرقيق و العبودية وربطه بتاريخ المغرب فإنه يشكل خطأ منهجيا نظرا لغياب وضعه في سياقه الكوني منذ ظهور المجتمعات البشرية و تباين طبقاتها الاجتماعية. لقد عرفت كل المجتمعات تقريبا طبقات الأسياد وطبقات العبيد.

و كان الفيلسوف ارسطوطاليس يعتبر العبيد مجرد أشياء تتحرك في خدمة من يمتلكها.

وجاءت الديانات السماوية لتخفف من حدة هذا الوضع، لكنها لم تستطع القضاء عليه. بل إن المد الكولونالي الغربي زاد في الطين بلة، حيث جعل من تجارة الرقيق تجارة مزدهرة ما بين القرنين الخامس عشر والتاسع عشر.

وبالطبع، كان المغرب من خلال قوافله التجارية مع افريقيا والسودان تحديدا، مشاركا في هذه الحركة المبنية على بيع وشراء السلع البشرية. و إلى حدود القرن العشرين كانت هناك عدة أسواق نخاسة في معظم المراكز الجنوبية المغربية وعلى رأسها سوق النخاسة بمراكش. كان السلاطين والأعيان والأسر الميسورة المغربية هم من كانت تعنيهم هذه التجارة، فامتلاك “عبيد”و “خدم” كان بالنسبة لمن “يقتنيهم” بمثابة علو مركزه الاجتماعي ووفرة ترواته.

لم يتحرك الرأي العام المغربي في مواجهة هذه الظاهرة الا عندما أقدم المولى إسماعيل على تجنيد المغاربة السود قسرا ، حيث تظاهر سكان فاس ضد هذا القرار معتبيرنه مخالفا لأخلاق و تعاليم الدين الاسلامي، وكان من بين من أدى الثمن غاليا جراء معارضته للمولى إسماعيل بهذا الصدد هو الفقيه عبدالسلام بن حمدون جسوس الذي أعدم شنقا يوم 2 يوليوز 1709. ومهما يكن من أمر ، فإن مما لاشك فيه أن السلطة السياسية في المغرب لم تتخذ قط من التمييز العنصري ركنا من أركان تعاملها مع الرعية.

Share
  • Link copied
المقال التالي